48 ساعة فقط بعد أحداث ملعب المنزه بين الترجي وحمام الانف (الموسم الماضي) كانت «القبّة» مسرحا للفوضى في دربي كرة اليد ومن سخرية الاقدار أن الساعات القليلة الفاصلة بين المباراتين شهدت انعقاد جلسة خاصة في وزارة الرياضة انتهت الى الشجب والتنديد والاعلان عن جملة من القرارات تبين أن تطبيقها على أرض الواقع ليس سهلا إن لم يكن من قبيل الامنيات إما لوجود عقلية بالية لدى المسؤولين عن الاندية تكرّس الانتماء للجمعية على حساب المصلحة العامة أو لتردد بعض الاطراف المسؤولة على الرياضة في محاصرة ظاهرة العنف في الملاعب عبر تصوّر استراتيجي ينفذ الى عمق الظاهرة. لقد قلنا سابقا أن أشد عقوبة يمكن أن تسلط على مثيري الشغب ومهددي الأمن العام هي حرمانهم من دخول الملاعب لكن اللقطات التلفزية مازالت تحمل إلينا صور هؤلاء في المدارج باعتبارهم «رموزا» لأندية بعينها والمؤسف أن بعض المسؤولين «يدفعون» ل«الهوليغڤانز» لاتقاء شرّهم ربما ليبقى السؤال جاثما على صدور الجميع... الى متى يستمر هذا «الانفلات» ولا يتحول الامر برمته الى موضوع أمني مادامت تجاوزات بعض الجماهير قد خرجت عن سياقها الرياضي لتشكل تهديدا لصورة الرياضة والرياضيين التونسيين ومصدر توتر على الصعيد الخارجي. ما حدث في ستاد القاهرة الدولي مؤخرا وضع على المحك مجددا موضوع العنف في الملاعب التونسية ولا شك في أن الموضوع لا يهم الترجي وحده فتجاوزات «الإلترا» تشمل أغلب الاندية التونسية الكبرى منها بوجه خاص وهو ما يستدعي قطعا اتخاذ الاجراءات المناسبة دون تردد والاقتداء بتجارب دول أخرى نجحت في محاصرة الظاهرة وتخليص الكرة من هذا الغول الذي دمّر العديد من العائلات وقضى على مستقبل العشرات من الشبان. ختاما لابد من الاشادة بعلاقات المحبة والاخوة بين تونس ومصر والتي تجلّت كأبهى ما يكون في التعامل الرصين للبلدين مع ما حدث مؤخرا ولعل أجمل ما يمكن إغلاق هذا الملف به هو تلك الجملة الرائعة لزميلنا الكبير حسن المستكاوي الذي قال: «لقد أحيت تونس في العرب فضيلة الاعتذار».