رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضية الفلسطينية في «المزاد الدولي والصهيوني»: أوهام ب «الجملة»... ووعود ب «التقسيط» !
نشر في الشروق يوم 30 - 09 - 2009

تبدو القضية الفلسطينية في هذه المرحلة وكأنها تدور في حلقة مفرغة.. حلقة عنوانها في الظاهر التوصّل الى تسوية يتمّ بمقتضاها إقامة دولة فلسطينية مستقلة لكن ما يحدث علي أرض الواقع يدحض مثل هذه الوعود التي «يتبارى» في إطلاقها مسؤولو الادارة الأمريكية وبعض حلفائهم من العرب.. بل ان ما يجري من تدمير اسرائيلي ممنهج وتكثيف للاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والقدس فضلا عن التلويح الاسرائيلي الصريح بعدوان جديد علي قطاع غزة يطرح أكثر من سؤال حول مستقبل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في ضوء التحدي الصهيوني المعلن للمجتمع الدولي ورفضه مجرد تجميد مؤقت للاستيطان ورغم ما يقال عن ضغوط أمريكي بهذا الخصوص ورغم ما يتردّد عن شروط فلسطينية في هذا الموضوع قبل استئناف المفاوضات فإن لا شيء يؤشر على وجود «حلحلة» وشيكة للجمود الذي «يضرب» عملية السلام.. منذ سنوات ولا شيء يبعث على الأمل في تهدئة ولو مؤقتة في الأراضي الفلسطينية.. تهدئة تخفف عن الشعب الفلسطيني وطأة الحصار والقهر والاذلال.. وتوفر لقادته الفرصة لترتيب بيتهم الداخلي وإنهاء حالة الانقسام التي دفع بسببها الفلسطينيون ثمنا باهظا..
في هذا العدد الجديد من الملف السياسي تتحدث ل«الشروق» شخصيات فلسطينية وعربية عن أسباب هذا الجمود السياسي في مسار التسوية وعن فرص وآفاق التوصل الى حل للقضية الفلسطينية.. وهم السادة:
د. مصطفى البرغوثي (زعيم المبادرة الوطنية الفلسطينية)
أ. جمال زحالقة (نائب عربي في الكنيست الاسرائيلي)
أ. محمد المسفر (كاتب ومفكر عربي)
أ. عبد الله العبيدي (خبير استراتيجي تونسي)
د. مصطفى البرغوثي: إسرائيل عقبة أمام السلام والحل في معاقبتها
تونس «الشروق»:
اتهم زعيم المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي في تصريحات ل «الشروق» عبر الهاتف إسرائيل بعرقلة محاولات التسوية بمواقفها المتعنتة والتصعيدية داعيا الى فرض عقوبات دولية عليها من أجل اجبارها على العودة الى الشرعية الدولية والالتزام بقرارات الامم المتحدة.
وقال الدكتور مصطفى البرغوثي «إن الموقف الاسرائيلي واضح كالشمس فهو يرفض تجميد الاستيطان ويرفض وقف عمليات التهويد في القدس ويواصل عدوانه على المقدسات الاسلامية متحديا بذلك المجتمع الدولي بأسره..
وأضاف: «مع ذلك يمارس الكيان الاسرائيلي التضليل والخداع ويحاول ان يرمي الكرة في الملعب الفلسطيني من خلال مطالبته الجانب الفلسطيني بالعودة الى طاولة المفاوضات على أساس الأمر الواقع اي دون ان يستجيب هو في المقابل الى مطالب المجتمع الدولي بتجميد الاستيطان والالتزام بما تنصّ عليه خريطة الطريق وتابع: اليوم اسرائيل تريد تكرار شروطها... وهذه الشروط موضوعها عدم قيام الدولة الفلسطينية.. لا للعودة الى حدود 1967 والسيطرة الاسرائيلية على القدس.
وأضاف: «إسرائيل أغلقت الباب أمام أي تسوية... وبالتالي الوضع لن يتغيّر ما لم يحدث ضغط مباشر بل بالعكس نتوقع مزيدا من التصعيد وقد نجد أنفسنا أمام اجراءات اسرائيلية أكثر عدوانية وشراسة في المرحلة القادمة..
وفي ردّه على سؤال حول موقفه من اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد الدكتور مصطفى البرغوثي انه كان يفضّل الا تعقد هذه القمة إلا بعد تجميد الاستيطان لكنه حذّر من ان توظّف تل أبيب هذا اللقاء مجددا من اجل المضي قدما في مخططاتها مضيفا ان ما يجري اليوم ان اسرائيل تريد ان تفرض على الآخرين التراجع عن مواقفهم وليس العكس.
وحثّ القيادي الفلسطيني البارز في هذا الاطار الولايات المتحدة على اتخاذ موقف حازم والضغط على اسرائيل من اجل التراجع عن سياساتها العدوانية والتدميرية.
أ. محمد المسفر: الحلّ في المقاومة... وفي حلّ «السلطة» الفلسطينية
تونس (الشروق)
استبعد الكاتب العربي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة القطرية السيد محمد المسفر في حديث مع «الشروق» عبر الهاتف أن يكون هناك أي حل للقضية الفلسطينية مؤكدا أن ما يجري ليس سوى محاولة أمريكية جديدة للالتفاف على الحقوق الفلسطينية. وقال السيد محمد المسفر «أعتقد جازما أنه ليس هناك حل للقضية الفلسطينية في الظروف الراهنة مادامت اسرائيل ترفض التنازل عن أي مطلب من مطالبها في الهيمنة على الأرض وعلى الموارد الفلسطينية والسكان وقدراتهم.. وأضاف «اسرئيل اليوم تقود العرب والفلسطينيين الى اختزال قضيتهم في مسألة المستوطنات وفي نفس الوقت تطلب (اسرائيل) الأرض والأمن..».
وفي ردّه عن سؤال حول قراءته للموقف الفلسطيني مما يجري قال المسفر «إن موقف قيادة السلطة الفلسطينية التي ولدت من رحم اتفاقية أوسلو عام 1993 لم تقدم شيئا ولن تستطيع أن تقدم شيئا في ظل تمسّكها بنهجها الذي ثبت إفلاسه وهو نهج التفاوض مع العدو الاسرائيلي».
وتابع «إن هذا النهج انكشف فشله ودوره في إضعاف القضية الفلسطينية.. وعلى ذلك فإن الحل الأمثل والأسرع لخلط الأوراق على اسرائيل وحلفائها في الغرب أن تعلن السلطة الفلسطينية فشلها في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني وأن تعترف بعجزها عن المواءمة بين مطالب الشعب الفلسطيني بنيل حقوقه كاملة والمتمثلة في عودة اللاجئين والسيادة على القدس و«تحرير الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني ومن ثمّ تقدم استقالتها»..
وأضاف «إذا أعلنت السلطة الفلسطينية ذلك وانسحبت من الساحة السياسية فإنها ستخلط الأوراق في الدول الغربية كافة بما في ذلك واشنطن وستربك كل أنصار اسرائيل وحلفائها المتواطئين معها» معتبرا أن ذلك هو الحل الأمثل والأسرع والأنجع لإيجاد صيغة عملية لحل هذا المشكل من جذوره..
وأوضح «في هذه الحالة فإنه يظلّ مطلوبا من كل القوى الفلسطينية في الداخل أن تتبنّى مشروع المقاومة بكل أدواتها وأن تتجنّد بكل وسائلها للدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة وتنتصر لشعبها الذي ضاعت حقوقه وتلاشت آماله في السلام والعيش الكريم على مدى عقود من الزمن لم يجن خلالها من وعود السلام سوى الأوهام».
وشدد في هذا الصدد على أن القضية الفلسطينية تمرّ اليوم بمرحلة مصيرية هي الأصعب في تاريخ الشعب الفلسطيني تستوجب من جميع الفلسطينيين أيضا الالتفاف حول المقاومة ورفض كل أشكال التسوية المشبوهة التي تروج لها إدارة أوباما وبعض حلفائها من العرب.
أ. جمال زحالقة: تل أبيب تريد ادارة الصراع... والخلاف الامريكي الاسرائيلي حول الاستيطان مسرحية
تونس الشروق:
أكّد النائب العربي في الكنيست الاسرائيلي الاستاذ جمال زحالقة في حديث خاص ل «الشروق» عبر الهاتف أن التحركات الاخيرة في المنطقة لا تهدف الى ايجاد تسوية للقضية الفلسطينية وانما الى استئناف المفاوضات وتمكين اسرائيل من كسب مزيد من الوقت وفرض شروطها على الجانب الفلسطيني...
الأستاذ جمال زحالقة وصف في هذا الاطار الخلاف الأمريكي الاسرائيلي الظاهر حول تجميد الاستيطان بالمسرحية.
وفي ما يلي هذا الحديث.
ما هي قراءتكم للموقف الراهن من مسار التسوية وما هي برأيكم فرص تحقيق السلام بالمنطقة في ضوء التصعيد في الموقف الاسرائيلي على الأرض؟
أعتقد أن سياسة نتنياهو هي سياسة ادارة للصراع وليس حلّه... هو يريد إدارة الصراع بشروط أفضل لاسرائيل وأن يرسم خريطة الحل عبر تكثيف الاستيطان في القدس وغور الأردن... هدف اسرائيل الثاني هو تحويل القضية من قضية احتلال اسرائيلي جاثم على صدور الفلسطينيين الى قضية «يهودية الدولة» وذلك قصد صرف النظر عن الجرائم الاسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني والتي آخرها الجريمة الاسرائيلية في المسجد الاقصى الاحد الماضي... إذن كل ما في الامر أن اسرائيل تحاول اليوم أن تكسب الوقت حتىتثبّت الوقائع على الارض... وهي لا تؤمن بالحل السياسي وانما هي تريد مفاوضات لأجل المفاوضات لا غير... وكل التحرّكات في الفترة الاخيرة لا تهدف الى التوصّل الى حل وانما التوصّل الى استئناف المفاوضات... ولو رجعنا الى ما حدث أثناء حكومة أولمرت لوجدنا استيطانا مكثفا في الضفة والقدس حيث وصل عدد المستوطنين الى 50 ألف مستوطن... فنحن اليوم أمام حالة تريد فيها اسرائيل ان تجرّ الفلسطييين الى ملعبها... ملعب المفاوضات العقيمة وتغيير الواقع وتثبيت الاستيطان الاسرائيلي.
في هذه الحالة كيف تحلّلون التجاذب الحاصل بين ادارة أوباما وحكومة نتنياهو من مسألة تجميد الاستيطان، وما هي برأيكم طبيعة هذا الخلاف... وأبعاده؟
هذه في الحقيقة مسرحية اسرائيلية وأمريكية هدفها اختزال القضية الفلسطينية في تجميد أو عدم تجميد الاستيطان في حين أن ما حدث ويحدث على الارض يؤكد أنه لم يكن هناك تجميد الاستيطان فحتى عندما أعلنت اسرائيل تجميد الاستيطان تضاعفت الهجمة الاستيطانية تحت يافطة التكتّل الطبيعي... ودائما كانت هناك مشاريع استيطانية توسعية خاصة في فترات المفاوضات... ولذلك تريد اسرائيل اليوم استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لأن فترة المفاوضات عادة ما تشهد هدوء نسبيا يجتذب المستوطنين الى الضفة الغربية... ونتنياهو يقول الحقيقة في الواقع حين «يشكو» من أن الفلسطينيين يطلبون منه ما لم يطلبوه من أولمرت فهو يقول ببساطة في السابق اكتفى الفلسطينيون بالوعود فلماذا يطالبونني بتجميد الاستيطان؟
هل نفهم من كلامكم هذا أن الموقف الامريكي يفتقد الى أوراق الضغط على اسرائيل في المرحلة الحالية... وأن الرهان الفلسطيني والعربي على واشنطن بهذا الخصوص هو بالتالي بلا جدوى؟
باعتقادي أن أهم جملة قالها أوباما في خطابه بالقاهرة أن العلاقات الامريكية الاسرائيلية متينة لا تنكسر... وهذا يعني ان العلاقات الاستراتيجية الخاصة بين الولايات المتحدة لن تتأثر مهما فعلت تل أبيب... فقد تكون هناك في الحد الاقصى خلافات بين الجانبين لكنها خلافات تبقى على السطح السياسي ولا تمس عمق العلاقات الاستراتيجية... وفي هذه الحالة لا تشعر اسرائيل بأن هناك ضغطا أمريكيا عليها...
والولايات المتحدة ومهما حاولت واقترحت من مقترحات فإن ذلك يبقى مجرّد كلام لا يؤثر ولا يغيّر الأمور في الواقع... وقد سمعنا كلاما كثيرا... ولكن على الأرض لم نر شيئا من الوعود الامريكية للفلسطينيين والعرب بل إن ما نراه هو مزيد من الضغط عليهم بهدف اجبارهم على تقديم تنازلات اضافية على حساب الحقوق الفلسطينية... المشروعة... وبالتالي فإن المراهنة على الدور الامريكي لتحقيق السلام في المنطقة لم تعد تجدي نفعا لأن الموقف الامريكي «يتأسرل» باستمرار وتدريجيا تجري ملاءمة الموقف الامريكي للموقف الاسرائيلي.
أ. عبد الله العبيدي: «اللقاء الثلاثي», «هدية فلسطينية» لأوباما وللكيان الصهيوني...
* أجرى الحوار أمين بن مسعود
تونس- الشروق:
اعتبر الخبير الاستراتيجي عبد الله العبيدي أنّ اللقاء الثلاثي (أوباما نتنياهو عباس) في نيويورك كان بمثابة هدية رئيس السلطة الفلسطينية لصالح تل أبيب والإدارة الأمريكية التي اتهمها باختزال القضية الفلسطينية في مسألة تجميد الاستيطان .
وعزا الباحث التونسي في حديثه لجريدة «الشروق» حالة الجمود المهيمنة على مسار التسوية إلى أنّ الدول الغربية سعت من وراء اتفاق أوسلو إلى إنشاء شبه سلطة فلسطينية تمضي على وثيقة قبول إسرائيل في المنطقة العربية .
وفيما يلي نصّ الحوار :
إلى ماذا تعزو حالة الجمود المخيمة على مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتي كانت من أهمّ مظاهرها فشل جولات المبعوث الأمريكي الخمس إلى المنطقة العربية ؟
حالة الجمود ليست طارئة على مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بل هي ملازمة له ,ذلك أنّ «اتفاق أوسلو» ما كان له أن يبرم لولا تورط الزعيم الراحل ياسر عرفات في حرب الخليج الثانية ,أضف إلى ذلك أنّ الولايات المتحدة رفقة الدول المنحازة إلى إسرائيل كانت تهدف من وراء مفاوضات «مدريد وأوسلو» إلى بعث «شبه سلطة فلسطينية» تمضي على وثيقة القبول بولادة إسرائيل في المنطقة العربية ,ولا أدل على صحّة هذا الإقرار من عدم جني الطرف الفلسطيني أيّ مكسب سياسي قبل «أوسلو» أو بعدها...فالاستيطان لا يزال إلى حدّ اللحظة جار على قدم وساق ولم يتأثر بتعاقب الحكومات الإسرائيلية اليمينية أو اليسارية ..لذلك فمن الطبيعي أن تكون حالة الجمود هي الحالة المهيمنة على واقع المفاوضات طالما أنّ المسعى من انبثاقها تمثّل في إنشاء سلطة توقع فقط على المعاهدات والاتفاقيات وطبيعي أيضا أن يكون الشيء الوحيد المتحرك والفاعل في واقعنا الراهن هو العمل التحرري المقاوم...
كيف تفسرون مطالبة السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي بضرورة إنشاء مرجعية تفاوضية جديدة ؟
هذا المطلب ليس بجديد, ياسر عرفات بدوره كان يدعو إلى مرجعية جديدة..وهو تأكيد لما قلناه انفا بأنّ الصهاينة لم يقدموا أيّ تنازل للطرف الفلسطيني ,على الرغم أنّ ما يسترعي الانتباه في هذه المناشدة أنّها تتصادم مع دعوات السلطة الفلسطينية إلى العودة إلى النقطة التي توقفت عندها المفاوضات السابقة باعتبار أنّ الرجوع إلى نقطة توقف المحادثات يفضي بالضرورة إلى الالتزام بالمرجعية القديمة...وفي تقديري الشخصي أن السلطة الفلسطينية ليست جادة أيضا في سعيها للحصول على دولة بكلّ ما في مفهوم الدولة من مقومات .
كيف ؟
لو كانت السلطة الفلسطينية جادة في مسعى إنشاء دولة لاجتهدت في استثمار أسباب ونقاط القوة الموجودة لدى الفلسطينيين ولما حاولت «اجتثاث» أيّ أثر للمقاومة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزّة ولما عقدت مؤتمر حركة «فتح» في بيت لحم ...
امتدادا لحديثك عن السلطة الفلسطينية هل توافق الآراء التي تندد باستبدال الفريق الفلسطيني المفاوض «الشرعية الدولية» كإطار للمحادثات بالتفاهمات الجانبية حتّى وإن لم تطبق القرارات الدولية ؟
لا أستطيع أن أسلمّ بسلامة هذا الرأي باعتبار أنّ المرجعية الأممية المستندة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي تشكل الضمانة الدولية والقانونية لولادة الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية .
مؤدى حديثكم أنّ خلوّ أي تسوية مقبلة من تطبيق فعلي للقرارات الأممية لن تكون قانونية ولو قبل بها الطرفان ؟
بالتأكيد, ذلك أنّ قرارات الأمم المتحدة لا تلغيها إلا قرارات الأمم المتحدة , ولوائح مجلس الأمن لا تعطلها إلاّ لوائح مجلس الأمن وهكذا,,,
ماهو تقييمكم لأداء الإدارة الأمريكية الجديدة في ملف التسوية وألا ترون أنّها اختزلت القضية الفلسطينية برمتها في مسألة تجميد الاستيطان ؟
كلّ ما قامت به الإدارة الأمريكية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط متمثلا في «تصوير» تجميد الاستيطان الإسرائيلي على أنّه تنازل صهيوني يستلزم «تطبيعا» عربيا مع تل أبيب , فلا يخفى على أحد أنّ هذه الإدارة تقع تحت ضغط الصهيونية واللوبيات اليهودية الأمر الذي أجبرها على تقديم «تنازلات مهينة» على مستوى الخطاب أو المبادرات لفائدة إسرائيل...
ولكنها استطاعت أن تجمع رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي على طاولة مفاوضات واحدة في الوقت الذي كانت الأطراف الرسمية والجهات المراقبة ترى صعوبة استئناف انعقاد الاجتماعات الثنائية والثلاثية ؟
اللقاء الثلاثي الذي التأم مؤخرا في نيويورك كان هدية عباس للحركة الصهيونية وللرئيس الأمريكي حتّى يخفف أوباما عن نفسه حجم الضغوط المسلطة عليه من قبل الكونغرس واللوبيات الإسرائيلية...وهي حقيقة تجعلنا نقول للمتشدقين بمكاسب خطاب القاهرة أنّ هذا الأخير لم يكن سوى نص إنشائي أعدّ بعناية من قبل شخصين عربيين من محيط البيت الأبيض....
كيف تنظرون لمستقبل التسوية و ماهي الحلول التي ترونها قادرة على دفع عجلة السلام في الشرق الأوسط ؟
لانستطيع التطرق إلى القضية الفلسطينية بمعزل عن بعدها وعمقها العربي والإسلامي والإنساني...ولا يستقيم أمر القضية الفلسطينية ولا الوضع الداخلي لبعض الأنظمة العربية إلاّ بوجود الإرادة والفكر لتوظيف كلّ الإمكانات القادرة على خدمة قضايانا ومناط هذا الأمر هو الإذعان بأنّ الحياة تعددية في أصلها وأنّ السياسة لا تشذّ عن هذه القاعدة إن رمنا إلى أن تكون سياسة حيّة,,فللعرب من العدد والعدة والموارد على اختلاف أنواعها ما يؤهلهم لأن يكونوا رقما صعبا في المعادلة الدولية خاصّة وأنّ إسرائيل اليوم –على الرغم من مرورها بأسوإ الظروف القانونية والسياسية والدولية- لم تعد تولي اهتماما بالقضية الفلسطينية طالما أنّها تعنى اليوم بالقضايا العالمية المثيرة من قبيل النووي الإيراني والتجارب النووية الكورية الشمالية والأسوأ من ذلك أنّها أصبحت على غرار الولايات المتحدة تشرع قوانين ذات فاعلية أقوى من فاعلية «القانون الدولي ذاته..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.