تونس التي تشجع أبناءها على التعلّم الى ما لا نهاية... تعتز حين يتألق أحدهم وخصوصا إذا تجاوز التفوق حدود الوطن على غرار المهندسة سماح بن فرج أصيلة ولاية بنزرت التي أبرمت مع النجاح والتميز والجوائز عقدا طويل المدى مع المرتبة الاولى الى أن بلغت مرحلة «الماجستير»، فلم تتزحزح أيضا عن خط المسيرة الموفقة، لكن الاهم هذه المرة أن الامتياز كان في فرنسا بالذات، والاولى مثل العادة أمام 98 ممتحنا من مختلف الجنسيات وبلدان العالم في مدرسة Ensieta بفرنسا. مدرسة Ensieta هي مؤسسة عامة للتعليم العالي والبحث، متعددة الاختصاصات (مدنية وعسكرية) تحت إشراف الادارة العامة للتسلح بوزارة الدفاع الفرنسية ومقرها في مدينة «بريست» Brest الفرنسية مما يمكّن عبرها إثر تخريج المهندسين، من تلبية مؤهلات ومتطلبات الصناعات الميكانيكية والالكترونيات والكمبيوتر الاكثر ابتكارا، وتركّز أساسا في بحوثها على تطوير النظم الصناعية المعقّدة، في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقد كان موضوع أطروحة الماجستير لسماح متصلا بمنهج الخيار التلقائي للانظمة المدمجة بالكمبيوتر حول الطائرات دون طيار والغواصات، فأهّلها ذلك، وعن جدارة لنيل الجائزة الاولى في هذا المجال. نتيجة مشرّفة جدا إبان الاعلان عن النتيجة وسط ذاك الحشد العلمي المشهود يوم 11 سبتمبر 2010، كان اسم الفائزة الذي اقترن بجنسيتها التونسية مثيرا لدهشة الحاضرين من غير أبناء بلدها، فيما كان للتونسيين مبعث فخر وبهجة واعتزاز، ومشاعر أخرى مقترنة بقشعريرة تستلهم حماسها الفياض من لحمة وعراقة وقداسة الارض والانتماء... يومها كانت طالبتنا الالمعية ملفتة للانتباه تشريفا وتعريفا عندما صرح الناطق الرسمي للمدرسة مفصحا عن المرتبة الاولى وصاحبتها فضجّت القاعة بالتصفيق إعجابا وإجلالا لهذا الانجاز والامتياز، ولم تستطع عيون والدها طارق بن فرج كبح جماح سيلها تعبيرا عن فرحة عارمة بأغلى ما في الوجود لديه... وكان مثله من الحاضرين التونسيين الكثير ممن لا يختلفون عنه أبوّة بمعناها الاشمل لابنة وطنهم. تكوين رفيع المستوى هذه المهندسة الذكية المجتهدة ذات الملامح البريئة المتقدة حيوية بجمالها الطفولي الهادئ، كافحت فعلا من أجل التميز فنجحت بامتياز وتصالحت مع طموحها المشروع في تحقيق البعض مما تصبو اليه بما في ذلك احدى المراحل التكوينية الهامة جدا في كاليفورنيا، وثانية بمختبرات «بيل الامريكية» في باريس ثم عادت لاستكمال بقية مرحلة الماجستير... وحتى تكتمل الصورة أمام القارئ، فهذه المختبرات العالمية العريقة التي تأسست سنة 1925، تعتبر مصدر الابتكارات المؤثرة على جميع جوانب الحياة العصرية، وبحوثها في هذا السياق كانت ذات أهمية حاسمة، وتطور غير عادي في مجالات عدة مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والساتلية... وتشمل عشرات الآلاف من الباحثين بما في ذلك 4000 دكتوراه من نحو 40 جنسية مختلفة، كما تمتلك أكثر من 2500 براءة اختراع أي بمعدل لا يقل عن واحد في المتوسط، فضلا عن 7 من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء. في الآفاق... دكتوراه... في لقاء مع والد سماح السيد طارق بن فرج إثر عودته من فرنسا بعد حفل التخرج، أفادنا أن ابنته ذات 25 ربيعا سوف تبدأ مرحلة الاعداد للدكتوراه بحلول شهر أكتوبر، والتي ستتوّج بها بإذن الله بعد ثلاث سنوات، تتقاسم فيها أيضا تكوينا أكاديميا بالمختبرات العلمية في فرنسا والولايات المتحدةالامريكية، مثلما حمّلته شكرها العميق وامتنانها الى كافة أبناء بلدها الذين فرحوا وهلّلوا لنجاحها الباهر والرائع الذي شهدته الصحافة المحلية الفرنسية لدى تغطيتها للحدث مع افتخارها كثيرا عند التنصيص خصوصا على أنها أصيلةتونس... من ناحيتنا نقول الى سماح «برافو»... والى الأمام بمزيد التفوّق والتألق.