كيفاش تختار توجيهك الجامعي؟ نصائح من مستشارة    خدمة ''SOS إجراءات'' تعود لمساعدة المؤسسات التونسية في تجاوز التعطيلات الإدارية    النفطي يشارك في حفل استقبال انتظم بمقر إقامة سفيرة فرنسا بتونس، بمناسبة العيد الوطني الفرنسي    زغوان: جلسة عمل بمقر الولاية حول متابعة وضعية التزود بالماء الصالح للشرب في الجهة    بعد مفاوضات دامت 12 ساعة: إلغاء إضراب أعوان الكهرباء والغاز المقرر ليوم 17 جويلية    تسميات جديدة بهذه الوزارة..#خبر_عاجل    إلغاء إضراب أعوان ''الستاغ''    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: هاو كيفاه لازم نتعاملو مع الشنڤال    استشهاد 100 فلسطيني في غارات الاحتلال على غزة    ترامب يهدد روسيا بعقوبات في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أوكرانيا خلال 50 يوما    عاجل/ انقلاب قارب وفقدان 11 شخصا قبالة هذه الجزر..    أزمة ديون الجمعيات الرياضية محور جلسة عمل بوزارة الشباب والرياضة    ريال مدريد يتعاقد مع الظهير الأيسر كاريراس    من كأس العالم إلى باب الخروج.... هل قرر البلايلي المغادرة فعلا؟    الإسبانية بادوسا ستغيب عن ملاعب التنس بعد إصابة جديدة في الظهر    كيفاه باش تكون درجات الحرارة الايامات الجاية وحالة البحر؟    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف بهذه المناطق    طقس اليوم الثلاثاء    الفنانة الفرنسية الهايتية نايكا على مسرح الحمامات: سهرة شبابية ممتعة رغم قصر مدة العرض    برنامج الدّورة 66 لمهرجان سوسة الدّولي    تلوث الهواء يفتك بالملايين سنويًا: الصحة العالمية تكشف عن أرقام صادمة    في الصيف... هل تعلم ماذا تفعل 10 دقائق داخل السيارة بجسم طفلك؟    علاج جديد للسكري يؤخر ظهور الأعراض لسنوات    بشرى سارة للتونسيين: بدائل لتسهيلات الدفع للراغبين في الاصطياف بالنزل..#خبر_عاجل    بسبب حرب غزة.. الاتحاد الأوروبي يدرس إجراءات محتملة ضد إسرائيل    بقرار من إدارة ترامب.. "ناسا" تخفي تقارير عن التغير المناخي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سوريا: حظر تجول في السويداء والجيش يعلن ملاحقة "خارجين عن القانون"    حملة تطهير في منطقة باب بحر: 14 مخالفة صحية وحجز عشرات الكراسي والطاولات    مهرجان سوسة الدولي:"مقام العشاق"في الإفتتاح" والرشيدية في الإختتام    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    انطلاق التسجيل في خدمة الاطلاع على الصيغة الاجمالية للناجحين في البكالوريا عبر الاساليات القصيرة    مدنين: إخماد حريق اندلع بسوق الملابس المستعملة بمدينة مدنين دون تسجيل أضرار بشرية    مباراة ودية: النادي الصفاقسي يفوز على نجم المتلوي 4-1    ديوان الحبوب يؤكد عدم تسجيل أضرار في الحبوب المجمّعة جراء الأمطار الأخيرة    لقاء تونسي - جنوب إفريقي لدعم التعاون الصحّي والابتكار في إفريقيا    شركة نقل تونس: استئناف الجولان على الخط الحديدي تونس-حلق الوادي-المرسى على المسلكين    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    منوبة: وفاة زوجين وطفلهما في انقلاب شاحنة خضر    عاجل/ حجز كميات هامة من اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة بهذه الولاية    القصرين: تقدّم موسم حصاد الحبوب بالجهة بنسبة 76 بالمائة    أسبوع الأبواب المفتوحة : وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصغي للتونسيين المقيمين بالخارج المهتمين بالاستثمار في الفلاحة    عاجل/ ترامب يُمهل بوتين 50 يوما لإنهاء الحرب    من الكاف إلى دبي: توأم التحدي بيسان وبيلسان يسطع نجمهما في تحدي القراءة العربي!    قبل حفلتها في قرطاج : لطيفة العرفاوي توجه رسالة لجمهورها    حرب على التهريب: حجز بضائع بأكثر من 115 مليار في 6 أشهر فقط!    ب360 مليون؟ أجر نجوى كرم في قرطاج يصدم الفنانين و إدارة المهرجان توضح !    7 عادات صباحية بسيطة... تغيّر حياتك من أول أسبوع!    أيام قرطاج المسرحية: متى يعلن عن موعد الدورة الجديدة ؟    الدورة السادسة لمهرجان الفل والياسمين من 13 الى 16 أوت المقبل بمدينة الحمامات    نادي كرة اليد بقصور الساف: "البوزيدي" يرأس الهيئة التسييرية    المنتخب الوطني للجيدو يتحول إلى أنغولا للمشاركة في بطولة إفريقيا    وزير التربية: قبول الحاصلين على معدل 14 من 20 فما فوق لدخول الإعداديات النموذجية    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المركز 71 عالميا    الداخلية السورية تتدخل بالسويداء بعد اشتباكات أوقعت عشرات القتلى    أعلام من بلادي: عزيزة عثمانة .. أميرة الورع والخير    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» في دارفور: «موسم الهجرة»... الى الجنوب (2): «مصائب قوم... عند قوم فوائد»...
نشر في الشروق يوم 30 - 07 - 2010

الخرطوم دارفور (الشروق): كتبت فاطمة بن عبد الله الكرّاي
حين تحدّث الكاتب الأديب، ابن السودان وسليل كل عربي، الطيب صالح (رحمه الله) عن أن الهجرة لا تكون إلا الى الشمال، وذلك في كتابه: «موسم الهجرة الى الشمال» لم يكن ليدور في خلده كأديب أو كإنسان أو كمواطن سوداني، أن الهجرة يمكن أن تصبح يوما نحو الجنوب...
و«دارفور» تتموقع على خارطة السودان، في الجنوب الغربي... تحلو الهجرة إليها لأنها «السلّة» وهي «المطمورة»... أوديتها تحتضن الحياة وتحملها أينما مرت... وخضرتها توفّر المراعي لماشية تقدم أفضل اللحوم الى من يطلب التزوّد بها...
بدت «الفاشر» عاصمة دارفور، مختزلة لكل هذه الحركية التي نسمع عنها عبر الاخبار... فرق أممية عسكرية ومدنية، ومعها فرق عن الاتحاد الافريقي، يجدون أنفسهم مهاجرين نحو الجنوب (أي نحو دارفور) وهم يعيشون «أحلى» أيام حياتهم...
كيف؟
يحلّ هؤلاء بدارفور، وفق اتفاقيات وقرارات، بين الحكومة السودانية وهيئات الأمم المتحدة ذات الاختصاص...
بل وتجدهم يتدافعون من أجل الفوز بتلك المهمة... في «دارفور» الحرب... و«دارفور» الخطر... و«دارفور» الصراع...
كل هذه المظاهر لا تهم... فاليوم الواحد في مثل هذه المهام، العسكرية منها أو الانسانية، يضاهي من حيث المردود المادي والكسب، ما يتقاضاه موظف سام في أي بلد أوروبي أو غربي، في شهر من العمل...
المغريات عديدة، على هذا الصعيد... فأنت تجد الطائرات الصغيرة ومتوسطة الحجم، من التي يعلو طلاءها اسم الأمم المتحدة، مسخّرة لفائدة هؤلاء المكلفين بمهمة هناك في «دارفور»...
تأخذك قدماك الى مطعم، تريده أن يكون على مستوى رفيع من الخدمات... فتجد واحدا، قد اختار له صاحبه مكانا قصيّا، قريبا من المطار... وقد تزيّنت ساحته الكبرى وبدت المسالك المؤدية الى الباب الرئيسي للمطعم، مسالك من تراب وليست من اسفلت نظيفة، معلنة أنك تلجُ فضاء متميزا... وفي مكان لا يؤمّه السودانيون، من أبناء «دارفور» إلا للخدمة...
هذا هو المطعم (تجاري) المخصّص وفق تعريفته باهظة الثمن، الى «أهل الأمم المتحدة»... هؤلاء الذين يحلو للسودانيين نعتهم ب«جماعة اليو.آن U.N»...
حين تدخل الفضاء، الذي لا يقتصر على المطعم فقط، بل على قاعة شاي وربما حوى دون أن أتثبّت من ذلك بعض الانشطة الرياضية والفكرية الاخرى، تتفطّن بسهولة، الى أن المترشحين لنيل تلك المهمات الاممية في مناطق جعلها تضافر قوى الهيمنة بؤرة مشتعلة، يعملون بكل قواهم حتى يفوزوا ب«الجنّة»... و«دارفور» هي فعلا جنّة... شيطنها الاستعمار، استعمار لم يكفّ يوما، عن إيذاء السودان الغني بثرواته...
المعادن الثمينة، والمعادن النادرة... كلها موجودة في «دارفور»... لذلك تعمل عديد الاطراف على إدامة الصراع هناك...
بدا الفارق في «جودة الحياة» شاسعا... بين «أهل دارفور» و«أهل الأمم المتحدة»...
في «مدينة الفاشر» يتوسط السوق المدينة... سوق فيه كل ما يطلب الانسان لتأمين حياة عادية... لكن السلع المطروحة للبيع، لا يمكن أن تجعلك تفكر ولو للحظة أنك في مكان خصوصي... كالسودان، أو «دارفور» بصفة أدق... فهذه لعب الاطفال من آسيا... وبإمكانك أن تعثر عليها في أي سوق عربية... وهذه أوان للطعام... من نفس المصدر... وتلك دراجات، يمكن أن تجد مثلها في أحد أسواق الجزائر أو مصر أو عمان أو حتى العراق...
«دارفور» مثلها مثل المدن والقرى العربية، الغنية منها والمتوسطة فالفقيرة، لا صناعة فيها... حتى وإن همّ الأمر «إبرة» خياطة...
فهذا حالنا... نحن العرب... وهذا وضعنا... وفي ذلك حديث آخر...
بعض مظاهر البناء والتشييد تبدو متأكدة للعيان... وبدا الناس في «فاشر» نساء ورجالا، غير بدينين... «عندنا لا يصاب الناس بمرض السكري أو ضغط الدم... وبالتالي فإن مرض القلب يكاد يكون شبحه بعيدا عنّا»... هكذا يقول شيخ في العقد السابع، استوقفه عنوان كتاب مطروح على أرض الشارع الرئيسي، معروض للبيع... بإمكانك أن تسأل عن السبب... لكن قبل ذلك، يمكنك الرصد البسيط، لنوعية الاكل هناك، ومصادر الزراعة، زراعة لم يلوّثها التعديل الجيني، من الذي عصف بفلاحتنا في جميع أرجاء الوطن العربي.
في «دارفور» تتفطّن أن الحديث عن «البيو» Bio، أي المنتوج الطبيعي الذي لا يتسلل اليه سماد كيمياوي، هو أمر جائز... لذلك تتكوّن الصورة لديك بكل وضوح...
في «الفاشر» عاصمة «دارفور»، لايزال جامع «علي دينار» يتصدّر مدخل المدينة، وقد تربعت بنايته على ربوة... امتزجت ألوانه الاخضر والابيض، بلون التراب المائل الى حمرة... وزادت قصته، قصة السلطان «علي دينار» الذي كان يؤمّن كسوة الكعبة المشرّفة، كل عام، من هيبة المقام... ووزن الاسم... والتاريخ...
في «دارفور» يصوّر الصراع اليوم، عبر الاعلام الغربي والعالمي عموما، على أساس أنه صراع قبلي بين عرب وأفارقة، في حين يؤكد أهل البلاد، على أن الصراع في «دارفور» هو صراع على الزراعة، بين قبائل مستقرّة وتنشط في مجال الزراعة وأخرى قبائل متنقلة بحثا عن المراعي لماشيتها... وهي بطبيعة الحال، قبائل تمتهن تربية الماشية وتعيش منها...
فالى حلقة أخرى: لماذا كل هذا التشنّج في «دارفور» الهادئة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.