* بقلم : الأستاذ جمال الدين بوغلاب تعتمل الأحداث والخطوب في نفس الراصد فلا يجد ملاذا من وهنه إلا الأوبة إلى حقائق التاريخ، مصباح التائه ومفتاح المرحلة. غريب أمرنا وغريب أمرهم! كيف نفيق بعد هذا الوجود الضارب في القدم على أن فينا مللا وطوائف؟! وتداعيات تنوء بها الجبال وليس لها من مفر إلا الاصطفاف والقسمة كما الفرق الرياضية أو بشكل أكثر بدائية كأبناء الأحياء أيام زمان. كل مجموعة وشعارها وفريقها. ولنلعب. ولا هزيمة فالكل في الآخر يبحث عن تعلة لاندلاع «العراك» الذي يحتاج منا إلى تدخل «كبير» فيكون نصيبنا جميعا «الجلد»!! لذلك فإننا جميعا نتفنن في اختيار شكل «النهاية» ولكن هذه المرة لن تكون النهاية لواقعة أو حدث بل نهاية أمّة وجلاء عن «الهوية» وعودة لأصل الطباع، قبائل يأخذها الترحال على أطراف وتخوم الأودية والعمران. هذه بغداد أصبحت أخبارها كموعد مع «الشيشة» لازم طبيعي لبعض السهرة وفلسطين أصبحت عادة جهرية جعلت «المواطن» يسخر من القانون وتفريعاته. ولي أن أسأل اليوم عن وقع نظرية العقاب كجزاء؟! فما بين تكييف وقائع وإثبات لعقد النية وإعداد وتربص ثم تنفيذ فعل القتل! كانت الدنيا تقوم ولا تقعد، ودار لزمن طويل نقاش فقهي طال عقوبة «الإعدام» وكونها ضرب من المس بحرمة الجسد، وأغرق كل من خلفيته المادية والايديولوجية يبحث عن المبررات. ولم يكن يدور بالذهن أن يأتي علينا يوم تطلع فيه الشمس على الإنسانية لتصبح جرائم القتل والتبجح بها ونقل الاعترافات على رؤوس الاشهاد بالتخطيط والتنفيذ وشكر المشاركين وحتما ترقيتهم عملا بطوليا يندرج في خانة «مقاومة الإرهاب» والدفاع عن نمط في الحياة قيل أن العرب ليسو جديرين به؟!.. فحمدت الله على وفاة الشاعر علي محمود طه قبل أن تدركه هذه الأيام الفريدة. وإلا لنا له ما نال «الشيخ» الكسيح أو أنه نفي إلى «غوانتانامو» بتهمة الإنتماء بل التنظير للإرهاب وأخشى أن يقرأ بعض رجال المخابرات «إياهم» ويطلعوا سيد بيتهم وولي نعمتهم «وتيس» اسطبلهم على..... بعض شعره القائل : أخى جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدى فينشبوا قبره ويصادروا عظامه ويحرقوا كتابه ويجبروا قومه على دفع «التعويض» بتهمة التحريض على عداء الأجناس!! بل لعلهم كانوا حذفوا «البحر المتقارب» لأنه ليس أجاجا بل زلال وهذه الأيام تعرف حصار مياهنا فليس غريبا أن يحصل هذا؟ لذلك أحذر أعلام الثقافة وحفظة لحن هذه المقاطع من المصادرة والإتلاف بالنسيان؟! وقاضٍ يعلو قومه معلنا استهجان الفعل وايقاع أقصى العقوبة «وضع حد» لحياة فاعل القتل، وقيل هو «القصاص»؟!... سأله عن إحساسه؟! وهل أصبح دور قضاة عالم اليوم وظيفة تبدأ بالتوقيت الإداري وتنتهي بغروب الشمس مع فارق التوقيت! والتمتع بالعطل والأعياد الدينية والكونية كسائر البشر، وهي أيام الاستباحة! ومن الليل؟! وكيف نمضيه إن أمضى فينا «تغوّل» النهار سلاحه؟! وهل تحوّل الحق إلى معلبات ومحفوظات؟ يؤثر فيها سعر الصرف وحال السوق والأسعار؟! الدم العربي يسيل ليلا ونهارا، سرا وعلانية، بل الدم الإنساني يستوي فيه الصحافي والإنساني وعابر السبيل فمن «مازن دعنا» إلى «راشيل كوري» التي داستها جرافات الاحتلال في غزة أصبح «الرسم» في منطقتنا باللون الأحمر، عنوانا للتضحية والحب والطهر. والعهد أيضا مع أنني نسيت أن أذكركم بالتفعيلة : فعولن ( مرات) ومثلها للعجز. أحسّ بريح كريح الجنان تهب بأعماق روحي هبوبا وأشعر أن القوافي تدب كالنمل ملء دماغي دبيبا فعولن، فعولن، فعولن : فيا أيها «القادة» ماذا أنتم فاعلون؟ لقد عودتنا «تونس» بكونها كانت دوما محطة مفصلية لحسم المتنازَع بشأنه فلا نرض بأقل مما عهدنا من الجامعة العربية «في أيامها التونسية». بيت للعرب وبكل سكان المنطقة لا يستثني منها أحدا. فالمراد فتنة طوائف، والبديل الغاء للسقف القومي ببديل أساسه «عرقي» بامكانه أن يسع «الكيان الصهيوني» وهو بعض المراد من خطة الشرق الكبير الذي تصادر فيه «عروبة» المكان. وليس من الصدفة المكيدة التي حصلت في سوريا. ومن عجائب المفارقات أن «أكراد» سورية لم يكونوا أبدا خارج إطار المنظومة الثقافية للمنطقة قطريا وقوميا، وأكبر دليل على ذلك الأديب والمفكر «محمد كرد علي()» صاحب مترجمه الشهير : «يتيمة الزمان في قبعة ليفمان» والذي يدرس في التراجم والنقد. فمن خلال التداعيات قد يحتمي البعض بحجم الخصم والتوازنات ولكن الحقائق كما نقرؤوها أن الخبط عشواء ينم عن جهل بالمنطقة وبمفردات تشكل مشهدها. ولليقين فإن القوة الجاهلة لم تحسم على مرّ التجارب الإنسانية معركة وجودية، بل الأكثر من ذلك أن عوامل الإحباط في حقيقتها صناعة محلية بمواصفات وجودة عالمية، فلا بد من ترك العادة بهدف الحصول على السيادة حتى لا نكون بصدد عد آخر أيام منجزات تجربة بناء الدولة القطرية ذات السيادة المسطحة السليبة وللقارىء أقول : ما قاله الأخطل الصغير : بشارة الخوري : قل لمن لام في الهوى هكذا الحسن قد أمر إن عشقنا فعذرنا أن في وجهنا نظر. * محمد كردعلي : عاش بين 1876 و1953 من جسرين قرب دمشق كردي الأب شركسي الأم