عاد برنامج «ستاد7» في سهرة الاثنين للظهور مجددا ويؤثث زاوية جديدة من زوايا المشهد الاعلامي الرياضي في تونس وانضم بذلك الى قائمة طويلة من البرامج التي باتت تبث في نهاية الأسبوع حتى نكاد نعجز عن حصرها من «الاحد الرياضي» و«حصاد الأحد» الى «ناس سبور» و«سويعة سبور» في انتظار ما ستأتي به الأيام القادمة من برامج جديدة... هنا يمكن اعتبار المسألة ايجابية في جانب من جوانبها تحت غطاء تعدد المشهد الاعلامي الذي يمثل في شكل من أشكاله ديمقراطية أخرى تبيح حرية الرأي والتعبير وتمنح المشاهد عن اختيار البرنامج الذي يريد بل يسمح له بالاستمتاع بتعاليق وأراء مختلفة تساهم في تشكيل وعيه الرياضي وتحصيل بعض الثقافة المعرفية بعيدا عن خطاب الخط الواحد واللغة الخشبية التي كادت تجمد العقول. ولكن خلف هذه الواجهة المضيئة تختفي حقائق مثيرة يمكن أن يتفطن لها المشاهد العادي ليخرج بالمحصلة بجعجعة زائدة أكثر من الطحين الحاصل ونعني به الاستفادة... افتقاد التركيز في سهرة الاثنين نكون على موعد مع ثلاثة برامج رياضية تبث تقريبا في نفس الوقت بين «ستاد7» و«ناس سبور» و«سويعة سبور» ونكاد نجزم أن جهاز التحكم لا يفارق يدي المشاهد الذي يحاول التوفيق بين مختلف البرامج عله يظفر بلقطات مختلفة من هنا وهناك ولكن هذا الزخم في المادة يفقد المشاهد تركيزه ويجعله تائها ولا يحصل في الأخير تلك المعرفة الرياضية التي يبحث عنها بل تختلط عنده المشاهد والتعاليق ويغيب موقفه الشخصي ورأيه الخاص بين هذا الفيض «المعلوماتي» المتدفق. هنا تبدو البرمجة مقصودة وذلك في محاولة لاستقطاب المشاهد في ليلة صراع الفضائيات واسقاط المنافسين بالضربة القاضية واذا كان التوقيت يبدو منطقيا لأن المضمون يفقد قيمته بمرور الزمن فإن البرنامج «القوي» والمتأكد من بلاغة تأثيره وسداد حججه يمكن أن يغير توقيت البث ويغنم حصيلة قيمة من المشاهدين... بين كل البرامج التنافسية يبقى «الاحد الرياضي» الأكثر متابعة هنا لا نعتمد على نسب قيس المشاهدة ونحن لا علاقة لنا بها بل نستند الى أن هذا البرنامج يمثل ثقافة كاملة في المجتمع التونسي فنحن تربينا منذ الصغر على هذا البرنامج ونتسمر في سهرة الاحد لمتابعته بالرغم من كل ما يجري وبغض النظر عن مضمونه الذي يعتبره البعض بعيدا عن الخطوط الحمراء لدرجة يجعله يفتقد البعد النقدي.... تكرار في المضامين قلنا ان فتح المشهد الاعلامي السمعي البصري يشجع المنافسة الشريفة ويسمح بتعدد الأراء لكن الى حد الآن شاهدنا تكرارا في نفس المضامين وطرحا لنفس المشاكل ولو بطرق مختلفة وذلك بحسب تصورات كل برنامج وحسب تعامله مع المادة المقدمة الا أن الصورة لا تكاد تختلف بين مختلف البرامج فيتم تمرير الصورة ثم التعليق عليها والاستعانة برأي محلل فني ثم رأي خبير في القانون، قبل أن يقع التداخل في الأدوار وتوزيع الكلمة بشكل غير منظم وينغمس الجميع في حوار عقيم من أجل تبليغ صوته... نفس الوجوه.... وليس نفس الكلام بنفس تكرار المضامين تتنقل نفس الوجوه بين مختلف القنوات وهنا تكون مجبرة على تغيير طريقة الحديث ولهجة النقد بما يتماشى مع الخط التحريري للقناة الجديدة وهنا يفقد الشخص بعضا من مصداقيته وينكشف المستور ويتضح أن القناعات التي كان يدافع عنها في السابق تتغير بحسب المنابر الاعلامية وبالنظر الى التوجه الاعلامي لكل قناة!!! تكرار المكرر واعادة انتاج المنتج هي أبرز ملامح الوجه العام لهذه البرامج بالرغم من اجتهاد البعض ما جعل التداخل يبدو جليا بين برنامجي «الاحد الرياضي» و«ستاد7» مثلا فالأول دوره اخباري بالأساس لكنه تجاوز ذلك للنقد والتحليل والتفسير ولذلك لم يترك لشقيقه ما يتميز به ويختلف ويشد اليه المشاهد. ملاحظة أخرى يمكن أن نسوقها ونحن نتحدث عن «ستاد7» فهذا البرنامج ارتكز على قوة التقنية الحديثة المستخدمة ونجح في استقطاب أفضل الوجوه المعروفة رياضيا وفنيا وأتحفنا بأشكال جديدة من الاخراج والديكور وهذا من باب التجديد الذي نشيد به وندعمه حتى نصل الى اكتمال المشهد شكلا ومضمونا في الوقت الذي بدأ الاعتماد فيه على تقنيات ثلاثية الابعاد (3D)... لكن في المقابل يبدو الأستوديو محتشدا بوجود أربعة محللين وفنيين مختصين الى جانب ثلاثة اعلاميين وهو ما خلق زخما كبيرا وتداخلا في الادوار وسعى كل طرف الى بسط هيمنته على الحوار حتى أنه كان هناك من ينتظر تعليقا من زميله ليرد عليه كما هناك صراع خفي غير مقصود بين «نجومية» مقدم البرنامج الزميل معز بن غربية وبين الزميل مراد الزغيدي فكلاهما لامع في نفس المجال بالرغم من أن ملاحظات ومداخلات هذا وذاك كانت أنيقة ورشيقة كما تعودنا. تنافس معلن من وجهة نظر أخرى نكاد نجزم بوجود تنافس معلن يرتقي في بعض الاحيان الى «ضرب تحت الطاولة بين مختلف هذه البرامج فالجميع يدعي الزعامة وامتلاك الحقيقة والصدق في التحليل والنقد وقد تسربت بين الاسطر وفي المضامين الخفية انتقادات من هذا البرنامج الى البرنامج، الآخر وهي تجاذبات غذتها قضية امتلاك حقوق البث واحتكار المعلومة وهذا في حد ذاته موضوع آخر قد يستوجب افراده بتحقيق كامل وحتى لا ندخل في متاهات «أصحاب الحق» والفوارق في الامكانات المادية التي صنعت هذه الهوة نذكر أن المنطق السائد هو منطق العرض والطلب داخل سوق اعلامية وهذا لا يجب أن ينسينا حق الفرد في المعلومة وهو حق مقدس... حتى لا نطيل في التحليل لكي لا نتهم بالانحياز الى طرف دون آخر فسحنا المجال في هذا التحقيق للمختصين وتركنا الكلمة لهم وقبل ذلك نود أن نشير بالسؤال هل أن كرتنا التي اتفقنا جميعا على أنها نعيش ركودا تستحق هذا الزخم الاعلامي المفرط وهل أن الفرد التونسي لا يتنفس الا كرة القدم في الوقت الذي تتراكم فيه المشاكل الاجتماعية التي هي الاجدر بأن تكون مجالا للابداع ونشر الوعي ثم أين حظ بقية الرياضات في المشهد الاعلامي فهي مجال خصب للتحليل والتعليق اما بسلبياتها ومشاكلها أو بنتائجها الايجابية التي غطت في بعض الاحيان على اخفاق كرة القدم؟ رازي القنزوعي: المنافسة تخدم التعددية في اعتقادي الشخصي المنافسة بين البرامج الرياضية علينا النظر اليها من جوانبها الايجابية المفيدة المتمثلة أساسا في تعددية المشهد الاعلامي لأن العمل الصحفي يختلف حتما من برنامج الى آخر وهذا المجال يبقى دائما مفتوحا أمام الجميع. وعندما نتحدث عن حالة التماهي التام بين برنامجي الاحد الرياضي و«ستاد 7»، نقول إن الحسم سيكون في الاخير للمشاهد فهو يستهلك مادة إعلامية والاكيد أنه سيتابع في الاخير ما يتماشى مع تطلعاته وانتظاراته. هنا تطرح مشكلة وحيدة من وجهة نظري وهي التقاطع في المواعيد الزمنية للبحث وربما كان ينبغي أن يكون هناك بعض التنسيق من هذا الجانب ولكنني أؤكد على أن المشاهد هو الذي سيكون الحكم النهائي، فهو إذ يضطر الى متابعة كل البرامج فإنه سيقوم بعملية انتقاء ممنهجة حسب رغباته وهنا أشير الى أن التنوع يفرض توجيه الاهتمام الى بعض الرياضات الاخرى وهذا يفرض إعادة النظر في البرمجة. «بالمكشوف»... يوم 28 سبتمبر علمت «الشروق» من مصدر موثوق به بقناة «حنبعل» أنه سيقع بث الحلقة الأولى من البرنامج الرياضي الحواري «بالمكشوف» بداية من يوم 28 سبتمبر الجاري وقال مصدرنا انه كان من المقرر أن ينطلق البرنامج أمس الأول ولكن تعذر ذلك في ظل الشروط المالية المجحفة التي اشترطتها ادارة التلفزة التونسية مقابل التمتع بحقوق بث 3 دقائق من كل مقابلة خاصة بالرابطة المحترفة الأولى وذكر مصدرنا أن المبلغ المطلوب ناهز 5 مليارات. ومن جهة ثانية سيجد الساهرون على برنامج «بالمكشوف» أنفسهم أمام حتمية ايجاد بديل للمحلل الفني للبرنامج خلال السنوات الماضية خالد حسني الذي التحق ببرنامج «ستاد7». سامي حماني معز بن غربية (ستاد 7): من قال أن كرتنا لا تستحق تعدد البرامج الرياضية؟! في البداية لا بدّ من وضع النقاط على الحروف والتأكيد على أن تعدد البرامج الرياضية ليس ظاهرة جديدة على المشهد السّمعي البصري فالسنة الماضية اقترنت ببثّ عدة ببرامج ذات اهتمامات ومضامين متعددة سواء في «تونس 7» و«قناة 21» أو في القنوات الخاصة. صحيح أن هناك تركيزا كبيرا هذه السنة على كرة القدم في البرامج الخاصة ب«قناة 7» لكن التوجه يبقى منطقيا ومشروعا إذا نظرنا الى الاستثمار الضخم الذي قامت به القناة لتأمين تغطية شاملة لمختلف البطولات ولمباريات المنتخب حيث دفعت 7 مليارات. الحصول على حقوق البث من قبل «تونس 7» فتح أمام البرامج الرياضية للقناة آفاقا واسعة للعمل مع ضمان التنوع وإثراء البرمجة التلفزيونية بأفكار وتصورات جديدة. وفي ما يخص (ستاد 7) لعل الجميع لاحظ سعينا الى التعاطي مع المادة الرياضية من زوايا مختلفة تفيد المشاهد وتثقّفه رياضيا وفنيا. بالنسبة للبطولة التونسية أنتم ترون أن مستواها الحالي لا يستدعي هذا الكم من البرامج أما وجهة نظري الشخصية فهي أن الكرة التونسية تستحق أكثر من 3 أو 4 برامج رياضية حتى لو كانت ضعيفة كما تقولون ولا أتصور أن ذلك بدعة.. انظروا الى برمجة (قناة +) الفرنسية.. هناك 10 برامج رياضية فهل تحدث أحد عن تخمة أو عن مستوى البطولة الفرنسية الذي لا يبيح كل هذا الاهتمام الاعلامي. في كلمة، العمل التلفزيوني مجال مفتوح للمنافسة وإغناء المشهد السمعي البصري وبالتالي تعدد البرامج الرياضية عنصر إيجابي جدا وفي النهاية تبقى الكلمة للمتفرج الذي سيحكم على المادة المقدمة إليه. ياسين بن سعد عادل بوهلال: بصراحة الآن لا يمكن أن نحكم على مدى نجاح هذه البرامج في تحقيق الاستفادة فهي مازالت في بدايتها وتحسيس خطواتها الاولى وبالتالي علينا أن نمنحها بعض الوقت حتى نقف على حقيقة ما تسعى الى تقديمه خاصة من ناحية الشكل. ولكن نتحدث في المبدإ لنقول إن التنوع يخلق اختلافا في الآراء وهذا مطلوب وما على المسؤولين إلا إثبات نجاحهم في الخلق والتجديد فالمشاهد سئم نفس المشاهد والاشخاص والمواضيع وهو ما يؤكد أنه يتمتع بقدرة عالية تجعله يقدر على التمييز بين الغث والسمين. في نظري كرتنا تستحق هذا الاهتمام الاعلامي بالنظر الى هذه المرحلة التي تتطلب وضع الاصبع على مكمن الداء لكن تبقى هذه المنابر الاعلامية مطالبة بإثبات وجودها من أجل هدف الاصلاح والمساهمة في الدفع نحو تجاوز النقائص ليبقى الهدف الاساسي لها إفادة الكرة التونسية وليس البحث عن تحقيق مصالح فئة ضيقة فهناك مواضيع عديدة يستوجب البحث فيها ومحاولة إيجاد حلول عملية لها. شهاب الرويسي: التعددية دائما تفيد المتلقي لتجاوز الخطاب الواحد... إنتاجنا في نسمة يختلف عن بقية البرامج في القنوات الاخرى لأننا نتوجه الى جمهور المغرب الكبير وليس الى الجمهور التونسي فقط رغم تخصيصنا حيزا زمنيا للاحداث الرياضية التونسية ثم إن برنامج «ناس سبور» يبث منذ شهر ماي الماضي من دون انقطاع وكانت لدينا تجربة خلال كأس افريقيا لذلك نحن ثابتون قبل بعض البرامج الاخرى... في هذا الاطار تطرح فقط مشكلة توقيت البث التي تبقى متقاربة في الزمن وسهرة الاثنين رغم أننا نبدأ البث قبل ساعة كاملة من البرامج الاخرى، ففي فرنسا مثلا هناك عدة برامج تعنى بكرة القدم لكنها متباعدة في الزمن وفي أوقات البث... اختيارنا للشخصيات التي تؤثث الحصة لا أعتقد أنه يؤثر في مصداقية البرنامج بالرغم من أننا استضفنا العديد من الوجوه التي عملت في قنوات أخرى. فمثلا اختيارنا لسمير السليمي يتماشى مع توجهنا وعندما أدخلنا عناصر جديدة مثل أحمد المغيربي لم تفرض علينا اعتماد لغة جديدة أو طريقة أخرى بل قبلناها كما هي بعفويتها وطريقة تحليلها التي تعوّد بها المتلقي ومن هنا يستمد الضيف قوته فنحن لا نسعى الى قولبته. المشكلة التي طرحت بالنسبة إلينا تتعلق بحقوق البث فنحن لنا الحق بنقل ما قبل وما بعد المباريات والندوات الصحفية ونحترم العقد بين الجامعة وقناة تونس 7 بشأن نقل المباريات ولكن ما هو غير معقول الاسعار الخيالية التي اصطدمنا بها عندما قررنا شراء بعض اللقطات حيث بلغت قيمتها 5 مليارات، مقابل مليارين للحصول على 3 دقائق ومن اختيار التلفزة الوطنية ومليارا ونصفا للمباراة الثالثة وهذا في نظري غير معقول ويتعارض مع حق الفرد في المعلومة.