في زمن العجز العربي والافلاس و(الفرار الى الرابية) تزدهر الاخطاء والخطايا... يزهر (ربيعها) أشواكا جارحة ولفائح كاوية وحناظل مرة وهشيما يخفي بين قصلاته وعيدانه وجحوره عقارب وثعابين تفتك بالحالمين بالحرية المناضلين في سبيلها رغم كل السدود والعوائق والجراح العميقة والمرارات! فلقد عادت تطل من جحورها وفي أكثر من عاصمة عربية بل وغير عربية (منظومة) الشائعات السوداء القديمة ومرجعياتها، تلك (الجوقة) من الأعراب الموجهة والمرخصة من دوائر معادية تستهدف الطعن في وطنية الشعب الفلسطيني ومسيرة نضاله، تلك الجوقة التي طفت شائعاتها على السطح بعد النكبة الاولى عام 48 ثم توارت في أوكارها في مرحلة الثورة الفلسطينية والمد القومي ثم عادت اليوم لتتناسخ في مرحلة الوهن العربي وحافة الهاوية، أما رموز هذه الجوقة المؤلفة من سماسرة التطبيع والمهرولين تحت جنح الظلام الى تل أبيب عبر (الترانزيت) وتلامذة (التلمود) العرب المسافرين الى (اسرائيل) عبر أثينا وقبرص في مصيف كل عام اضافة الى أولئك الاثرياء المتنكرين باللحي والنظارات السوداء المتسوقين في شارع ديزنغوف بتل أبيب، وتجار الشنط والسوق السوداء والمبهورين (بالغرب المنحاز) المتسكعين على عتبات سفاراته وأشباه المثقفين والفنانين الذين يقتاتون على أعلاف عفاديا يوسف وأولمرت نتنياهو ليبرمان ليشكلوا جميعا جوقة متعددة الهويات موجهة الدور ولتسدي في المحصلة أجل خدمة لاسرائيل بل باتت هي مصلحة اسرائيلية في الاساءة الى الشعب الفلسطيني ومحاولة النيل من صموده وطعنه في الظهر بينما يواجه تلك الغزوة الصهيونية الفاشية الاستعمارية ويقف في خط الدفاع الاول وربما الاخير عن مقدسات أمته وكرامتها وحقها في التقدم والحياة... (ودون انتظار معتصم قادم) فهو لم يزل يردد برغم خذلان ذوي القربى: «فان هدموا مجدي بنيت لهم مجدا»! إن هذه الجوقة من الاعراب تسدد رماحها الى صدر وظهر الشعب الفلسطيني في أدق لحظات صموده في كامل أرجاء وطنه، تلك الجوقة التي لم تقدم لفلسطين يوما ولو قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء بل لم تقدم حتى لأوطانها سوى النقيق والاساءات إليها. وبرصد هذه الجوقة ودعايتها السوداء ليس ضد الشعب الفلسطيني وحسب بل ضد كل وطني وصامد من أمتنا، فقد ركزت حملتها (وبالتعميم العمد) على اتهام (الفلسطينيين) ببيع الارض تارة والعمالة للعدو تارة أخرى و(العدمية) (حين رفض الفلسطينيون قرار التقسيم) عام 1947 وكامب ديفيد الاول، تارة ثالثة. يعلم هذا النفر من الأعراب وتعلم مرجيعاته المتعددة الجنسيات كم كابد الشعب الفلسطيني وكم عانىوكم صمد وكم من جداول الدماء قدم ولا زال من أجل الحفاظ على أرضه وهويته منذ أن وطأ أول مهاجر صهيوني أرض فلسطين، تعرف أن الشعب الفلسطيني الذي رفض قرار التقسيم إنما كان يؤكد بذلك شأن كل الشعوب والأمم حقه في أرض اجداده وآبائه وأن من يهن عليه شبر من وطنه هان عليه كل الوطن، وإن تمسك الشعب الفلسطيني بكل شبر وشطر من وطنه شرف يفاخر به ووسام على صدره وبودنا التذكير بأن القيادة الفلسطينية ومنذ أكثر من 40 عاما قبلت بقرارات أقل بكثير من قرار التقسيم فماذا كانت النتيجة؟ لقد قبلت بقرار 242 و338 فماذا كان الحصاد لقد فاوضت هذه القيادة فكيف انتهى الأمر بالمفاوضات، إن من يعتقدون ان المشروع الصهيوني كان يقتصر على الساحل الفلسطيني أو 56 بالمئة من فلسطين طبقا لقرار التقسيم إنما يجهلون آفاق هذا المشروع... وان من يعتقدون ان مكانة الضفة الغربيةوالقدس في المشروع الصهيوني والخرافة التوراتيةمثل مستوطنة ياميت في سيناء يجهلون آفاق هذا المشروع الاستعماري وبروتوكولاته، ثم إذا كانت الرسميات العربية انذاك قد رفضت قرار التقسيم فكيف سيقبل به الفلسطينيون ومن سيغفر لهم تفريطهم ب 56 بالمئة من وطنهم ولعلم هؤلاء فإن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وبعد فشل ما وصف بمسيرة السلام و(الشرعية الدولية والعربية)... من قرار التقسيم وحتى مبادرة السلام العربية خصوصا بعد تجربةأوسلو المفجعةلكل من راهن عليها والمفاوضات العبثيةبات اكثر تمسكا بكل وطنه حتى لو لم يكن قادرا اليوم بحكم الظلم الدولي والعجز العربي على تحريرها، ولن يتنازل عن حقوقه اذ يدرك ان اضاعة الحقوق اخطر من ضياع الارض وأن لحظة من العتمة لن تعميه وان اللحظة المظلمة الراهنة ليست قدرا مؤبدا. إنني أحيل في هذا السياق المتورطين الاعراب الى أدراج الأممالمتحدة ليطلعوا على ملكية ارض فلسطين في فيلم وثائقي لملكية هذه الارض شبرا شبرا ومنذ عصبة الأمم أما ان يتولى بعض السماسرة باستدراج بعض ضعاف النفوس (وهؤلاء في كل مكان في العالم) ببيع قطعة أرض هنا أو هناك وهو ما يجب التصدي له بكل حزم وتقديم من يقترف هذه الجريمة الى القضاء بتهمة الخيانة العظمى... ان وجود بعض الضعفاء ليس مدعاة لاتهام شعب مناضل يتهم ولا يُتهم حين تحين لحظة الحساب أمام محكمة التاريخ. وبودي تذكير هذا النفر من الأعراب كيف رفض الشعب الفلسطيني المساومة وهو يغرق في دمه ابان النكبة الأولى عام 48 ولم يكن لديه ما يقتات به سوى ما تنبته الأرض من أعشاب وحشائش... كم صمد هذا الشعب في وجه محاولات وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة واثر نكبة 48 ومحاولة استثمار مأساته بشراء بطاقات التموين التي منحتها للاجئين الفلسطينيين اثر النكبة وبما يفضي الى محو صفة اللاجئ عن صاحبها بكل ما يترتب عن ذلك على الصعيدين القانوني والسياسي من تنازل عن حقه في العودة الى دياره وممتلكاته، يعرف ذلك النفر من الأعراب أو لا يعرف كم من اللجان الدولية زارت مخيمات الشتات بهدف شراء طابو الارض فطردت منها.. تعرف كم من اللجان والديبلوماسيين زاروا مخيمات الشتات في دول عربية شقيقة لتهجير أبنائها الى كندا وسواها وقوبلت بالرفض الحاسم، يعرف هؤلاء ومرجعياتهم كم من شباب فلسطين ماتوا في المزارع والبيارات بلدغات الثعابين والعقارب في صيف كل عام لينفقوا على دراستهم ولم يفرطوا بطابو الارض ولا (بطاقات التموين)... يعرف هؤلاء كم من الآلاف من شباب فلسطين ماتوا في البحار البعيدة... وفي الصحراء بين العراق والكويت بحثا عن سبل عيش تعزز صمود اللاجئين من أهلهم في وطنهم وما باعوا ولا فرطوا، تعرف كم من شباب فلسطين سقطوا في المدن العربية جيلا اثر جيل... كم ارتسمت دماؤهم الجديدة على الدماء القديمة تشبثا بحقهم في العودة الى وطنهم الذي شردوا منه ولم يساوموا، تعرف كم عانى أبناء فلسطين على الحدود وفي المطارات العربية وغير العربية من تعذيب وتمييز ومحاولات (تجنيد) لارغامهم على القبول بأي حل سياسي خلاصا من تلك الاهانات والعذابات... تعرف كم من الأشقاء الذين رفضوا استقبال أبناء فلسطين للعمل في بلدانهم الثرية بهدف تعزيز صمود أهلهم في الوطن وانهاء مأساة عمل أبنائهم خلف الخط الأخضر حيث الامتهان والاذلال الاسرائيلي مقابل تشغيلهم، واثروا العمالة الآسيوية (الأقل تكلفة) كما قالوا... تعرف كم من اللجان الدولية التي قدمت الى مخيمات فلسطينية بعلم حكومات عربية تحت شعار الانفاق على الجمعيات الأهلية والجهوية الفلسطينية بهدف التسلل الى هذه الجمعيات عبر رشوة القائمين عليها لتصل في النهاية الى شراء طابو الارض وفشلت... تعرف سياسات التدمير التي تمارسها (اسرائيل) ضد أبناء فلسطين تحت الاحتلال عبر شبكات المخدرات بهدف الاسقاط وبيع الارض لكن هؤلاء الابطال صمدوا رغم الحصار ورغم الجوع ورغم خذلان الأشقاء لهم والذين (استكثروا) على القدس 500 مليون دولار لحمايتها من التهويد وحماية أبنائها من الضياع والدمار!. أما بخصوص الدعاية السوداء لتلك الجوقة حول العمالة للاحتلال فمن قال ان حركة تحرير وطني امتد نضالها زهاء نصف قرن من الزمن يواجه شعبها ما يواجه من عداوات متعددة الجنسيات والهويات والمصالح وتحاصر هذا الشعب... من قال ان حركة تحرير تواجه الحصار تلو الحصار والتجويع والضغوط النفسية والطعنات وأن تخلو من اختراقات للاحتلال ثم من يدلنا على حركة تحرير وطني ناضلت في سبيل الاستقلال ولم يتم اختراقها بل من يدلنا على دولة دخلت حروبا أو لازالت في حالة حرب مع أعدائها ونجت من الاختراقات نقول هذا مع دعوتنا المتواصلة بانزال اشد العقوبات بأولئك العملاء والخونة وقطع دابرهم. ان هذا النفر من الأعراب الذي يمارس الدعاية السوداء بمرجعيات يجد بعضها في هذه الدعاية فرارا من عجزه ومسؤولياته تجاه فلسطين وبعضها الآخر فرارا من حسابات بمساءلة مفترضة قادمة من أمته جراء تورطه، ان هذا النفر من الأعراب لا يمثل من قريب أو بعيد شعوب امتنا العربية التي وقفت الى جانب شعبنا الفلسطيني عبر مسيرة نضاله الطويلة والمضنية وقدمت كوكبة من صفوة أبنائها شهداء على بطاح فلسطين ولا تزال سندا مخلصا لشعبنا في معركته على درب العودة والاستقلال والحرية... هذه الشعوب التي أفشلت التطبيع وحاصرته ليقتصر فحسب على جهات رسمية وهي بهذا الموقف المشرف تشكل دعما مقدرا بل ومشاركة في نضال شعبنا من أجل الحرية. ان البعوضة وان أدمت مقلة الاسد فإنها لن تنال من قوته ولن تردعه عن مواصلة الطريق وامتنا قوية بشرفائها المخلصين الأوفياء واسترشادا بالنشيد الوطني التونسي الرائع لابد من القول ختاما: فلا عاش في امتنا من خانها!!.