تتحرّك المجموعة الدولية هذه الأيام على وقع بدايات الاحتفال بالسنة الدولية للشباب، هذه السنة، التي أقرّها المنتظم الأممي بناء على مبادرة تونسية. وشكّل المؤتمر الدولي للشباب المنعقد بمدينة (ليون) المكسيكية موعدا مهمّا عزّز دونما شكّ مصداقية التوجّه نحو الاستثمار الأنجع في الفئة الشبابية والعمل على ادماجها في مجتمعاتها وتوسيع اهتماماتها بشؤون بلدانها ومزيد تحسيسها وتوعيتها بأدوارها الحاضرة والمقبلة في بناء عالم متضامن وعادل ومترابط خال من كل مظاهر العنف والكراهية والقطيعة. وعلى الرغم ممّا تفعلهُ اليوم هياكل الأممالمتحدة والدول في هذا التوجّه النبيل، الذي أسّس لانطلاقته الرئيس زين العابدين بن علي والذي يوفّر قدرا هاما من الارتياح لأنّ موضوع الشباب ارتقى بهذا النحو ليكون في صدارة اهتمام بلدان العالم قاطبة، على الرغم من ذلك فانّ تغيير الواقع نحو الأفضل وارساء رؤية للعالم أكثر تطورا وفق التطلعات المستهدفة تبقى أوّلا وأخيرا بأيدي الشباب أنفسهم. انّ الهدف الذي جاءت من أجله السنة الدولية للشباب هي فتح نافذة أمل للأجيال القادمة حتى تعيش في أمن وآمان وأن تتخلّص من المظاهر السلبية التي تطبعُ حياة الناس اليوم، أن يعيش الشباب غدا في مجتمعات لها قيم انسانية ثابتة وتؤمن بالتعاون والحوار وتسعى الى احلال السلم ونشر العدل والمساواة واشاعة الحق في الحياة الكريمة لكلّ البشر دون تفرقة أو تمييز أو استنقاص. ليس لمنظمة الأممالمتحدة ولا للدول من دور في هذا المضمار غير وضع القاطرة الشبابية على السكّة الصحيحة لتنطلق في مسيرتها، لينطلق الشباب في التفكير في ما يُمكنُ به تغيير معطيات الواقع والارتقاء بها نحو الأفضل والأسلم. وعلى رأي العديد من الخبراء والمختصين فانّ الهيآت الأمميّة والأجهزة الحكومية عليها أن تزيد في درجات الاستماع الى الشباب وأن تفتح في وجهه المزيد من المجالات والفضاءات والمنابر والوسائط الاعلامية لكي يُعبّر عمّا يُخالجهُ من مشاغل وعوائق ويرسمُ بنفسه ولنفسه السبيل التي يبغيها لمستقبله. وبقدر الاقتراب من هذا الشباب وبقدر درجة الاستماع اليه ستكون النتائج أفضل تأسيسا لاستراتيجيات وضبطا لخطط عمل لتغيير الواقع. لقد أثبتت الأحداث والمستجدات أنّ سدّ الأبواب أمام الشباب لا يُمكن أن يأتي الاّ بالوبال ولا يُمكنهُ الاّ أن يُفاقم مظاهر الانزواء والقطيعة عن المجتمع وينشرُ سلوكات الارهاب والتطرّف ويُضاعف من حالة العزوف عن الاهتمام بالشأن العام والتخلي عن خدمة المصلحة العامة. في سنته الدولية، لنترك الشباب يتحرّك ويُفكّر ويُعبّر كما يُريد هو، لا كما يُريد غيره له، لتنزاح كلّ أقنعة الخوف والتوجّس والريبة من الشباب، ليُمنح المزيد من الارادة والثقة في النفس ولتُرفع عنه كلّ أشكال الوصاية والاملاء، تلك الأشكال والأنماط الخشبية التي لم تعد تتلاءم في شيء مع رؤية رئيس الدولة للملف الشبابي، رؤية تجاوزت الواقعين المحلي والاقليمي لتعانق العالمية، رؤية تؤمن ايمانا قاطعا بأنّ الشباب هو القوّة الوحيدة القادرة على تغيير معطيات الواقع. تبادل فيه المشاركون من الشباب وممثلي الأجهزة الحكومية والمنظمات والهيئات الأممية ذات العلاقة بالملف الشبابي أن السنة الدولية للشباب، حدث من شأنه أن يعزز مصداقية الدول في الاستثمار في شبابها وادماجهم في مجتمعاتهم. وأعربوا في تصريحات صحفية على هامش أشغال المؤتمر الذي رفع شعار «شباب الألفية القادمة» عن الارتياح لادراج موضوع الشباب في صدارة اهتمام بلدان العالم باعتبار أن الشباب مستقبل الشعوب والعامل الأساسي لنموها. وعبرت مديرة القسم الفني لصندوق الأممالمتحدة للاسكان (مي قادة بيه) عن التطلع الى أن يتركز الجهد على تثمين دور الشباب وتفعيله لا سيما في اطار مختلف التظاهرات التي تقام بمناسبة السنة الدولية للشباب، هذه المبادرة التونسية التي لفتت إليها الاهتمام في الأممالمتحدة وشدت إليها الانتباه في العالم. وفي ما دعا مشارك أمريكي (ادام سميث) الحكومات الى تعميق التفكير في موضوع الشباب ومستقبلهم. وتناول المؤتمر الدولي للشباب مسائل محاربة الفقر والتهميش والتربية والصحة والأمن والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان والتنمية المستديمة والهجرة العالمية. وتضمن فقرات تنشيطية بمشاركة المنظمات والجمعيات الشبابية.