قبل سنوات قرأت حوارا في جريدة «الشرق الأوسط» مع أدونيس قال فيه من بين ما قال إنه يحذر بل يمنع كل الجهات العربية سورية كانت أو غير سورية من تكريمه بعد وفاته ومن تنظيم أي تظاهرة تعدّد مناقبه لأنه يرفض أن يكون موضوعا للتمجيد بعد الموت..! وقبل سنوات أيضا قال محمود درويش في احدى قصائده «يريدونني ميّتا يا أبي لكي يمدحوني»! تذكّرت أدونيس ودرويش وأنا أقرأ ما يكتب هذه الأيام عن الشاعر محجوب العياري في الصحف وفي «الفايس بوك» وهو نفس الكلام الذي كتب عن شعراء وفنّانين رحلوا قبله فقد تخصّص العرب في إنتاج ثقافة الرثاء وهو منتوج «ثقافي» لا أعتقد أن شعبا آخر ينافسنا فيه. فقد تخصّصت الأوساط الثقافية العربية والتونسية في تمجيد الموتى بعد أن تقتلهم أحياء بالحسد والنميمة ومحاربة الكفاءة فأغلب الذين رحلوا في عزّ العطاء والشباب ماتوا حسرة وألما أو كما قالت العرب قديما «الحمصة» هذا المرض الذي يلتهم الجسد والروح تدريجيا وفي صمت. رحم اللّه محجوب العياري.. ورحم اللّه فيصل القروي فكلاهما مات في عزّ العطاء والشباب!