في مشروع رائد من نوعه بافريقيا، ستشهد منطقة البرمة بالجنوب التونسي خلال الاشهر القليلة القادمة الشروع في تركيز مشروع ضخم لتوليد الطاقة الشمسية في اطار شراكة بين شركة «ستاغ للطاقات المتجددة» و«الشركة الايطالية التونسية لاستغلال البترول» (سيتاب)... وقد تم أمس توقيع اتفاقية بين ممثلي الشركتين خالد قدور ر.م.ع السيتاب وعيّادي بن عيسى م.ع. الستاغ للطاقات المتجددة وذلك بحضور السيد عبد العزيز الرصّاع كاتب الدولة المكلف بالطاقة المتجددة والصناعات الغذائية بمقر وزارة الصناعة والتكنولوجيا... ويأتي هذا المشروع في اطار برنامج وطني كامل لتطوير الطاقات المتجددة يهدف لبلوغ إنتاج 1000 ميغاواط في أفق 2016 والتوسّع فيه في غضون 2030. ومن ضمن مكونات هذا البرنامج الوطني يوجد ما لا يقل عن 40 مشروعا للطاقة الشمسية اضافة الى مشاريع اخرى مماثلة لتوليد الطاقة المتجددة، وذلك وفق ما ذكره السيد عبد العزيز الرصاع. الأولى مثّلت هذه الاتفاقية أوّل نشاط لشركة «ستاغ للطاقات المتجددة» التي بعثت في ماي 2010... وسيكون هذا المشروع الشمسي بالبرمة أحد أهم المشاريع الاربعين المبرمجة ضمن المخطط الشمسي للبلاد التونسية. عريقة يدخل المشروع الشمسي بالبرمة في اطار خطة تطوير ضخمة ستقدم عليها شركة «سيتاب» في قادم السنوات بعد 50 عاما من شروعها في استغلال حقل البرمة، وهو من أكبر وأهم الحقول النفطية في التراب التونسي، ويمثل سوقا واعدة لتلبية حاجيات الناشطين في مجال البترول والطاقة، وكانت «سيتاب» قد حصلت في أوت 2010 على تجديد رخصة استغلال هذا الحقل لمدة 25 سنة أخرى بما سيمكنها من تطوير نشاطها ومواصلة معاضدة مجهودات الدولة في مجال الانتاج الطاقي وخاصة في مجال تطوير الطاقات المتجددة. 50 ميغاواط تقتضي خطة التطوير التي ستقدم عليها «سيتاب» خلال السنوات القادمة تركيز مولّد كهربائي جديد يعمل بالدورة المزدوجة (à cycle combiné) عوضا عن المولّد الحالي الذي يشتغل حاليا بثلاثة توربينات غازية ويعود تركيزها الى السبعينات. وبحكم تقدّمها في السن وتآكل تجهيزاتها، أصبحت هذه التوربينات لا تقدّم النجاعة الطاقية المرجوّة حيث يبلغ مردودها حاليا 20٪ فقط (انتاج 13 ميغاواط فقط) في حين ان التكنولوجيات الحديثة أصبحت تقدّم مردودية تفوق 30٪. لذلك اختارت «سيتاب» تركيز مولد الدورة المزدوجة القادر على انتاج 40 ميغاواط. وبالتوازي مع ذلك، سيتم تركيز مولّد بخاري لتوليد الطاقة الشمسية الى جانب مولّد الدورة المزدوجة وذلك بالتعاون مع «ستاغ للطاقات المتجددة»، وسيكون قادرا على انتاج 5 ميغاواط بمفرده لتتوصل «سيتاب» بذلك الى انتاج جملي يناهز 45 ميغاواط في هذا المشروع الجديد. وستقوم «ستاغ للطاقات المتجددة» بتنفيذ المكوّن الشمسي التابع لها في هذا المشروع بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي... وتبلغ تكلفة هذا المشروع الشمسي (البرمة) حوالي 25 مليون دينار، في حين تبلغ تكلفة بقية مشروع «سيتاب» حوالي 125 مليون دينار. طلب عروض من المنتظر أن يقع خلال الفترة القادمة الاعلان عن طلب عروض دولي لاختيار الجهة التي ستنفّذ هذا المشروع وذلك بعد أن انتهت مؤخرا الجوانب الدراسية التي انطلقت منذ عام، وسيكون المشروع جاهزا في ديسمبر 2013 ليبدأ في العمل. وسيقع توجيه الكميات المنتجة من الطاقة الشمسية نحو المؤسسات البترولية العاملة بمنطقة البرمة لتوفير حاجياتها من الطاقة والتخلي بالتالي تدريجيا عن استهلاك الطاقة الكهربائية المكلفة... من ذلك مثلا أن «سيتاب» تستهلك لوحدها سنويا حوالي 175 جيغاواط من الكهرباء أي ما يعادل قوّة 20 ميغاواط... وبما أن الانتاج المتوقع للمولّدين الجديدين (الدورة المزدوجة والمولّد الشمسي) سيكون في حدود 45 ميغاواط فإن «سيتاب» ستلبّي حاجاتها من الطاقة وستوفّر البقية لفائدة المؤسسات البترولية الاخرى المتمركزة بجانبها في البرمة... وهو ما يسمح به قانون التحكم في الطاقة الذي يُتيح للخواص المنتجين للطاقات المتجددة (شمسية طاقة الرياح إلخ) ببيع 30٪ من انتاجهم... وللإشارة فإن عدّة مؤسسات خاصة انخرطت في برنامج التوليد الذاتي للطاقات المتجددة لتلبية حاجياتها (عوضا عن الكهرباء) ومن ذلك مثلا شركة اسمنت بنزرت وشركة اسمنت أم الكليل (طاقة الرياح) ومجمع كارطاڤو ومجمع عبد الناظر (توليد الطاقة عبر فضلات الزيتون «الفيتورة» بجهة صفاقس) وشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيمياوي (طاقة الرياح). كما يوجد برنامج كامل لتعميم استعمال الطاقة الشمسية «بروزول» في الفنادق والبناءات الجماعية فضلا عن الشروع منذ جانفي 2010 في تجهيز 5 آلاف منزل بالطاقة الشمسية المولّدة في المحطّات.