مخطط التنمية 2026 – 2030: اقتراح 35435 مشروع من المجالس المحلية    كيف سيكون طقس اليوم الخميس ؟    قيس سعيّد: آن الأوان لتعويض الوجوه القديمة بكفاءات شابّة لخدمة كل الجهات    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    ماكرون: نريد وقف إطلاق نار في غزة الآن ودون نقاش    الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جندي منتحرا في قاعدة عسكرية بالجنوب    النيابة العامة الليبية.. سقوط 20 قتيلا وهروب 461 سجينا في اشتباكات طرابلس الأخيرة    تغيير جذري: الاتحاد الأوروبي يعتزم ربط مساعداته للدول الإفريقية بجهود الحد من الهجرة    أخبار النادي الإفريقي: مفاوضات مع علي يوسف لتجديد عقده    هام/ هكذا ستكون درجات الحرارة خلال الأيام القادمة..    بعد وفاة شخصين أثناء البحث عن الآثار: ملفّ التنقيب عن الكنوز يعود... وإيقافات بالجملة    كأس العالم للاندية.. باري سان جرمان ينتصر على الريال برباعية ويمر الى النهائي    نور قمر تعلن انسحابها من حفل افتتاح مهرجان قرطاج    تاريخ الخيانات السياسية .. دسائس في القصر الأموي (2)    بنزرت: حجز 8.8 أطنان من البطاطا وضخها في المسالك القانونية    سليانة.. الاحتفاظ بشخص حاول فَقْءَ عين زوجته    المنستير: شركة النقل بالساحل تبرمج خطوطا شاطئية صيفية تربط قصر هلال والمكنين بشواطئ الشرف وتابسوس بالبقالطة    الدستوري الحر: إحالة موسي على الفصل 72 من المجلة الجزائية تبعا لرفض مطلب التعقيب في ملف "مكتب الضبط"    ترامب: فرصة كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل    الكاتبة العامة لهيئة الصيادلة: استراتيجية الدولة تجعل سوق الأدوية مراقبة ومسالك توزيعها مغلقة وآمنة    تسجيلات مسربة: ترامب هدد بوتين وتشي بقصف موسكو وبكين    عاجل/ الإعلان عن موعد تنظيم الدورة الاولى من المهرجان الدولي لموسيقى ال"راب"    طريقة انتقام طريفة: رفضت الزواج به فأطلق النحل على المدعوين يوم زفافها    اختتام السنة الدراسية 2024 -2025 بمدرسة الصحّة العسكرية    عاجل/ من بينها ليبيا والجزائر: ترامب يفرض رسوما على هذه الدول ويوجّه لها هذه الرسائل    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يلغي قرار هبوط نادي أولمبيك ليون إلى بطولة الدرجة الثانية    المظلّة القابسية: أسعارها وأنواعها...تفاصيل تهمّك في هذا الحرّ    ''فاكهة التنين'' تغزو تونس: مشروع ضخم ب30 ألف شجرة في المنستير!    وزارة السياحة تمنع مسؤولي النزل ووكالات الأسفار من التدخل في لباس المصطافين    إدارة مهرجان قرطاج الدولي تُلغي عرض الفنانة الفرنسية "هيلين سيغارا"    قانون جديد بش ينظم البيع على الإنترنت... وآلاف التوانسة معنيين!    حكم بحبس أنشيلوتي لمدة عام    وضعية Fan في المكيّف: هل فعلاً تساهم في تقليل استهلاك الكهرباء؟    مخاطر تجاهل نظافة ''البيسين'': صحتك وصحة عائلتك في خطر    قيمة صادرات النسيج والملابس تزيد بنسبة 2،61 بالمائة إلى موفى ماي 2025    الحماية المدنية تحذر من السباحة اليوم بسبب هبوب رياح قوية    منوبة: اتخاذ قرارات رادعة لمنع الضجيج والانتصاب الفوضوي وإشغال الطريق العام    دورة الصداقة الافريقية لكرة الطائرة تحت 19 عاما: نتائج مباريات المنتخب التونسي    نادي فيتا كلوب الكونغولي يتعاقد مع المدرب التونسي صابر بن جبرية    وزارة السياحة تمنع التدخل في لباس المصطافين وتمنع البيع المشروط    لأوّل مرّة: حيوان بحري نادر يظهر بشاطئ سيدي علي المكي.. #خبر_عاجل    ألكاراز يتغلب على نوري ويتأهل لقبل نهائي ويمبلدون    بعد حذف معلّقة "سان ليفان" من برمجته: مهرجان قرطاج الدولي يكشف ويُوضّح..    مهرجان تستور الدولي... كان صرحا فهوى!    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي يوم غد بهذه المناطق..#خبر_عاجل    بداية من منتصف النهار: إعلان نتائج هذه المناظرات الوطنية..#خبر_عاجل    هام/ يتضمن خطايا مالية تصل إلى 10 آلاف دينار: تفاصيل مقترح قانون حماية المصطافين..    جندوبة: رحلة سياحية رابعة تحط بمطار طبرقة عين دراهم الدولي    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث في باريس!    عاجل/ من بينهم أطفال: استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس..    عمي رضوان: ''الكره المجاني والسبّ على الفيسبوك يؤلمني''    اليوم كلاسيكو نار في نصف نهائي مونديال الأندية: التوقيت والقنوات الناقلة    جزيئات بلاستيكية وراء آلاف الوفيات بأمراض القلب في العالم    دواء موجود قدامنا وما كناش نعرفو؟ السر في حليب الجمل    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خميسيات آدم فتحي: الرقصة البشعة
نشر في الشروق يوم 07 - 10 - 2010

«ليس من فنٍّ أقدر من الرقص على أن يكشف لنا عن جوهر الأساطير»! هكذا قال موريس بيجار ذات يوم!
عبارة لا أراها بعيدة عن روائع كثيرة من مشاهد الرقص بالكلمات وبالأفكار وبالصور...من بينها تلك الصورة الأولى التي أصبحت جزءًا من المشترك الميثولوجيّ الكونيّ...صورة أوّل رقصة «كاشفة» أو «معلّمة»...رقصة ذينك الطائرين اللذين علّما قابيل كيف يواري سوءة أخيه!
السؤال الآن: عن أيّ أسطورة «تكشف» وأيّ شيء «تعلّمنا» الرقصة البشعة التي تضمّنها تسجيل مصوّر عرضه التلفزيون الإسرائيليّ هذه الأيّام وما انفكّ يزحف على مواقع الأنترنات...تسجيل لجنديّ إسرائيليّ يبتذل رقصة شرقيّة بالقرب من فتاة فلسطينيّة تقف إلى الحائط بلا حراك، مُكبّلة اليدين معصوبة العينين، على وقع موسيقى وتعليقات ساخرة، بينما تظهر كتابة تعلن للمشاهدين «الكرام» أنّهم أمام «تسجيل مسلٍّ عن جنديّ إسرائيليّ يرقص حول إرهابيّة عربيّة»!!
نحن هنا أمام «شفرة» في وسعنا تأويلها في أكثر من اتّجاه وتفكيكها إلى أكثر من مفردة...من ذلك مفردة «التسلية» وعبارة «الإرهابيّة العربيّة»، بما تبرهنان عليه من اختزال لفنّ الرقص في دوره التسلويّ، وسقوط بالإنسان (بتعلّة أنّه فلسطينيّ) إلى مستوى أبشع من «الهومو ساكير» الذي تحدّث عنه أغمبن. أقصد مستوى أداة للتسلية، كأيّ «لعبة» غير بشريّة!
ليس من شكّ في أنّ راقصي الكهوف القديمة وأحفادهم من الشامان والدراويش الدوّارين لم يتوقّعوا أن يصبح الرقص أداة للتعذيب...فقد ظلّ الرقص لديهم لغة جسديّة موجّهة إلى الروح، حتى لدى القبائل الأمريكيّة والإفريقيّة القديمة التي كانت تمارس رقصة الانتصار حول أعدائها.
أمّا مبدعو فنّ الباليه والرقص الحديث، الذين اعتبروا أنفسهم عنوانًا على عصرهم، انطلاقًا من أنّ الرقص هو الفنّ الذي انصهرت فيه فنون القرن العشرين كلّها، فلا شكّ أنّهم يشعرون بالخزي أمام مثل هذه البشاعة، ولا شكّ أنّ الراحل منهم محظوظ برحيله قبل أن يرى فنّه يصبح جزءًا من إرهاب الدولة، وتقنية من تقنيات العنف، ووسيلة من وسائل إهانة الإنسان وإقصائه من هويّته البشريّة، تذكّر ببشاعات النازيّة إن لم تفُقها!
لقد كفّ الرقص هنا عن أن يمثّل حوارًا مع الآلهة ومع عناصر الطبيعة مثلما كان مع الأسلاف...كما كفّ عن تجسيد المصالحة بين ما هو ماديّ وما هو روحيّ...بين ما هو جسد وما هو حلمٌ مثلما هو شأنُ الرقص الحديث!
في كلّ أطواره الوظيفيّة الطقوسيّة واللعبيّة الفنيّة ظلّ الرقص ممسكًا بخيط المعنى. كما ظلّ محاولةً للتعالي، محاولةً للتخلّص من قانون الجاذبيّة الذي يشدّ الإنسان إلى أسفل...أمّا هنا فهو مندرج في صميم الإيديولوجيا الصهيونيّة الكاسرة التي ينشئ عليها ساسة إسرائيل أبناءهم: إيديولوجيا «تسفيل» كلّ شيء، أي «تفليسه» أخلاقيًّا وجماليًّا، وشدّه إلى القاع وامتهانه وإذلاله. يصحّ ذلك في شأن الفنّ كما يصحّ في شأن الإنسان.
ولعلّنا هنا أمام إجابة ممكنة عن سؤالنا السابق:
عن أيّ أسطورة «تكشف» وأيّ شيء «تعلّمنا» هذه الرقصة الإرهابيّة البشعة؟
إنّها تكشف لنا عن إحدى الأساطير المؤسّسة للثقافة الإسرائيليّة الراهنة، كي نذكّر بعبارة روجي غارودي التي وسمها في حينها سُذّج كثيرون بالمبالغة والتآمر.
مع فارق أنّنا هنا أمام واقع لا أسطورة...
واقع العبث بكلّ مقوّمات إنسانيّة الإنسان.
المشكلة أنّ هذه الرقصة البشعة تتّجه إلى متفرّج...وأنّ المتفرّج يصبح شريكًا في الجريمة ما أن يسمح لنفسه بالفرجة دون ردّ فعل رافض ومقاوم.
فماذا في وسعنا أن نقول لهؤلاء الذين يتفرّجون ويصمتون، أي يوافقون ويساندون ويشاركون ويستسلمون؟
ماذا في وسعنا أن نقول لهم أبلغ ممّا قاله إيمي سيزار ذات يوم، في كرّاسه الشهير:
«حذار يا جسدي وأنت أيضًا يا روحي
حذار من أن تبقيا مكتوفي اليدين
في وضعية المتفرّج العقيمة،
لأنّ الحياة ليست فرجة،
لأنّ بحرًا من الآلام ليس خشبة مسرح،
لأنّ إنسانًا يصرخ ليس دبًّا يرقص...».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.