بالكاد... كانت تخرج الكلمات... كلمات وداع متقطّعة ومبحوحة من المودَّعين والمودّعين... تتخلّلها دموع... مدرارة هنا... ومتقطعة هناك... هكذا بدا بهو مطار تونسقرطاج، أمام بوابة المسافرين... يوم أمس الاول... أي آخر يوم من شهر أوت... فتيات وفتيان، يغادرون الاهل والوطن «على حياتهم»، ليواصلوا تعليمهم بالخارج... لأن جامعات عديدة، تفتتح السنة الدراسية فيها يوم غرة سبتمبر، أي صباح أمس... هذه الكوكبة من الطلبة والطالبات يقصدون كندا عبر باريس... وهؤلاء يقصدون نفس البلد عبر المغرب... وأولئك يتجهون الى المغرب الاقصى بعد أن فقدوا الأمل في إعلان ما يتيح لهم البقاء أسبوعا آخر، يقضّون خلاله عيد الفطر الى جانب الاهل والأحبة... لحظات صعبة، امتزج فيها العناق بلوعة الوداع... فبانت الدموع في تجانس مع لوحة تتصدر مدخل بوابة المغادرين بالمطار ونعني ذاك الشلال الذي يرسل مياها مسكوبة من أعلى الى تحت وفق موسيقى لخرير الماء... امتزجت بأصوات النداءات للمسافرين للالتحاق بقاعة الرحيل... بدت الأمهات والأشقاء والشقيقات وبعض الأصدقاء، في حيرة... تتجاذبهم العاطفة، وضرورة الالتحاق بمقاعد الدراسة... يوم 31 أوت من كل سنة، هو نفسه الموعد الذي يلتحق فيه الطلبة التونسيون من أبنائنا وبناتنا في مدارج العلم والمعرفة بالخارج، على اعتبار أن جل الجامعات تفتتح موسمها الدراسي غرة سبتمبر... لكن موعد هذه السنة جاء استثنائيا، لأن عيد الفطر على الأبواب... وسكنت وفق أمنية في البال: ماذا لو يقع تأخير موعد العودة الى ما بعد العيد... للضرورة أحكام... تلك هي الجملة المشتركة التي حاول أن «يتواسى» بها الأهالي وهم يودعون أبناءهم... بدموع... فيها الحزن... وفيها الفرح... وفيها الاماني بمستقبل ملؤه النجاح لأبنائنا... بدا الطلبة، مهما كان سنّهم متقدما، ومراتبهم العلمية متطورة، كما الاطفال الذين ينفصلون عنوة، عن أوليائهم وهم يدخلون روضة الاطفال أول مرة... دموع... نظرة عن بعد... التفاتة... وابتسامة مصطنعة... تخرج من تقاسيم وجه أرّقه البعاد... رغم هذا كله... فإن أمنياتنا صادقة، بالنجاح لكل من التحق بمدارج العلم والمعرفة... ممن قصدوا جامعاتهم خارج الوطن... أمس الاول... 31 أوت 2010...