يمثل الخوف المرضي أو القلق النفسي كما تطلق عليه التسمية طبيّا أبرز الأمراض النفسية التي قد تصيب الأزواج ممن لم ينجبوا أطفالا بعد... ويقدّر حجم الاصابة بالخوف المرضي حوالي 40٪ من مجموع الاصابات النفسية التي يواجهها هؤلاء حسب ما جاء في نتائج بحث علمي أعده ثلاثة خبراء تونسيون شمل عيّنة تكونت من 200 زوج نصفهم لم ينجب أطفالا. وكشفت ذات النتائج أن نسبة الاصابة بالاكتئاب تفوق 20٪ لدى هؤلاء... كما يعاني 30٪ من هؤلاء من تدهور في العلاقة الزوجية اي أزمة تواصل بينهما ويعاني 20٪ منهم من تدهور في نوعية الحياة. وتبقى المرأة الأكثر تأثرا بعدم الانجاب حسب ما جاء في نتائج هذا البحث العلمي اذ ان ردة فعلها النفسية تكون في الغالب أقوى ومرفوقة بآلام بدنية. إصابة النساء «المرأة أكثر حساسية، لذلك كشف المجهود العلمي الذي أنجزناه ان المرأة تعاني من حالات الخوف المرضي اكثر من الرجل وعموما تعيش نوعية حياة متدهورة مقارنة بزوجها». هكذا عقّب الدكتور يسري القيسي، أستاذ مبرز في الطب النفسي بمستشفى فرحات حشاد وكلية الطب بسوسة والمختص في الطب الجنسي، عن سؤالنا حول نوعية الاصابة التي قد تصيب الزوجين. وأضاف تعقيبا على سؤال آخر حول أسباب إصابة المرأة اكثر من الرجل «ربما السبب اجتماعي بالأساس وذاك هو التفسير الأبرز للحساسية المفرطة التي تعاني منها المرأة بسبب عدم الانجاب... فالمرأة اجتماعيا هي المتهم الاول بعدم القدرة على الانجاب وحتى إن لم يتهمها أحد فإنها تتهم نفسها وذلك بسبب ثقافتها الاجتماعية». أما طبيّا، حسب قول الدكتور القيسي، تعيش المرأة حالات عدم الانجاب أكثر من الرجل لأن جسمها هو الذي سينجب وبالتالي يتحمل كل المحاولات الطبية من أدوية وأضافات هرمونية حتى وإن كان السبب في عدم الإنجاب يتعلق بالزوج. تجاوب وتردد هذا البحث العلمي الذي شمل مقارنة بين 200 زوج، مائة منهم لم ينجبوا من مختلف مناطق البلاد دام انجازه حوالي عام ونصف... وتضمن لقاءات ثنائية وفردية مع الأزواج ممن كانوا بصدد الفحص الطبي في مركز الصحة الانجابية بمستشفى فرحات حشاد (بالنسبة الى العيّنة التي لم تنجب) وممن كانوا بصدد الكشف في مركز رعاية صحة الأم والطفل (بالنسبة الى البقية). ويشير الدكتور يسري القيسي الى أن الازواج كانوا الأكثر ترددا في تلك اللقاءات بينما كانت النساء أكثر تجاوبا. وشمل هذا البحث العلمي الذي أعده الى جانب الدكتور يسري القيسي الدكتور سمير هيدار أستاذ مبرز في طب النساء والتوليد بمستشفى فرحات حشاد وكلية الطب والدكتورة خديجة الأيوبي الادريسي المختصة في الطب النفسي خمسة محاور أساسية هي نوعية ردة الفعل النفسية ونوعية الحياة وتقييم الذات وحالات الخوف المرضي وحالات الاكتئاب. هذه المحاور جرى البحث فيها مع أزواج بلغ معدل انتظارهم للانجاب 77 شهرا اي حوالي 5 سنوات وتراوح معدل اعمارهم بين 32 سنة (النساء) و38 سنة (الرجال). نتائج مفزعة أوضح الدكتور القيسي ان النتائج كانت متوقعة لكن المفزع في تلك النتائج ان هؤلاء لا يهتمون بصحتهم النفسية ولا ينوون متابعة وضعهم النفسي رغم ان حالات الاكتئاب فاقت 20٪ وحالات الخوف المرضي بلغت 40٪. وقال أيضا ان الهدف من إعداد هذا البحث العلمي هو تحسين الجانب النفسي في الصحة الانجابية إذ ان صعوبة الانجاب تكون مرفوقة بالقلق النفسي... علما وأنه لا يمكن الحديث طبيّا عن اشكالية في الانجاب سوى بعد مرور عامين عن الزواج. وينصح الدكتور القيسي محيط الزوجين بضرورة عدم ممارسة الضغط عليهما والاستماع اليهما وعدم الحكم مسبقا خاصة وأن ثلاثة أرباع المستجوبات صرّحن بأنهن يرتحن أكثر حين يتحدثن عن مشكل عدم الانجاب مع أقاربهن. وقال ايضا ان التواصل ضروري بين الازواج ممن يواجهون مشكلة عدم القدرة على الانجاب لضمان تواصل العلاقة إذ المشكل يؤدي الى حوالي 20٪ من حالات الطلاق في تونس. وصرّح ل «الشروق» ان الجزء الثاني من البحث العلمي سيشمل متابعة مدى تأثير القلق النفسي على إمكانية الانجاب علما أن البحث المذكور تحصل نهاية الاسبوع الماضي على الجائزة الاولى لمخابر «ميديس» في ما يتعلق بالصحة النفسية في دورتها الثالثة.