تمّ إنقاذ العمّال الشيليّين أمام مليار مشاهد و2000 صحفيّ. وفي وسعهم الآن أن يُدلوا بالحوارات ويؤلّفوا المذكّرات ويقبضوا التعويضات، كما هو شأن «أبطال» الحكايات التي يعشق «الجمهور» أن تكون لها أسعد النهايات... تمّ إنقاذ العمّال الشيليّين من «الحفرة» التي ابتلعتهم طيلة 69 يومًا دون أن تقوى على افتراسهم! لأنّ رغبتهم في الحياة جعلت لحمهم عصيًّا على أنياب الموت، ولأنّ إصرار ذويهم ودولتهم والعالم كلّه على إنقاذهم كان أقوى من وحشيّة الحفرة... وليس من شكّ في أنّ إنقاذهم أسعدنا جميعًا، دون أن يمنعنا من أن نتذكّر بيت أبي نواس: «لا تَبكِ مَيتاً حَلَّ في حُفْرَةٍ، وَابْكِ قَتيلاً لَكَ بِالبابِ»...فنتذكّر الملايين الواقعين في أنواع أخرى من «الحُفَر»، دون أن يرفّ لذويهم وللعالَمِ جفن!! ممّا يضطرّنا إلى تهنئة الناجين بأمرين: بنجاتهم أوّلاً، وبأنّهم شيليّون ثانيًا... إذ لو شاء لهم سوء الحظّ أن يكونوا من «ملّة» أخرى، لهلكوا على الأغلب، مردّدين كلمات فقيدنا الكبير: «أَنا يوسف يا أَبي...إخوتي لا يحبُّونني، لا يريدونني بينهم يا أَبي. يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ. يريدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني. وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني...وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي...وهم أَوقعُوني في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب، والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي... ».