بين مراد محجوب وفوزي البنزرتي مواجهة ضاربة في القدم تفوح بعبق التاريخ وتغذيها تحديات الحاضر، وتزداد اليوم حرارة لأن المدربين يعيشان أوضاعا متناقضة ويتواجهان في المباراة الأصعب والأحلى في تونس، وفي مباراة يتمناها كل مدرب لأن الفوز فيها سيضيف وساما جديدا يوشح تاريخ كل المدربين والخسارة ستحسب على المدرب المنهزم وسيحفظها التاريخ له بأحرف لن تمحى من الذاكرة. مراد محجوب من مواليد 1946 وبدأ التدريب في 1974 مع النجم الرادسي حينما بلغ معه ربع نهائي الكأس ومن هناك شهدت الكرة التونسية ولادة مدرب يشهد له الجميع بالكفاءة والدليل أنه درب الفرق الكبرى في تونس اضافة الى المنتخب الوطني من خلال تجربة أولى كانت ناجحة مع منتخب الاواسط الذي قاده الى كأس العالم بموسكو في 1985 ثم تجربة مع المنتخب الاول من 1990 الى 1993. مراد محجوب يوصف بالمدرب غير المحظوظ فرغم تاريخه الحافل الا ان تتويجاته لم تكن في حجم ذلك، فهو قليل التتويج لكنه يبقى مرجعا بالنسبة لأغلب الفرق بالنظر الى خبرته الواسعة رغم بعض اللحظات الصعبة في مسيرته، منها خسارته للقب دوري أبطال افريقيا مع النادي الصفاقسي في 2006 بملعب رادس أمام الأهلي المصري. هو مدرب هادئ، خجول رغم ان البعض يصنّف هذه الخصال من باب ضعف الشخصية التي عصفت بأحلام هذا المدرب الى جانب قلة ما يسمى بالدهاء والخبث الكروي ما جعله غير مثير للجدل بالرغم من نجاحه في بعض الاحيان.. فلسفته التدريبية تعتمد على العمل على المدى الطويل والصبر في الانجاز والهدوء في التخطيط وعادة ما يكسب التحدي حيث قاد الافريقي في هذا الموسم في اجواء عاصفة لا يقدر على الصمود في وجهها الا الكبار وكسب التحدي بعد ذلك حيث عاد الافريقي الى مستواه بفضل اجتهاد هذا الرجل ويسعى اليوم الى تثبيت هذه الحقائق بمباراة قد تغير كثيرا من واقع محجوب والافريقي معا. صائد الألقاب... مثير للجدل فوزي البنزرتي أكثر مدرب مثير للجدل في تونس وعادة ما يكون مادة دسمة لمختلف التعاليق وهو من مواليد 3 جانفي 1953 بدأ بتدريب جريدة توزر ثم الاتحاد المنستيري في موسم 1980 وكان أول تتويج له مع النجم الساحلي عندما فاز معه بالبطولة سنة 1987 ليكون هذا اللقب أول الغيث لمدرب وصف بصائد الألقاب وحمل في رصيده 11 تتويجا مع مختلف الفرق التي دربها وهي الفرق الكبرى في تونس وعجز عن التتويج فقط مع النادي الصفاقسي والملعب التونسي والمنتخب. وعلى النقيض من مراد محجوب، يتفرد بشدة انفعاله و«هيجانه» المفرط ليحتفظ بمواقف عديدة لخّصت شخصيته المتفردة وهي نزعة انعكست على شخصية بعض اللاعبين الذين دربهم ووصف بصاحب الشخصية الحديدية... فنيا، يعتمد فلسفة ما يسمى بالضغط العالي على المنافس والتي عادة ما تتطلب استنزافا لطاقات اللاعبين وتوظيف كل ما يملكون في وقت وجيز للنجاح في هدف على المدى القصير وهذا ما يفسّر عدم تعميره طويلا في الاشراف على الفرق التي درّبها، فمصيرها مرتبط بلقب قد يأتي وقد لا يأتي وما حصل مع الترجي هذا الموسم يؤكد كل هذا في حين تبقى مباراة اليوم مصيرية لمستقبل هذا المدرب مع فريقه.