من بين طيات ملابسه، استل سكينا حادة كانت قد اقتنتها العائلة لنحر كبش العيد وهدد به الموظف على مرأى ومسمع من الجميع.. الموظف في هذه القضية ليس إلا أستاذا، أما المتهم فهو تلميذ عمره 15 عاما، ومسرح الحادثة قسم بمعهد المنجي سليم بساقية الزيت بصفاقس!.. هذه الحادثة التي تشكل سابقة من نوعها بالمؤسسات التربوية بصفاقس جدت صباح أول أمس بمنطقة ساقية الزيت، وتقول حيثياتها انه في حدود الساعة التاسعة والربع صباحا، قدم التلميذ إلى القسم، لكنه قبل الدخول ألقى بجسم ثقيل خارج القسم مما نجم عنه بعض الضجيج الذي لفت انتباه الأستاذ والتلاميذ على حد السواء.. سكين غليظة بحث الأستاذ عن مصدر الضجيج ففهم انه التلميذ الذي قدم متأخرا قليلا، فطلب منه مغادرة القسم والتوجه إلى الإدارة، إلا أن التلميذ رفض ذلك ورأى في طرده مساسا من كرامته خاصة ان تلميذة أخرى كانت قد جاءت متأخرة و لم يتخذ معها أستاذها نفس الإجراء. بكل الأشكال حاول الأستاذ إخراج التلميذ ليوكل موضوع الضجيج للإدارة لتتخذ الإجراءات اللازمة مع المراهق، إلا أن موقف التلميذ كان واضحا صارما مما استوجب الاستعانة بأحد القيمين ليغادر التلميذ القسم. بعد نقاشات عديدة وأخذ ورد، غادر التلميذ نحو منزل والديه الواقع غير بعيد من المعهد متجها مباشرة إلى المطبخ أين وجد سكينا غليظة حادة أعدتها العائلة لنحر كبش العيد، حملق فيها والغيظ يتقد من عينيه، وحملها بين يديه ثم وضعها بين طيات ملابسه متجها من جديد إلى معهده. اقترب من المعهد، ومن باب الإدارة ولج واتجه مباشرة إلى قسمه متظاهرا بنيته في العودة إلى متابعة الدروس. منعه الأستاذ من جديد، فأخرج سكينه من بين طيات ملابسه أمام فزع وهول بعض التلاميذ، وتفكه البعض الآخر بالموقف الذي بدا غريبا بالرغم من خطورته.. تماسك الأستاذ، وطلب مجددا من التلميذ المغادرة في وقت طغى الهرج والمرج والصراخ والصياح و الضحك في الفصل الذي غادره التلميذ من جديد كما غادر أبواب المعهد متجها إلى إحدى الغابات القريبة أين أخفى السكين الحادة بين الأعشاب وعاد إلى منزل والديه منتظرا قرار الإدارة. إيقاف الأستاذ المعروف برفعة أخلاقه وثقافته العالية، رفع الموضوع إلى الإدارة التي رفعت بدورها الموضوع إلى الإدارة الجهوية للتعليم بصفاقس ومنها إلى وزارة الإشراف والجهات الأمنية بصفاقس التي فتحت تحقيقا عاجلا فتم مساء أول أمس الخميس إيقاف التلميذ على ذمة التحريات التي كشفت كل التفاصيل المذكورة آنفا، وقد دل التلميذ بعد تلكؤ عن مكان السكين الذي حجز في إبانه على ذمة التحقيقات .. الأبحاث توصلت إلى كل هذه التفاصيل التي اعترف ببعضها التلميذ المتهم فتم إيقافه من أجل تهديد موظف بسلاح أبيض عند مباشرته لواجبه المهني، في وقت خير فيه بقية الأساتذة التوقف لمدة ساعتين عن العمل تضامنا مع الأستاذ و تعبيرا عن تذمر أهل القطاع لما بلغته مؤسساتنا التربوية من تجاوزات متعددة و المتهم فيها التلميذ و المربي ضحية و حمايته باتت ضرورية على حد تعبير البعض من الأساتذة !.. التلميذ الموقوف حاليا على ذمة العدالة عمره 15 عاما وشهران، ومعدله 16.27، وهو معروف لدى الإدارة بحسن أخلاقه وحزمه ونشاطه، وهو شقيق ل 6 إخوة ووالده عاطل عن العمل وظروفه الاجتماعية توصف بالقاهرة، لكن كل هذه المعطيات لا تبرر مثل هذه التصرفات التي باتت تستوجب الآن وبشكل عاجل مراجعة كل تراتيب وقوانين التعليم وأهدافها وطرقها لمعالجة الوضع حماية للتلميذ ولوليه.. وللمربي.