عادة ما تنصبّ التعاليق كلما غصّ مسرح سيدي الظاهر بسوسة بالجماهير حول مسألة تواضع طاقة الاستيعاب وضرورة بناء مسرح يليق بالعروض الكبرى وبالجهة ككل ورغم وجاهة ذلك فإننا لا ننسى عادة قيمة العروض الفنية المتسبب في هذه الكثافة الجماهيرية لأن المقارنات بالعروض الأخرى تغيّب عن بعض هذه الأذهان والتي قد تظلم بعض العروض الأخرى وتحكم عليها بالفشل للغياب الجماهيري وبعيدا عن المعادلة بين القيمة الفنية للعمل والحضور الجماهيري التي عادة ما تكون على طرفي نقيض تحضر مسرحية «التونسي.Com» والتي جسّمت مؤخرا بمهرجان سوسة الدولي نجاعة وتوازن هذه المعادلة. عرض سوسة سوف لن ينساه جعفر القاسمي لا بسبب انبهار الجماهير المكثفة الحاضرة والتي تابع جزء كبير منها العرض وقوفا لامتلاء المدارج فيما بقي العديد خارج المسرح بل انبهر ايضا بمدى تجاوب هذه الجماهير التي شكّلت محرارا للعرض تجانس ومختلف وضعيات هذا العمل المسرحي الطريف والذكي في طرحه الذي قاطع الكوميديا الجوفاء والتي يعتمد اصحابها الحبكة بين نكت سخيفة تستمد من الجنس سطحيته في وضعيات مصطنعة لاتروّج الا الابتذال. إرساليات ممسرحة «التونسي. com» كوميديا ساخرة تستمد عمقها من شواغل المواطن ووجاهتها من وعي سوسيولوجي لا يقطع مع مجالات أخرى بروح بسيكو درامية واجه المتفرّج نفسه داخل مضامينها فانفعل وتفاعل وهزّه طابعها الكوميدي الفني فضحك بضحكات قد تشكّل في ذهنه إشكاليات. عطاء دون فناء..! مثل هذه النوعيات المسرحية تتطلب طاقة خاصة من التعابير من طرف الممثل تساهم بشكل كبير في تجانس النص المكتوب وحياكته مسرحيا، وقد جسّم جعفر في عرض سوسة عطاء غزيرا عكس مدى ثقته وتمكّنه الركحي واتقانه للتواصل مع جمهوره بطريقة لا يعلم سرّها الا هو فأبهر الحاضرين بأدائه. من اتهمني لا يعرف جعفر القاسمي! في لقاء مع جعفر أكد ل «الشروق» ان التوعّك الصحي الذي حدث له مؤخرا لم يكن راجعا الى الارهاق بل الى زكام ازدادت درجته قبل العرض ولكن تمالكه لم يدم على الركح وأضاف قائلا: «من اتهمني بالتمويه او التكالب على العمل دون مراعاة لصحّتي لا أملك أن أقول له الا انه لا يعرف جعفر القاسمي». جائزة مثيرة للتساؤل! تستغلّ بعض الشركات الكثافة الجماهيرية لتوزيع بعض الجوائز وخصصت احدى شركات الأثاث في تلك الليلة جائزة قيّمة أعلن عنها منشط الفقرة قبل العرض وطلب بنتا صغيرة من الجماهير لاختيار عدد حسب الاعداد الموجودة بالتذاكر وقام أحدهم من لجنة تنظيم المهرجان باختيار احدى الفتيات التي سرعان ما قالت الرقم وسرعان ما وجدت الفائزة امامها وهي امها مما أثار الجماهير التي خلقت فوضى بالتصفير والهتاف تجاهلها المنشط ولكن خلّفت اكثر من نقطة استفسار والأهم انها نغصّت متعة الجمهور قبل العرض!