هناك موضوع جدير بكل العناية والانتباه وهو موضوع طُرح منذ ايام قليلة بمبادرة من وزارة الفلاحة، وهو يخص ظاهرة التصحر في بلادنا الخضراء، وزحف الرمال عليها بشكل اصبح يدعو الى اتخاذ اجراءات حازمة ومتابعتها على الدوام . ولقد كانت الارقام التي تم طرحها خلال الدورة التكوينية الاخيرة للاعلاميين البيئيين، مفزعة، اذ تكفي الاشارة مثلا الى ان ولاية مثل القيروان وهي احدى بوابات حضارة تونس وعراقتها، تتهدد 50 من اراضيها بآفة التصحر، هذا في الوقت الذي توفر فيه حوالي 8 من الانتاج الوطني الفلاحي وحوالي 35 من اليد العاملة في هذا القطاع! عندما قرأت هذه الارقام وغيرها تذكرت ما ورد في كتاب ورقات لحسن حسني عبد الوهاب مؤرخ تونس الجليل، من ان المسافر كان ينطلق من تونس العاصمة الى حدود القطر الليبي الشقيق، وهو يمشي تحت ظل الاشجار الوارفة وتذكرت رقما اطلعت عليه في احدى الدراسات يجزم ان تونس فقدت منذ الاستقلال حوالي ثلثي مساحتها الخضراء. وهو امر لا يطاق حتى نفسيا. فالنفس تميل للخضرة ولخرير المياه ولسخاء الطبيعة. وقد قرأت ايضا ان السيد محمد اسماعيل منسق برنامج العمل الوطني لمقاومة التصحر قد بيّن خلال الندوة الهامة ان اسباب التصحر كثيرة. ابرزها الانجراف وتملّح التربة والرعي الجائر، وسوء استعمال التقنيات الفلاحية، وبالطبع توجد اسباب أخرى كالزحف العمراني على اهم وأكرم المساحات الزراعية، وهذه ظاهرة لابدّ من الوقوف على اسبابها وايجاد حلول لها. ونحن نتمنى وقفة حازمة من سلط الاشراف، وانكبابا حقيقيا على هذا الملف، ومعالجة دقيقة له. فاسم بلادنا لا يقترن الا بالخضرة، وصفتها هذه طبقت الآفاق بل لعلها أشهر حتى من الاسم ذاته، ولا يمكن ان نكون بلدا فلاحيا وسياحيا بدون ان يظل اللون الاخضر هو الطاغي، وبدون ان يظل الربيع عندنا يسري حتى في بقية الفصول، وبدون ان تعود سهولنا وجبالنا عامرة بالنباتات والاشجار والزراعات! ان الخضرة تشرح الصدر، وتسكن النفس وتغذي الروح بل وتصنع حضارة وتشكل ثقافة قبل ان تطعم الافواه وتشبع البطون هي تفعل كل ذلك واكثر من ذلك فرجاء كل الرجاء ان تركّز كل الدوائر ذات الصلة على هذا الموضوع!