من التجارب التي لقيت استحسانا كبيرا بين الجمهور والمهتمين بالسينما اختيار لجنة تحكيم متركبة من الأطفال لتقييم الأعمال السينمائية المعروضة في المسابقة الرسمية. هذه التجربة تنظم للدورة الثانية على التوالي وقد كان وراءها الناقد السينمائي محمود الجمني الذي أشرف على اختيار الأطفال وتأطيرهم. الجمني قال ل«الشروق»: «ان لجنة تحكيم الأطفال كانت فكرة تراوده من سنوات لأن علاقته بالأطفال في الوسط المدرسي جعلته ينتبه لأهمية رأي الطفل وضرورة تشجيعه على التفكير الحر والادلاء برأيه وتربيته على قبول الرأي الآخر ولقيت الفكرة استحسانا من السيدة درة بوشوشة مديرة أيام قرطاج السينمائية في الدورة الماضية وتبنّت المشروع». ويضيف الجمني ان المشروع لقي دعما من وزارة التربية ومنظمة التربية والأسرة الى جانب دعم من بعض السينمائيين مثل الحبيب المستيري ومحمد الزرن. الاختيار عملية اختيار الأطفال من تسع ولايات هي: قبليمدنينصفاقس المهدية زغوانالمنستيرباجةأريانة وتونس، كانت بالتعاون مع الادارات الجهوية وقد تم اختيار مجموعة من الأطفال بعد أن طرح عليهم محمود الجمني سؤالين ماذا تعني لك السينما؟ ولماذا تريد أن تكون ضمن لجنة التحكيم؟ ومن خلال الاجابة تم اختيار الأطفال التسعة ثمّ تمّت مراسلة الأولياء عن طريق الادارات الجهوية وتمّ جمع الأطفال في تربص بثلاثة أيام في شهر جويلية في مدينة المنستير تعرّفوا خلاله على كل التقنيات السينمائية من السيناريو الى الاخراج والمونتاج والاضاءة وتركيب الموسيقى مع تعويدهم على النقاش وقبول الرأي الآخر وعدم تجريم الخطإ وتشجيعهم على الكتابة البصرية. وكانت التجربة الأولى لسنة 2008 أنتجت شريطان قصيران الأول بعنوان «الموعد» لآمنة لمين من تطاوين بدقيقتين و27 ثانية والثاني بعنوان «برتقالة» لأحمد الرزقي من القصرين بدقيقة و57 ثانية. وقد كانت هذه التجربة موضوع شريط وثائقي أنجزه الحبيب المستيري وأنتجه الحبيب عطية بعنوان «من قرطاج الى مطماطة» وكانت مطماطة احتضنت التربص الأول الذي تمّ خلاله تصوير الشريطين القصيرين. رهان هذه التجربة هي رهان حقيقي على المستقبل فتمكين الأطفال من مشاهدة أفلام المسابقة الرسمية وتنشئتهم على ثقافة الاختلاف وإبداء الرأي مسألة جوهرية في خلق الجمهور ولا بد من استمرار هذه التجربة ودعمها. فطفل اليوم هو شاب الغد وبدون الشباب لا يمكن أن نتحدث عن مستقبل للسينما التونسية. تسعة أطفال سيختارون أجمل الأفلام في أيام قرطاج السينمائية لمنحها جوائز خاصة لن ينساها المخرجون بالتأكيد لأنها بعيون بريئة ومحبّة للسينما.