إن عمل المربي في المنظومة التربوية الحديثة ينطلق في تعامله مع الاخطاء بمرحلة الملاحظة وهي كفاية مركزية في عمل المدرس وتعدّ من أهم مصادر المعلومات الضرورية لبناء الدرس أو إجراء التعديلات عليه، ذلك أن الرصد الدقيق لردود أفعال المتعلمين يُعد من أهم الموارد التي يستقي منها المدرس طرق عمله، إن الاعلام الراجع من المتعلمين يعتبر هاما جدا من شأنه أن يُبيّن للمدرس مدى فهم المتعلمين لرسالته وعلى ضوئه يتمكن من التعديل بين الحين والآخر ولتكون هذه الملاحظة فاعلة فيجب أن تتأسس على إجراءات يمكن حوصلتها في ما يلي: عدم التسرع في إصدار الاحكام لمقاربة الموضوعية. التوقف والتدخل لتذليل ما من شأنه أن يعيق مسار التعلم. جعل الخطإ جسرا الى اكتساب المعارف. الاخذ بعين الاعتبار لمعارف المتعلم وجعلها منطلقا... يقول «غاستون باشلار»: «ليس هناك معرفة جديدة إلا على أساس معرفة سابقة يجب هدمها لأن هناك معرفة كامنة مؤقتة هي التي سيقع تعديلها وإغناؤها». إن المدرسة بهذا التوجه مجال للخطإ وأن الخطأ جسر للعبور نحو المعارف الصحيحة، إنه توجّه يعطي معنى للخطإ فيهتم المعلم باستثماره الاستثمار الانجع قصد بلوغ تعلّم أرقى بألا يرفض الخطأ بل يجتهد في إبرازه من خلال ما يتيحه للمتعلم من فرص ووضعيات تعليمية تعلّمية تدفع المتعلّم الى محاورة الآخر فيحصل الصراع بين الرأي والرأي الآخر وتنكشف التصورات لتنير للمدرس ما كان منها صائبا وما كان منها خاطئا فيكون تدخله بذلك تدخلا ناجعا. إن هذه الوضعيات على غاية من الاهمية لأنها تمثل فرصة حقيقية للمتعلم ليتخلص من أخطائه بنفسه ويعيد بناء معارفه على أسس سليمة. إن رصد الاخطاء وقبولها والبحث في أسبابها ومصادرها كفاية ترى المنظومة التربوية الحديثة أنها من أوكد ما يجب أن يكتسبه المدرس حتى يتمكن من إيجاد الحلول المناسبة لمعالجتها وأنها الطريق الانسب في سبيل تطوير مكتسبات المتعلمين. عطر الكلام ومسكه، لو لم تكن الاخطاء ذات فائدة لما أوجدها الله سبحانه وتعالى في حياتنا، وهذه الاخطاء وكثرتها تدعونا لزاما الى أن نستفيد منها، وأن نمنحها نحن معشر أهل التربية حيّزا أكبر من الدراسة والنقد فهناك الكثير من الفوائد والمكاسب السلوكية والتربوية لن نحصل عليها إلا بعد وقوعهم في الخطإ، وكم من أناس تغيّرت حياتهم الى الافضل بعد أن وقعوا في الخطإ ثم وقع تصحيحه فقادهم هذا التصحيح الى تقويم مسار حياتهم كلها وصار هذا الخطأ مصدر الالهام في حياتهم. فالخطأ والصواب عنصران هامان في الممارسة التربوية خصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم والامثل بإحداث المدرس وضعيات من الصراع «السوسيو معرفي» وزعزعة أفكارهم السابقة وجعلها قابلة للنقد وقابلة للتكيّف مع الحقيقة... ❏ إعداد: عبد الله طليحة الدبابي (معلم تطبيق بتطاوين)