شكري بوزيان مطرب تونسي من ذلك الجيل الفني الذي توهج في الثمانينات بأغان تونسية عمّقت علاقة الجمهور بأغنيته وأثّثت الخزينة بأنغام بقيت في الذاكرة. تنفس الموسيقى منذ نعومة أظافره ولما تمرّس بالفن أصبح أستاذا يدرس أسراره وقواعده وأصوله فتخرّجت على يديه أجيال وأجيال.. ورغم ما اكتسبه من احتراف فهو لا يزال هاويا لفنه، عاشقا للموسيقى التونسية ومغرما بها حتى النخاع وهو الى ذلك هادئ وثائر وصابر ومثابر. ليلة 7 أوت القادم سيقف شكري على ركح مسرح قرطاج الأثري ليتوج مسيرة كاملة من العطاء الجاد والمقنع فما الذي يعنيه هذا الحفل بالنسبة لفنان في قيمته، ذاك ما سيجيب بوزيان عنه في هذا الحوار... تعود الى قرطاج بعد 16 سنة من الغياب فما هو انطباعك؟ صحيح أن آخر حفل لي يعود الى صائفة 1994 لكنني صعدت في الأثناء على ركح المسرح الأثري بقرطاج في عدة مناسبات آخراها حفل الرشيدية العام الماضي.. ثم لا تنسى أنني أعتبر أصغر فنان يصعد على الركح نفسه الى حدّ الآن وكان ذلك في سنة 1978 عندما لم يتجاوز عمري ال15 سنة. ومع ذلك أنا أشعر أنني انتظرت كثيرا فرصة إقامة حفل في إطار أمجد مهرجاناتنا والى حدّ الآن لا أملك إجابة عن تجاهلي كل هذه السنوات وقد دأبت على النشاط والانتاج وظللت متشبثا بالفن المحلي وأفنيت جزءا من عمري في خدمة الموسيقى التونسية كما ساهمت بمجهودي الأكاديمي في اكتشاف عديد الأصوات والمواهب والى الآن لا تزال عشرات الأغاني التي قدمتها محبوبة ومطلوبة سواء في المناسبات الخاصة أو العامة وكل ذلك يؤهلني حتما لاعتلاء ركح قرطاج ليس من باب التكريم كما يقال ولكن لتحفيزي مجددا على التطور والمضي نحو آفاق أرحب. هل هذا يعني أنك حققت كل أحلامك ببلوغك مهرجان قرطاج؟ قطعا لا فطموحاتي تظل أكبر من مهرجان قرطاج الذي يعدّ صرحا فنيا شامخا يستحق كل الاجلال والاحترام لقد سخرت حياتي لخدمة الفن التونسي ولذلك أستحق عن جدارة لقب «فنان تونس» ولدي مشاريع مؤجلة أحلم بتحقيقها مثل عمل استعراضي ضخم على ركح مسرح قرطاج فأنا منصهر في توجّه بلادي نحو الأفضل ومتعهد برفع التحديات وهناك أشياء كثيرة لا بدّ من العمل على تغييرها في الشأن الثقافي فالمسؤولية جماعية والذائقة الفنية تواجهها عديد المخاطر ومتى تختفي التدخلات والمحاباة من ثقافتنا قفزنا بالفن نحو الأمام وخلصناه قطعا من عوائق الشدّ الى الوراء. من يكرم من في «فوندو 2010»؟ إنه تكريم متبادل للفن والفنانين فأنا أسعى الى الاحتفاء بمسيرتي والجمهور يطمح للتمتع بأمسية رائقة مع أغان أحبها وردّدها في أفراحه وأخرى يريد اكتشافها ثم إن العرض فرجوي بالأساس وفيه عصارة مجهود فردي سيمثل مفاجأة سعيدة للحاضرين خصوصا في ما يتعلق بتقنية الفيديو التي اشتغلت عليها كثيرا ولا تنسى أن العرض المتنوع يحتفي بالشباب ويقدم كل من أسماء بن أحمد وروضة بن عبد اللّه ونخبة من الاستعراضيين الموهوبين وفي ذلك مساهمة بسيطة مني لضمان التواصل بين الأجيال والمشاركة في احتفال تونس بسنة الشباب. هل تنتظر مساندة زملائك المطربين لك؟ طبعا فأنا صديق الجميع بلا استثناء وكثيرون اتصلوا بي وقدموا لي التهاني على حفل قرطاج لكنني لا أتمنى حقيقة أن يواكبوا السهرة من أولها فالأولى لهم أن يعملوا بما أن العرض يوافق يوم سبت إذ أننا في عزّ موسم النشاط الفني على أنني سأستقبل كل من يلتحق بحفلي منهم بالأحضان.