«عندو اش كون لفوق» هكذا يقال عند بعضهم لكل من كدّ وجدّ ونال ولكل من اجتهد وفكّر وسعى ونجح حتى إذا فلح منا فالح فأنجز وكسب وغيّر ما بنفسه فتغيّر ما بحاله قالوا وردّدوا القول «عندو آش كون لفوق». وإذا رجع حق لطالبه بالعدل والقانون غنوا «عندو آش كون لفوق». أما إذا أصابتك الدهشة من متهور ومتطاول على الخلق والأخلاق والقانون وسألت عمن أطلق العنان لذاك الجلف؟ غنوا لك «عندو آش كون لفوق» وتلك هي الأغنية الشعبية التقليدية التي ألفناها وألفنا سماعها، وفينا من يلحنها. وفينا من يعيد تلحينها. وفينا من يهذبه، وفينا من يوزعه، وفينا من يشطح عليها الى حد الدوخة، تماما كما لو كانت نوبة تخمير في الزوايا أيام كان البندير طبيبا وحبيبا وقريبا من كل دجّال ودرويش أي قبل أن يصبح كرسيا ومنصبا وجاها وحاسة سابعة. أما المتحيلون فيركبون هذا «الآش كون لفوق» فرسا لصيد من لا يعيشون إلا على كوكتال الجهل والبلاهة والغباوة أكلا وشربا وعيشا بكل معانيه حتى إذا عنّ لهم صياد من هذه الشريحة شطحوا على نوبة «عندو آش كون لفوق» و«تهوّلوا» على نغمة «ادفع واصبر» حتى يكون الأمر مقضيا، فمن يكون هذا «الآش كون لفوق»؟ في الصرف هو اسم ممنوع من الصرف، ومع ذلك هنالك مختصون في تصريفه في أسواق الصرف و«التصريف» أما في النحو فهو ضمير مستتر في الذاكرة الشعبية تقديره هوّ ويكون دائما مبنيا للمجهول في النحو شكلا وإعرابا. أخيرا أحد المظلومين جاءني يطلب النصيحة كيف يرفع ضررا فادحا لحقه من خصم عنيد فقلت له ناصحا اركب صهوة القانون وخذ العدالة قبلتك، فتنهّد وغنى لي محبطا عن خصمه «عندو آش كون الفوق» فتنهدت محبطا أكثر منه مليون مرة، وكيف لا يعانقني الاحباط ومازال بيننا في تونس العدل والقانون مؤمنون بهذا «الآش كون لفوق» وكيف لا أصيح عاليا: