بحكم طبيعة المهرجان وزمانه خيرت المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بسوسة تأثيث سهرات مهرجانها بعديد العروض القيمة ذات الطابع الديني والطربي التي نالت استحسان الجماهير الغفيرة التي واكبت جلّ السهرات إن لم نقل كلّها والتي لم يتسع لها فضاء قصر الرباط بسوسة. واحقاقا للحق فإن سهرات «نادي السنباطي للموسيقى العربية»، و«قناديل النور» لحاتم الفرشيشي، و«لحن الوجود» للسعد الزواري الى جانب «مزج» لدفتر خانات وايضا عرض لشهرزاد هلال وعرض «شم النسيم» للتخت العربي بقيادة عتاب الجلايلي، كلها كانت سهرات رمضانية شيقة تمتع خلالها الحضور بما تنتشي له الآذان والأنفس، لكن الامتياز كان لسهرة الطرب التي أحيتها فرقة حلب للانشاد الصوفي والتي خرجت من «صوفياتها» لتمتع الجماهير الحاضرة بكثافة بأغاني اشتهر بها صباح فخري وغيره ممن يؤدون القدود الحلبية. وكانت جماهير قصر الرباط بسوسة تنتظر جديد الفرقة الوطنية للموسيقى خاصة بعد علمها بوجود أسماء لامعة تعزز صفوفها مثل رحاب الصغير ومنيرة حمدي والشاذلي الحاجي وشكري عمر الحناشي، الا ان هذه الجماهير اصطدمت بواقع مرير تعاني منه الأغنية التونسية والمتمثل في «التمعش من أغاني الموتى» واعادة «الاسطوانات» القديمة عوضا عن التفكير في انتاج جديد يمكّن هؤلاء المطربين من البقاء ضمن فناني «النخبة». ومن المنتظر ان تتفاعل الجماهير الليلة مع سهرة الاختتام التي ستحييها المطربة القديرة سنية مبارك من خلال عرض «وجد 2» مثلما تفاعلوا ليلة السبت الفارط مع العرض الممتاز الذي قدمته الفنانة نجوى بن عرفة.