كان الاحتفاء بمصطفى خريّف مناسبة للتعرفّ الى هذه الشخصية ذات المواهب المتعددة. فمصطفى خريّف لم يكن ّشاعرا فحسب، بل كان قاصّا وصحافيّا، وكاتبا، وناقدا أدبيّا بل ربّما كانت ريادته، في مجال الكتابة السرديّة، لا تقل أهمية، في نظر البعض، عن ريادته في مجال الكتابة الشعريّة. ففي الشعر ظلّت تتجاذبه أزمنة شعريّة عديدة منها زمن القصيدة التقليديّة، وزمن القصيدة الاحيائيّة، وزمن القصيدة الرومنطيقية الجديدة فإنه التزم في مجال القصة بالمشروع الحداثي التزاما واضحا ويتجلّى هذا الالتزام أقوى ما يتجلى في ذلك في قصته الأولى «دموع القمر» التي تعدّ، بحقّ، حدثا مهمّا في تاريخ القصّة التونسية. نشرت هذه القصّة بمجلّة «العالم الأدبي» العدد الثامن ، أكتوبر 1930 أي عندما كان الكاتب في العشرين من عمره. وتروي هذه القصة حكاية الطّالب عبدالرحمان الذي أحبّ فتاة وأراد أن يتزوّجها . لكن أهلها «أجابوه بأنّ قريبا لها قد خاطبهم فيها من قبل» فرفضوا طلبه «خصوصا وأن هذا القريب كان غنيّا» يغمر أهلها بنعمه. علم شيخه ومعلّمه بقصّة عشقه فتطاير شرر غضبه...وأخطره أنه عازم على طرده، ولكن لشفقته عليه رضي أن يطرده بصورة إرساله الى تونس لإتمام دراسته». وحين أيقن عبدالرحمان أنّه مكره لا محالة على مغادرة أرض الجنوب صوب الحاضرة عرض على أهل الفتاة مبلغا مهمّا من المال يكون مهرا لعروسه حين يسافر الى تونس ويجدّ في الحصول على ذلك المال». ولمّا كان الأهل يريدون، إبعاده و التخلّص منه فقد وعدوه بأن يزوّجوه الفتاة عندما يجمع مبلغ المهر. سافر عبد الرحمان يضرب في الأرض مستميتا يمنّي نفسه بالحصول على فتاة أحلامه. كان يمكن أن يقترف ما يمكن اقترافه لأجل الظّفر بالمال لكنّ نفسه أبت عليه ذلك فآثر العمل الحلال في أحد المناجم «ذلك العمل الشاق المرهق. وظلّ هناك بين اليأس والأمل يتلظّى». بعد شهور طويلة من الغياب عاد عبدالرحمان الى الجنوب حاملا معه مبلغ المهر، متلهّفا لرؤية محبوبته «لتعلم قيمة حبّه واخلاصه لها لكنّه فوجئ بنبإ موتها «حزنا عليه بعد أن ألزمها أهلها بتزوّج الشاب الغنّي الذي لا تميل اليه». وفي لحظة غضب أقرب الى الجنون يشعل عبد الرحمان سامورا ويلقي في النار كل الأوراق النقديّة التي حملها معه ثمّ يصعد نخلة و يرمي بنفسه من رأسها. لاشكّ أنّ هذه القصّة ليست «طفرة» أدبيّة وانّما هي نتاج موهبة في فنّ القصّ، صقلتها خبرة واضحة. فقيمتها لا تكمن في طرافة أحداثها وإنما في الطريقة التي بنى بها الكاتب هذه الأحداث. فهذه القصّة بما آنطوت عليه من تقديم وتأخير، واسترجاع و استباق، وتقطيع للسرد، وتأجيل له تعدّ أنموذجا للكتابة القصصيّة الحديثة . على أن أهمّ ما تنطوي عليه القصّة دفاعها عن المرأة، وعن حقّها في الحب. وهذا الاحتفاء بالمرأة يذكرنا بقصص بشير خريف ورواياته التي أعتبرها أناشيد طويلة مزجاة لهذا الكائن الجميل. «وسام الجميلات» للأديبة حياة الرايس عادت الأديبة والشاعرة حياة الرايس من مدينة قسنطينة بعد أن كانت قد شاركت في مهرجان الشعر النسائي الذي انعقد من 10 الى 15 أكتوبر الجاري في دورته الثالثة تحت شعار «فلتكن الارض... ما تكتبينه». عادت متوجة ب «وسام الجميلات» الذي يمنحه المهرجان احتفاء بالشعر والشاعرات... تقديرا لمشاركتها المتميزة... احتفاء بالمكان في فضاء القصيدة... كما شاركت في هذا المهرجان عدة شاعرات عربيات نذكر: مناة الخير من سوريا وروضة بالحاج محمد من السودان عائشة ادريس من ليبيا وليلى نسيمي وحليمة اسماعيلي من المغرب وحياة الرايس من تونس وزينب الاعوج من الجزائر وعلى رأسهن الرائدة زهور ونيسي من الجزائر ايضا ومنيرة سعدة خلخال الشاعرة القسنطينية منظمة المهرجان ومحافظته للدورة الثالثة. كما حضرته عدة وجوه شعرية نسائية من مختلف مناطق الجمهورية الجزائرية نذكر من بينهم نادية نواصر ونصيرة مصباح، وكوداش ليندا، ومي غول، امال مكناسي، وحبيبة مزيان، واسراء فهيم، وميمونة يوسف، وعائشة بوسحابة، وفاطمة بن شعلان وغيرهن... مما جعل المهرجان لوحة فسيفسائية حيث ألقيت الاشعار بالعربية والامازيغية والفرنسية والفصحى والعامية... كما واكبت المهرجان عدة ندوات علمية تناولت النصوص الشعرية بالنقد نذكر مداخلة الاساتذة عبد ا& ابو خلخال وآمنة بلعلي وحسن تليلاني وزينب الاعوج وغيرهم... كما اقيمت على هامش المهرجان سهرات فنية لفرق موسيقية مثل فرقة الايليزي من الصحراء الجنوبية... ومسرحية «خلف اسوار المدينة» للمخرجة سونيا بمسرح سكيكدة وحفلات موسيقية من المالوف القسنطيني...