تتجه تونس الى التحوّل تدريجيا الى قاعدة تكنولوجية تنفيذا لما جاء في البرنامج الرئاسي، «معا لرفع التحديات»، خاصة وهي تمتلك ارضية هامة وبنية أساسية ملائمة وإن كانت تحتاج دوما الى التطوير. فتونس تحتل مكانة عالمية متقدّمة في مجال امتلاك واستخدام الافراد للهواتف الجوّالة والهواتف القارة وقوّة الارتباط بشبكة الانترنات، إذ أن وكالة امريكية مختصة بوأتها المرتبة الاولى افريقيا وعربيا والعاشرة دوليا في مجال الربط بالانترنات متقدّمة على عديد الدول الكبرى المعروفة. كما أن بلادنا أصبحت منتجة ومصدّرة أيضا للبرمجيات والتكنولوجيات الدقيقة بفضل مؤسسات منتصبة بقطب الغزالة وتتعامل مع كبريات الشركات العالمية في قطاعات النقل الجوّي والبنوك وغيرها وفي مجالات السلامة المعلوماتية والبرمجيات وغيرها. وفي تونس لنا كفاءات عليا تخرجهم المؤسسات الجامعية الوطنية كثمرة لرهان تونس منذ عشريتين على ترسيخ مجتمع المعرفة وصناعة الذكاء في ظل شحّ الموارد الطبيعية، وفي الحقيقة فإننا قادرون على تطوير قدراتنا في المجال ومنافسة بلدان مثل الهند وعديد دول جنوب شرق آسيا التي حققت تفوّقا عالميا أهّلها الى دخول أسواق البلدان الاكثر تقدّما، شريطة أن يتم مزيد تطوير البنية الاساسية التكنولوجية وتوفير أقطاب تكنولوجية لاحتضان مؤسسات وطنية وأجنبية كبرى تضمن تشغيل الكفاءات الوطنية والاسهام في تحقيق الاهداف التنموية ومنها الرفع من حجم الصادرات. كما بات مطلوبا أيضا مزيد الاستثمار في البحث العلمي والتنموي وتطوير التكنولوجيا في المؤسسات الوطنية وإقامة شراكات مع المؤسسات الجامعية ومراكز البحث تقضي بأن تموّل المؤسسات الاقتصادية البحوث التي يعدّها الطلبةوالباحثون في المؤسسات ومراكز البحوث كلّما اهتمت بما يفيد المؤسسة ويحسّن من مردوديتها وأدائها، لا سيما أن البحوث الجامعية في غالبها غارقة في التنظير والديماغوجيا وتظل حبيسة الرفوف عرضة لغبار المكتبات. ولا شك ان دعوة رئيس الدولة للمؤسسات الوطنية الى تخصيص 1٪ من رقم معاملاتها يعدّ قرارا هاما يتيح لها توفير تمويلات هامة لتطوير التكنولوجيا وللنهوض بالبحث العلمي بما يضمن نماءها والرفع من تنافسيتها وقدرتها على مواجهة التحديات القادمة.