بات من شبه المؤكّد أنّ الحياة السياسية والحزبية الوطنية على أبواب ترتيبات جديدة تتلاءم مع طبيعة التحوّلات الجارية ومتغيّرات الواقع واستحقاقات المرحلة المقبلة على أكثر من صعيد. وأكّدت مصادر مقربّة من جلّ الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الحاكم التجمّع الدستوري الديمقراطي أنّ استعدادات مختلفة تجري هذه الأيام في علاقة بمتطلبات العمل الحزبي هيكلة وخطابا على المدى القريب في أفق السنتين المقبلتين والمتوسّط على امتداد الخماسية 2014 2019. ومن المهمّ في هذا الصدد الاشارة الى أنّ الحزب الحاكم سارع بتوصيات من رئيسه الى البدء في اعادة ترتيب شؤونه الداخلية سواء على مستوى قياداته المركزية (الأمانة العامة) أو لجان تنسيقه الجهوية وذلك انتظارا لانطلاق تجديد الهياكل القاعدية بداية من النصف الثاني من شهر سبتمبر القادم، هذا الى جانب ما يتردّد في أوساط التجمعيين من وجود قائمات اسمية لكفاءات ومناضلين يُنتظر أن يتمّ دمجهم في ما بات يُعرفُ في أدبيات الحزب الحاكم باستحقاقات الأدوار الجديدة المنتظر الاضطلاع بها خلال المرحلة المقبلة. إعادة هيكلة وخطط عمل وتُشير مصادر مطّلعة الى أنّ الادارة المركزية للحزب الحاكم ستشهدُ قريبا تعديلات واسعة في المهام والمسؤوليات وخطط العمل في اتجاه اضفاء المزيد من النجاعة والفاعلية على الأداء الحزبي وضمان الاعدادات المادية والأدبية واللوجستيّة اللازمة لمرحلة اعادة الهيكلة والتي تمّ الحديث عنها في فترات سابقة والتي من الواضح أنّ الاستحقاقات الوطنية القادمة باتت تستلزمها الآن. على مستوى أحزاب المعارضة، بشقيها، تتّضح شيئا فشيئا بوادر استنهاض للواقع الحزبي والتنظيمي ورغبات في تصحيح العديد من النقائص والسلبيات تأكيدا على الدور المحوري الذي يجب على المعارضة أن تلعبهُ في تقابل مع الحزب الحاكم والتحديات الكبرى التي تعرفها البلاد في أكثر من ميدان. ولا يختلف اثنان في أنّ حالة الحراك المنفتحة هذه الأيام داخل جميع هذه الأحزاب وعلى اختلاف مرجعياتها السياسية والايديولوجية تُكرّس تجاذبا ايجابيا من شأنه أن يدعم قدرات هذه الأحزاب في الأشهر المقبلة، فربّما من المرات القلائل التي يتّجه فيها التباين والاختلاف داخل الهياكل الحزبية المختلفة الى نوع من المقاربات الثرية التي تستهدفُ تقييم المنجز ورصد ملامح الراهن، وهو ما يعتبرهُ عديدون مؤشرا لامكانات واسعة للتصويب والتقويم لاحقا بالنظر لما توفّره تلك المقاربات النقدية والاختلافات من أرضية لضبط مجموع السلبيات والنقائص ولاستشراف أفق واضح لما تستلزمهُ الفترة المقبلة من اصلاحات وترتيبات جديدة ناهيك وأنّ جلّ أحزاب المعارضة معنية وعلى المدى القريب جدّا في مدى لا يتجاوز لدى أغلبها العامين باستحقاقات حزبية على غاية من الأهمية والمتمثّلة في المؤتمرات الوطنية. نصوص ونقاشات وتحالفات وقد شهدت الساحة السياسية مؤخرا صدور نصوص حزبية نقدية في غاية من الأهمية علّ أبرزها النص الذي أصدره الثلاثي حرمل الحلواني الرميلي، هذا الى جانب النقاشات الجارية وسط أكثر من حزب (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، حركة التجديد..) حول ما يجب القيام به خلال الفترة المقبلة لضمان تموقع ايجابي ومتقدّم في خارطة المشهد السياسي مستقبلا. وتتحدث كواليس أكثر من حزب معارض عن جدل قانوني وسياسي وفكري عميق جدّا وعلى درجة عالية من الانفتاح في نقد قيادات الأحزاب وتوجهاتها واختياراتها داخل هياكلها وبين مناضليها مع التأشير الثابت على خطورة تواصل العديد من المظاهر السلبية خاصة على مستوى الانفراد في اتخاذ القرارات أو سوء ادارة وتصريف الشؤون اليومية للأحزاب أو اقصاء وابعاد الكفاءات والتعويل على غيرهم من الموصوفين بالارتزاق السياسي والحزبي وبالمصالح الذاتية الضيّقة والآنيّة . انتخاب وتراتيب كما كانت الأشهر القليلة الفارطة وخاصة في أعقاب الانتهاء من المواعيد الانتخابية الوطنية والتي كان آخرها الاستحقاق الانتخابي ليوم 9 ماي الفارط فضاء للاعلان عن مبادرات للتقريب والتحالف بين أكثر من حزب سياسي على القاعدة نفسها وهي الانتظارات بخصوص الاستحقاقات الوطنية القادمة.