لا أحد يمكنه ان يتكهن بما ستكون عليه شروط اسرائيل غدا، لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ففي اللحظة التي تبدأ فيها السلطة الفلسطينية بالقبول بأحد الشروط المطروحة، تقفز الشروط الاسرائيلية قفزة جديدة الى المجهول. فالسلطة لم تحسم بعد أمرها بشأن استئناف المفاوضات في ضوء استمرار الاستيطان، وسوف يكون عليها ان تواجه شرط «يهودية» الدولة، بعد ان اصبح الشعار أمرا واقعا، وبدأت اسرائيل في اتخاذ القرارات التي من شأنها ان تجعل هدا القرار قابلا للتنفيذ، مثل القسم على يهودية الدولة قبل استخراج جواز السفر الاسرائيلي، بما سيؤدي شيئا فشيئا الى عزل فلسطينيي الخط الاخضر واجبارهم على الرحيل ان لم يتم ترحيلهم قسرا. وعلى الرغم من الصبغة العنصرية الواضحة في هذا القرار، واعتراف قيادات اسرائيلية نفسها بذلك و بأن الامر يكرس عزلة اسرائيل ، الا ان لا صوت يرتفع في العالم، ليدين ذلك التطرف والعنصرية رغم ما يشكله ذلك من خطر على السلم، محليا و دوليا. صحيح أن اسرائيل تعودت على الموقف الدولي المساند والأخرس في غالب الاحوال، ولكنها تستمد القوة أيضا لفرض المزيد من الشروط والتصعيد في ذلك، من ضعف العرب ومن غياب المبادرة لديهم. وربما استطاعت اسرائيل ان تحقق خلال السنوات الاخيرة، أكثر مما حققته منذ احتلال فلسطين قبل أكثر من ستين عاما. واذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فإن الأمر لن يتخذ من اسرائيل، جهدا ووقتا كبيرين لحسم القضية نهائيا، والاتيان على ما بقي من حقوق للفلسطينيين في فلسطين. والتصعيد في الشروط الاسرائيلية، أمر متوقع بالنظر الى حالة الجمود التي تعتري اللاموقف العربي، الذي تجسد في القمة العربية الاخيرة من خلال ترك القرار باستئناف المفاوضات مع اسرائيل من عدمه، بين أيدي السلطة الفلسطينية، وتمكين اسرائيل والادارة الامريكية من فسحة شهر آخر، لاطلاق «عملية السلام» مجددا دون بديل حقيقي. فغياب البدائل العربية الواضحة، شجعت اسرائيل اكثر فأكثر على المضي قدما في قضم الحقوق الفلسطينية، والأمر سيستمر متسارعا، اذا ما استمرت حالة اللامبالاة العربية تلك، وقد بدأت بعض «القيادات» الفلسطينية بالتلميح بعد الى ما يمكن الحصول عليه اذا ما تم الاعتراف ب«يهودية» دولة اسرائيل. وربما يكون ما هو آت من شروط اسرائيلية، أكثر غرابة. ولكن لا شيء يوقف اسرائيل، اذا كان بمثل هشاشة الموقف العربي خاصة.