* من مبعوثتنا الخاصة إلى اللاذقية فاطمة بن ضو ونيس مرة أخرى تتحدى قافلة برية كل الصعوبات والضغوطات لايصال قليل من الامل الى غزة «شريان الحياة 5»... الاسم وحده يكفي لفهم هذه المبادرة التي رسم خطوطها الاولى الناشط البريطاني جورج غالاوي، من خلال منظمته «تحيا فلسطين» وانضمت اليها مختلف شرائح المجتمع المدني بأوروبا والبلدان العربية وكافة أصقاع العالم. «الشروق» كانت في الموعد ضمن الوفد التونسي المشارك في «شريان الحياة5». مطار دمشق الدولي... الساعة 23:30 بالتوقيت المحلي... اثر رحلة دامت قرابة السبع ساعات باحتساب الترانزيت بعمان، لم يكن من السهل الاستمتاع باحساس القادم الى الشام لأول مرة رغم كل اللافتات المرحبة بضيوف سوريا كالعادة في مثل هذه المناسبات أمام مطار دمشق يتجمهر حولك سائقو سيارات الاجرة فور احساسهم بأنك «غريب». «من وين حضرتكم... من تونس!! اهلا بأشقائنا التوانسة... رايحين عاللا ذقية؟ ما في مشكل 8500 ليرة (حوالي 200 دولار)». بعد أن أخذنا الوقت الكافي لنصدم بالارقام الخيالية التي عرضها على مسامعنا كل من كان واقفا أمام المطار، وبعد أخذ ورد، اتفقنا مع شاب سوري «تطوع» أن يقلنا الى اللاذقية ب6000 ليرة... فقط المسافة التي تفصل اللاذقية عن دمشق تقدر بحوالي 350 كلم.. السيارة كانت مكيفة والسائق السوري كان في منتهى الأدب واللباقة. لم يكن هناك سوى اشكال صغير للغاية. السيارة كانت معدّة لنقل خمسة أشخاص باعتبار السائق ونحن كنا خمسة أشخاص... بدون احتساب السائق ولأنه لم يكن من الملائم ترك السائق، قرّرنا في خطوة أشبه بالانتحارية أن نتحدى حدود التحمّل البشري ونترّاص في مشهد أشبه بيوم الحشر، لتنطلق بنا السيارة في حدود الساعة الثانية صباحا الى مدينة اللاذقية. البحر أمامكم مع أوّل نسائم الفجر وبعد حوالي أربع ساعات وصلنا الى اللاذقية... رائحة البحر كانت كافية لتنسي أيا كان تعبه لكن حالتنا كانت تتجاوز مجرّد الاحساس بالتعب بمراحل. انتهت الرحلة الى اللاذقية وابتدأت رحلة البحث عن المكان المخصص لاقامتنا كان من المفروض ان يكون في انتظارنا شخص يدعى زاهر بدار الشباب باللاذقية لكننا اكتشفنا ان اللاذقية تحتوي ما لا يقل عن عشر دور شباب وأن لا أحد يعرف شخصا اسمه زاهر. من حسن الحظ الذي قرر ان يبتسم لنا لأول مرة منذ وصولنا عثرنا على سائق تاكسي يعرف مكان إقامة الوفود المشاركة في قافلة «شريان الحياة 5» لم تكن دار شباب... كان مركز الشهيد باسل الأسد لمعسكرات طلائع البعث. مرة أخرى اعترضنا اشكال صغير: الساعة كانت تشير الى حوالي السادسة والنصف صباحا وكل المسؤولين بالمركز كانوا نياما. «ارجعوا بعد ساعتين، الآن من غير الممكن استقبالكم» قال لنا الحارس. ساعتان... الأمر بسيط جدا... كان لا خيار بين ان نبقى على قارعة الطريق امام المبنى أو أن نجلس «قليلا» على شاطئ البحر بانتظار ان تفيق مدينة اللاذقية من سباتها. الحل الثاني كان الأنسب... وهكذا انتهى بنا المطاف مع امتعتنا وبعد حوالي 24 ساعة بلا نوم، على شاطئ اللاذقية ننتظر استفاقة مدينة لم تجد بعد الفرصة لكي ترحّب بنا. كان مركز الشهيد باسل الأسد لمعسكرات طلائع البعث يغص بالوفود من مختلف الجنسيات. رؤية الشاحنات وسيارات الاسعاف المعبأة بالأدوية والأجهزة الطبية كانت كافية لنحسّ بأننا وضعنا فعلا أول قدم على الطريق المؤدي الى غزة هنا بداية الطريق...