ما تشير اليه التقارير الصادرة هنا وهناك والمعلومات المسرّبة من وسائل إعلام غربية حول قرار ظنّي سوف يصدر عن المحكمة الدولية ضد «حزب الله» هو تمشّ معروف سلفا، دأبت عليه الدوائر الاستعمارية والامبريالية التي أنهكت لأكثر من قرنين منطقتنا العربية... فكلّما لاحت بوادر مقاومة ورفض وتصدّ للمشروع الاستعماري بكل مظاهره، هنا وهناك في هذا الزمن أو زمن فات، إلا وانتصبت المحاكم... وبدأت آلة الدعاية الاعلامية تعمل بلا هوادة من أجل غسل أدمغة الرأي العام العالمي، حتى يسند هذا الأخير الخيارات الجائرة التي عادة ما تقصف بها الامبريالية ودوائرها البحثية، شعبنا العربي... كان الأمر معروفا مسبقا أن التفرّد بحزب الله وبالمقاومة اللبنانية بصفة عامة أمر آت لا ريب فيه لقد كان الأمر نفسه مع منظمة التحرير الفلسطينية زمن غزو بيروت من القوات العسكرية الصهيونية في 1982، حين «شيطنت» تلك الدوائر الاستعمارية بندقية المقاوم الفلسطيني... وجعلتها في عيون الرأي العام الغربي خصوصا، إرهابا موصوفا، وأن هجومات اسرائيل العسكرية والمتكررة على لبنان ليست سوى الرد الطبيعي لكيان يدافع عن وجوده.. وسط غابة من العرب الذين لا يرومون «اسرائيل» بينهم! هكذا قُدّت الكذبة الكبرى التي مررت منها الصهيونية مشروعها الذي اجتثّ المقاومة اجتثاثا، وسرّبت منها الامبريالية الأمريكية مشروع الوهن العربي والانكسار العربي الذي نراه اليوم يغضّ الطرف عن محاصرة المحكمة الدولية للبندقية المقاومة في لبنان، تماما كما فعلت الأمر نفسه مع العراق حين صادرت خيار الدولة المركزية وخيار التأميم (النفط) وخيار العلم والمعرفة والاستقلال الوطني من بلاد الرافدين... وحوّلته الى كيانات مذهبية وعرقية وطائفية متناحرة... ليس غريبا اليوم أن تصنع الآلة نفسها كمّا من الكذب، في حين أن «كاميرا» صادقة واحدة بإمكانها ان تنقل اليوم الخبر اليقين : اسرائيل تستولي على حائط البراق ظهير المسجد الأقصى، وتزيد من جريمة الاستيطان وتحيل أي انسحاب من الجولان المحتل ومن بقية الأراضي المحتلة، الى ما تسمّيه استفتاء... حتى ينطبق عليها القول : الخصم والحكم... هكذا هم مجرمو العصر، يغتصبون الأرض ويمنعون عن الشعوب المستعمرة حقّها الشرعي والطبيعي في المقاومة... فهل يغضب العرب... وهم على ذلك مازالوا قادرين؟...