مهدي هميلي مخرج تونسي مقيم في باريس منذ أربع سنوات، يشارك في أيّام قرطاج السينمائية بشريط قصير «آخر نص الليل» وسيقدّم شريطه الطويل الأوّل في القاهرة ليكون أوّل مخرج تونسي يعمل مع شركة انتاج مصرية في السينما. حول تجربته ومشاريعه التقته الشروق في هذا الحوار. كيف جئت الى السينما؟ أنا بدأت ممثلا مع توفيق الجبالي في ورشة التياترو ثمّ درست السينما في تونس وحصلت على الاستاذية وقدّمت شريطا سينمائيا قصيرا حاز على جائزة في مهرجان قليبية للسينمائيين الهواة ثمّ عرض في مهرجان الفيلم الأوروبي. بعد ذلك جئت الى باريس لمواصلة دراستي في المعهد العالي للدراسات السينمائية وكنت الأوّل في دفعتي وقدّمت أفلاما من صنف 16مم وخلال أربع سنوات من إقامتي في فرنسا قدّمت أربعة أفلام واحد 10 دقائق وآخر 15 دقيقة وشريط «آخر نص الليل» انتاج تونسي فرنسي يشارك فيه يوسف حميد ومحمد الهادي مومن ممثل تونسي مقيم بباريس وكتبت أفلاما أخرى وعندي شريط سينمائي طويل سينتج في مصر وسيكون التصوير بين القاهرةوالاسكندرية. هذا الشريط أخذ منّي سنتين من الاعداد بين الكتابة وترتيب الانتاج. كيف حزت على ثقة المنتج المصري؟ الموضوع مهمّ جدّا، في البداية أردت انتاجه في تونس مع منتج تونسي و هو شريط متوسّط الطّول ولكن كل المنتجين التونسيين الذين اتّصلت بهم رفضوا المشروع لأنّهم يتعاملون بقسوة مع السينمائيين الشبّان رغم أنّهم لا يدفعون شيئا من حسابهم الشخصي بل ينفقون من المال العام على الأفلام التي ينتجونها فاتّصلت بغادة عبد الرازق في القاهرة وعرضت عليها المشروع فتحمّست له واتّفقنا على المشروع ووافقت على أن تكون نجمة الشريط وفي مصر من الأسهل أن يكون لك نجم شبّاك حتّى تحوز على ثقة المنتجين والموزّعين وهذا موجود حتّى في فرنسا فأعدت كتابة الشريط مع سيناريست مصري مقيم في باريس وهو روائي كتب عن الاسكندرية . وجدت المنتج شريف مندور وهو من رموز السينما المستقلّة في مصر قدّم مجموعة من الأفلام المهمّة وأعتقد أن هذا الشريط سيغيّر الكثير في المشهد السينمائي العربي، فهو شريط يجمع بين صلاح مسعود ومحسنة توفيق وغادة عبد الرازق ودرّة زرّوق وسيكون التصوير لمدّة ستة أسابيع بين القاهرةوالاسكندرية سأحاول اقتراح بعض التقنيين التونسيين حتّى يكون الحضور التونسي أكبر في الفيلم. قدّمت شريطك الى أيّام قرطاج السينمائية هل كنت تنتظر ادراجه في المسابقة الرسمية؟ المهرجانات السينمائية ليست ألعابا أولمبية و اختيار الشريط ضمن باب «بنوراما» مهم جدّا بالنسبة إليّ لأنّي لا أبحث عن الجوائز بقدر ما أسعى الى أن يشاهد الجمهور الشريط وأناقشه مع النّاس والشريط من انتاج فرنسي كما قلت يشارك فيه يوسف حميد في دور «بلقاسم أورطو»الشّاعر الفاشل ومحمد الهادي مومن ومفيدة ووليد عيّاد ومراي ببليلا من فرنسا. كيف تقيّم السينما التونسية؟ أنا أؤمن بالسينما كفن عالمي والآن يجب أن نقدّم سينما عالمية لأنّ السينما التونسية أصبحت تونسية جدّا حتّى الجمهور التونسي نفرها ولم يعد راضيا عنها. حلمي هو أن أقدّم فيلما عالميا وهذا شيء مهم جدّا. السينما لغة مثل الأدب والسينما التونسية ليست مجبرة على أن تبقى تكرّر الكليشيات لأنّ المخرجين التونسيين يقدّمون أفلاما لا تعنيهم إلاّ هم، السينما أكثر فن شعبي في العالم فالمخرج لا يقدّم شريطا سينمائيا ليشاهده وحده في «صالون»البيت. هل تعتقد أنّ هذا هو مشكل السينما التونسية اليوم؟ هذه هي مشكلة السينما التونسية، الجمهور التونسي يحب السينما التونسية والانتاج التونسي، الآن المخرجون يجب أن يفهموا أنّهم مطالبون بتقديم أفلام للنّاس، وللجمهور وليس لأنفسهم. هناك جدل كبير حول أزمة القاعات كيف تنظر الى المسألة؟ قبل عامين تحدّثت في هذا الموضوع مع مخرج إيراني معروف، سألني كم لديكم من قاعة قلت له حوالي عشر قاعات. قال لي هذا عدد ممتاز نحن لنا 50 قاعة لشعب يعدّ الملايين (حوالي 100مليون). إذن المشكلة ليست في القاعات المشكلة في المخرجين والمنتجين وهي مشكلة ابداع قبل كل شيء، يمكن أن نعرض الأفلام في دور الثقافة والشباب والفضاءات الجامعية وحتى في «البطاحي» لكن المشكلة في الابداع وفي تقديم سينما تعبّر عنّا. المشكلة الأساسية مشكلة سيناريو وأفلام أمّا الجمهور فموجود وعلينا أن نذهب اليه خاصة أنّ الدولة ليست «مقصّرة» وهناك ارادة في أعلى هرم السلطة في أن يأخذ الشباب حظّه من الدّعم السينمائي ولكن المشكلة في اللجان التي تستشيرها الوزارة. هذا هو المشكل أعتقد أن السينما لا يمكن أن تعيش دون دعم، أنا مثلا عندي مشروع فيلم سأقدّمه بعد سنتين ولا أرى مبرّرا في أن لا أقدّمه وأنا مصرّ على تقديمه وتصويره بإمكانات تونسية في بلادي. التلفزة هل تغريك؟ عرض عليّ دور في التلفزة لكن ليس هاجسي العمل في التلفزة كممثل أحبّ السينما واذا عرض عليّ مشروع اخراج تلفزي لن أرفض اذا كانت الظروف ملائمة فالكثير من المخرجين عملوا مع التلفزة وقدّموا مسلسلات وأنا من هواة التلفزة وحتّى ثقافتي السينمائية اكتسبتها من التلفزة أساسا. التقاه في باريس نور الدين بالطيب