احتضن ركح المسرح الاثري بقرطاج ليلة أول أمس عرض «وصلة» للفنان أسامة فرحات، الذي لم يغن أغنية واحدة على الركح بل عزف مرة واحدة على العود، وتولى قيادة فرقته الموسيقية طوال «الوصلة» بالمسرح الروماني في اطار الدورة السادسة والاربعين لمهرجان قرطاج الدولي. عرض «وصلة» مختلف من حيث مضمونه عن بقية عروض هذه الدورة من مهرجان قرطاج الدولي، فإذا انطلقنا من شروط هذه الدورة المتمثلة في أن يتضمن العرض 75% من الجديد الفني للفنان التونسي، فإن وصلة لم تتضمن سوى أغنيتين جديدتين الاولى كتب كلماتها الشاعر «الصغير أولاد أحمد» والثانية من كلمات نزار قباني (قصيدة غضب) قام بتلحينهما الفنان أسامة فرحات وتولت الفنانة هالة المالكي أداء الاولى في حين غنت الثانية، الفنانة «لبنة نعمان»، لتفسح المجال أمام زميلتها نوال بن صالح التي غنت 3 مقاطع من أغنية «البحر بيضحك ليه» تكريما للشيخ امام. أولاد أحمد نجم الحفل الشاعر «الصغير أولاد أحمد»، كان نجم عرض «وصلة»، حين ظهر على الركح عديد المرات بقصائده وقصائد لشعراء آخرين لكن «الصغير» عرف التفاعل الاكبر في عرض «وصلة» حين ألقى قصيدته «الا هي» فأضحك الحضور بالصور الشعرية الطريفة... الواقعية وأعاد للكلمة اعتبارها حين ألقى قصيدته الجديدة «أعود الى الشعر». المعنى طغى على المغنى في عرض وصلة، فبالاضافة الى القراءات الشعرية لأولاد احمد أثثت العرض أجمل الكلمات في أجمل الاغاني بالوطن العربي، أغاني مرسيل خليفة والشيخ امام وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم. وكما يلاحظ، فإنه باستثناء مرسيل خليفة فإن بقية الفنانين رحلوا منذ سنوات طوال. وها أن أسامة فرحات أراد اعادة الاعتبار لهؤلاء الفنانين. اعادة الاعتبار لمن؟! اعادة الاعتبار طبعا ليس لأم كلثوم أو لعبد الحليم حافظ لأن هذه الاسماء وغيرها من كبار الفنانين دونت أسماءها بأحرف موسيقية ذهبية على صفحات التاريخ في العالم العربي وفي العالم عموما، وليسوا في حاجة الى من يكرمهم، وانما اعادة الاعتبار الى فنانين تونسيين تربطهم علاقة جيدة بنقيب الفنانين التونسيين فسليم دمق الذي غنى مرارا لعبد الحليم حافظ كان من الاجدى به أن يعود للتلحين والى أداء أغانيه الخاصة والناصر صمود الذي غنى لمرسيل خليفة لم يكن يوما مؤديا بل كان ملحنا، وكلاهما ابتعد عن التلحين واختار انتظار هدية كهدية زميلهم ونقيبهم «أسامة فرحات». وصلة... فرصة... «وصلة» أسامة فرحات كانت بمثابة الفرصة بالنسبة الى خريجات «طريق النجوم2» ونقصد «هالة المالكي» و«نوال بن صالح» و«لبنة نعمان»، وان لم تنل نوال بن صالح حظها في هذا العرض باعتبارها غنت 3 مقاطع فقط من أغنية للشيخ امام، فإن النصيب الاوفر كان للفنانة «لبنة نعمان» التي اختارت منذ سنوات اللون الملتزم أو الاغنية البديلة بديلا عن «الكوارث الفنية» لهذا العصر، وقد أطربت الحضور بأدائها لأجمل الاغاني الملتزمة على غرار «ريتا». كما استغلت الفنانة هالة المالكي عرض «وصلة» لتبرز «لوكها» الجديد... الشعر الاصفر واللباس الابيض الضيق... وتغني بصوتها الجميل «هذه ليلتي» لأم كلثوم. تصور بسيط... عرض «وصلة» غاب عنه التصور الجمالي والركحي فغاب عنه الجمهور وقلق البعض ممن حضره فلا معنى لذلك «الشجن» الصغير على الركح الذي تنشط من داخله الممثلة جميلة الشيحي الحفل وكأنها منشطة اذاعية تنقل حفلا مباشرا كما هو الحال مع عرض «وصلة» واذا أضفنا الخروج المتكرر للفنان أسامة فرحات الى الكواليس فإنه يجوز القول بأن هذا العرض غاب فيه التصور الجمالي. عرض «وصلة» غاب فيه الابداع وحضرت الاصوات المرددة لأغاني الموتى والاحياء،... عرض غاب عنه التصور، وغاب عنه الجمهور... و«كيف قبل ملفه بمهرجان قرطاج كان هذا سؤال بعض الحضور؟» وهو سؤال مشروع فما الاضافة التي جاء بها عرض «وصلة»؟ وكيف يطالبون فيما بعد بالدفاع عن الفنان التونسي وشكره ونقيب الفنانين صعد قرطاج بأغنيتين وبملحنين و3 فنانات شابات وفرقة موسيقية كبيرة صاحبتها مجموعة صوتية صامتة أغلب فترات العرض؟