هو رجل غريب بملامح حزينة تقاذفته الاقدار منذ أكثر من شهرين الى مدينة عقارب فجأة لتتلقفه الانهج والشوارع وتتابعه الاعين الفضولية حائرة متسائلة في ظل صمت هذا الرجل وهدوئه ووقاره الظاهر الا أن هذا الرجل الغريب الحزين استقر به المقام بشارع الجمهورية متخذا اياه مقر اقامة دائم. هذا الرجل الغريب يبدو أنه فاقد للذاكرة لا علم له بما يدور حوله وحتى اسمه فقد «ضيعه» نتيجة حادثة ما الا أنه أحيانا ما ينطقه فجأة ضمن كلمات قليلة غير مفهومة ومبهمة تجود بها ذاكرته المفقودة فيهذي «أحمد... أحمد». في شارع الجمهورية بعقارب الذي يعج بحركة التجار وجد هذا الغريب ضالته في أصحاب القلوب الرحيمة ووجد ملجأ ليليا هادئا على الرصيف المحاذي للدكاكين فأمن على نفسه وأمن شاب يدعى الهادي بن دبابيس صاحب مطعم قوت هذا الرجل يوميا وتكفل بسجائره وثيابه وحتى عملية الاستحمام فإنه يؤمنها له والغريب في الامر أن هذا الغريب لا يسأل أحدا حاجة وألف مطعم هذا الشاب وكلما احتاج شيئا هرع اليه وتسمر أمام المحل صامتا فيفهمه الشاب الذي ألفه من خلال حركات وجهه وقد حدثنا بعض أجوار صاحب المحل أن هذا الغريب ليس سائلا أو متسولا انما هو رجل تائه عن أهله وربما يكون من احدى مناطق ولاية القصرين نظرا لتمتمته أحيانا باسم هذه الولاية. بعض الأهالي الذين تعاطفوا مع هذا الرجل وحبوه برعاية لا توصف يبحثون عبر جريدة «الشروق» عن خيط يعيد صلة هذا الرجل بأهله أو على الاقل تتكفل به احدى دور المسنين فالرجل غريب ولا يمكن أن يبقى هكذا في شوارع المدينة دون حماية ويمكن أن يتعرض ليلا الى أزمة صحية في ظل تقدم عمره كذلك يمكن أن يشكل قدوم فصل الشتاء خطرا عليه وقد حاولنا من جانبنا أن نبحث عن أي وثيقة يمكن أن تقود الى عنوانه فلم نعثر على هوية له ما عدا وثيقة مهترئة غير رسمية بها مجرد اسمه الصغير فقط (أحمد) كما أن الحلاق الذي حلق ذقنه أول مرة أكد أنه يمكن لهذا الغريب أن يكون مفقودا منذ مدة طويلة برغم وصوله لعقارب في فترة لا تتعدى الشهرين. أملنا وآمل كل من تعاطف معه أن نجد خيطا أو بصيصا من الأمل يعيد هذا الغريب الوحيد الى ذويه.