كما كان متوقّعا، رفضت «اسرائيل» مجرد التجميد لعمليات الاستيطان التي تقوم بها كسلطة احتلال في فلسطين. ومثلما تنبأ الملاحظون والمتابعون للشأن السياسي في المنطقة، فإن «اسرائيل» لا ترى نفسها مجبرة على تنفيذ مقترحات أو مطالب، سواء منها الواردة على لسان الطرف الأمريكي أوتلك التي يطالب بها الجانب الفلسطيني... وما لجوء رئيس السلطة الفلسطينية الى الجامعة العربية للمطالبة بعقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية لجنة المتابعة العربية، الا محاولة لدرء فشل المسار، وهو فشل معلوم مسبقا ولا يعدّ عزوف «اسرائيل» عن مواصلة تجميد الاستيطان صدمة لأحد. منذ أشغال القمة العربية الاخيرة في طرابلس ليبيا، كان كل العرب المتجالسين للتباحث في موضوع استئناف التفاوض الفلسطيني مع اسرائيل، على بيّنة من الأمر... كانوا جميعا وبدون استثناء موافقين أو رافضين لمنطق التفاوض المباشر دون ضمانات تقدّم للمفاوض الفلسطيني، يعلمون ان في الأمر ضغطا أمريكيا على النظام العربي وأن اسرائيل لن تتعرض لأي نوع من الضغوط... بل إن النظام الرسمي العربي يعرف أن دخول مفاوضات مباشرة على الطريقة التي سوّقتها الولاياتالمتحدةالأمريكية منفردة سوف لن تفضي الى سلام. ذلك أن السلام له قواعد وشروط. أول قاعدة فيه أن يكون طرفا المفاوضات متقاربيْن من حيث الشروط والامكانيات... لكن في مثل جولة المفاوضات الاخيرة التي انطلقت برعاية أمريكية بحتة نرصد أن الطرف الفلسطيني يدخلها بلا ضمانات.. كذلك الشأن بالنسبة الى شروط المفاوضات فقد كشفت هذه الجولة ان «اسرائيل» هي التي تفرض شروطها، شروط المستقوي على ما يمكن أن يُقبل من مثل هذه المفاوضات... إن الحديث الآن وفي مثل هذا التوقيت عن ملاذ عربي للطرف الفلسطيني عبر نداء عبّاس باجتماع للجنة المتابعة العربية، يعني فقط استسلام «الجميع» الى الشروط والضغوط الأمريكية الاسرائيلية. ولا يعني البتة أن نشهد موقفا عربيا مساوما أو فارضا لموقف جديد غير الذي رأيناه وقد أفضى الى دخول فلسطيني في مفاوضات غير متكافئة. وللتدليل على هذا الأمر نشير الى ما أعلن عنه مسؤولون في حكومة الاحتلال أمس الاول حيث توقّعوا تراجع رئيس السلطة الفلسطينية عن تهديده بالانسحاب من «المفاوضات المباشرة».