قرابة الخمس والعشرين تظاهرة ثقافية وفنية تستأثر بها سوسةالمدينة وبعيدا عن مدى وجاهة هذا العدد من حيث تجاوبه مع تقاليد الجهة الثقافية وتناسبه مع عدد سكانها وزائريها والعدد المكثف من الطلبة الموجودين داخل أقطابها الجامعية وبعيدا أيضا عن مدى نجاعة هذه التظاهرات لأن هذه المواضيع تتطلب ابحارا، لكن تبقى من الاشياء التي تلفت الانتباه في كل هذه التظاهرات وتشكل نقطة التقاءها هي غياب الندوات الصحفية والجلسات التقييمية العلنية، فما عدا مهرجان المبدعات الذي يهتم بالاثنين، ومهرجان سوسة الدولي والذي غابت ندوته الصحفية هذه السنة والمهرجان الدولي لفيلم الطفولة والشباب. أما بقية التظاهرات فإنها تمر مرور الكرام مخلّفة اكثر من استفسار! تتعدد دوراتها فتتشابه فقراتها بدون وقفات تأمّل تتعدى النظرة الضيقة وتنفتح على أخرى تستقي منها أركان استراتيجية محكمة تجعل من كل تظاهرة مشروعا قائم الذات مراحله معلومة وتخطيطه استشرافي... فالندوات الصحفية ليس المقصود بها المشابهة لحفلات عقد القران توزع فيها المشروبات والحلويات ويصفّق فيها الجميع على براعة وعبقرية المبرمجين بل التي تستمدّ من النقد البناء روحا ولم تسبقها ندوة تطرح فيها جملة الفقرات المزمع برمجتها ويستمع فيها لاقتراحات الاخرين وتكون الجلسات التقييمية تواصلا لنجاعة هذه التظاهرات وتفتح للعموم الا إذا كانت هذه التظاهرات موجّهة لغير ذلك!! خاصة وأن مدينة سوسة من الولايات التي حظيت بدعم سخيّ طوّر بنيتها التحتية انطلاقا من المؤسسات الثقافية مرورا بصيانتها منها الصيانة الجذرية للمسرح البلدي وصولا الى المشاريع الرئاسية لبناء مسرح للهواء الطلق بمواصفات حديثة ومركزا للفنون الدرامية مما يجعل المسؤولية أكثر ثقلا والعمل أكثر احترافا في ظل الطاقة البشرية الابداعية الموجودة بهذه الولاية والتي يشهد تاريخها الثقافي والفني بأصالتها وتوارثها من جيل الى آخر وما النقطة 20 من البرنامج الانتخابي الثري والمواكب لتطوّرات العصر الا دعوة لترتيب البيت الثقافي لكل جهة بالقطع مع النمطية والاجترار واكساب المشهد الثقافي الجهوي خصوصية ولا تكون الا بالبرمجة الدقيقة البعيدة عن عقلية ملء الفراغات والبرمجة من أجل البرمجة فلابد للشاب وغيره أن يطّلع على البرامج السنوية الدقيقة لدور الثقافة والشباب ويساهم فيها وأيضا في مختلف التظاهرات التي يجب أن تقطع مع الطابع الاستعراضي الجاف دون دورات تكوينية أدناها في ثقافة الفرجة ومع ضرورة الانفتاح والتعاون مع مختلف الاطراف والهياكل بنجاعة لأن الثقافة هي نقطة التقاء جميع القطاعات ورئة تتنفس بها كل الشرائح لكل الحق في ابداء الرأي والاقتراح بعيدا عن عقلية المحاباة السلبية والمصالح الضيّقة لأن الثقافة ببساطة هي شأن اجتماعي بالأساس.