إعداد الأستاذ: الطاهر الغربي (أخصائي في علوم التغذية) القهوة عبر التاريخ: تقول الكاتبة الشهيرة «كلوديا رودين» في كتابها «Coffee» «لم تكن القهوة معروفة لدينا في الغرب إلا منذ ثلاثة قرون ولم يكن يُسمح قبل القرن السابع عشر بزرع حبة واحدة من القهوة خارج إفريقيا والجزيرة العربية. ولكن استعمالها بدأ في البندقية «فينيسيا» ومنها انتشرت إلى كافة مدن أوروبا وأمريكا لتغيّر نمط الحياة في كل مكان تصل إليه وكلمة Coffee بالانقليزية مشتقة من الكلمة العربية «قهوة» وكانت كلمة «قهوة» قد تحرّفت باللغة التركية إلى كلمة «كافيه Kahweh» ومنها اشتق الاسم الفرنسي لها «Café» و«Caffé» باللغة الإيطالية و«Koffie» بالهولندية و«Kaffee» باللغة الألمانية. وكانت اليمن أول من استعمل القهوة كمشروب يصنع من ثمار شجرة البنّ. وتقول الكاتبة إن أفضل أنواع القهوة هي تلك المصنوعة من شجرة البن العربي «CoffeeArabica» وكانت هذه الشجرة في البداية تنمو بريا في بلاد الحبشة ومنها انتقلت إلى الجزيرة العربية. قصّة اكتشاف البن يجمع المؤرخون على أن أول من اكتشف البن كان راعي غنم عربي وذلك في عصر العباسيين، وكان هذا الراعي ويدعى «خالدي» Kaldi قد تعوّد أن يرعى غنمه، وهي نعسى أو شبه نائمة. وذات يوم لاحظ نشاطا غير عادي على غنمه، وأصبحت تشاركه في سماع غنائه وفي رقصه. وظل يراقبها حتى عرف أنها تأكل نوعا من النبات فأسرع إلى النبات وأكل منه فإذا هو يشعر بنشاط زائد وحيوية. ولاحظ أحد الناسكين حالة الراعي «خالدي» فقرر أن يتناول شيئا من هذا النبات ودعا أقرباءه إلى تناول النبات أيضا فشعروا جميعا بالنشاط والسعادة طوال الليل. وهكذا انتشر استعمال القهوة بين جماعة من المتصوفين الذين كانوا يتناولونها بقصد السهر للعبادة دون تعب أو نعاس. وانتشرت القهوة في الجزيرة العربية، وما إن حل القرن الخامس عشر ميلاديا حتى كانت القهوة قد انتشرت عن طريق الحجاج إلى كافة أجزاء العالم الإسلامي. وقال في قاموس الغذاء يكاد يكون من المؤكد أن أصل البن من اليمن وبالتحديد من بلدة موكا «Mucha» ثم انتقل شرب القهوة إلى الحبشة وإلى بلاد فارس. وفي أوائل القرن السادس عشر عرف المصريون القهوة وعرفها الترك خلال حروب السلطان سليمان الفاتح. وأول شعب أوروبي شرب القهوة هم الانقليز وقد فتحت أماكن لشربها في لندن في 1552م وفي عهد لويس الخامس عشر بلغ عدد المحلات التي تقدم القهوة في باريس ستمائة مكان ولم يكن في فرنسا كلها شجرة بن واحدة ثم جيء بشجرة من اليمن زرعت في حديقة النباتات ونجحت التجربة. فوائد القهوة جاء في الكتاب الطبي الأمريكي الشهير: Current medical diagnosis أنّ الكميات الصغيرة أو المعتدلة من الكافئين (30 إلى 200 ملغ يوميا) تحسّن أداء المرء لعمله اليومي. وقالت الباحثة الأمريكية جوديث وارتمان Judith Wartman وهي من العالمات الشهيرات في مجال الغذاء وعلاقته بالدماغ أن القهوة منشطة للتفكير. ومن المعروف أن القهوة تنشّط الأعمال العضلية والرياضية كما يمكن للقهوة أن تحسّن المزاج عند بعض الناس. وينبغي التحذير من الإفراط في شرب القهوة فقد يسبب ذلك الإنهاك والإجهاد. إعداد: فتحي الكحلاوي (متحصل على الجائزة الوطنية لأحسن رئيس مطبخ)