الحراك الذي أوجدته مكونات المجتمع المدني العربي وعبر العالم، هو النبراس الذي لاح في نفق الستين سنة الماضية، من عمر نكبة فلسطين وابتلائها بداء الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.... ناشطون وناشطات، في المجال الحقوقي والمدني من تركيا الى السويد ومن بريطانيا الى كل أرجاء الوطن العربي، بدأوا رحلة المقارعة بالحجة: اسرائيل عدو الانسانية... اسرائيل عدو المجتمع المدني.... هي كذلك، لأنها كيان زج بغزة وأهاليها في بوتقة الحصار والقتل والجريمة... بلا خشية ردع... وعندما نتكلم عن الردع، فإننا نعني هذه المرة ردع المجتمع المدني الدولي لاسرائيل رأس الحربة التي تحاصر البشر العزل وتحرمهم من أبسط الحقوق: الأكل والشرب. اسرائيل عدو الانسانية، لأن أهل غزة المحاصرين الذين أثارت وضعياتهم الانسانية غير المقبولة انتفاضة السفن عبر العالم، هم أناس عزل ومدنيون لا سلاح بأيديهم ولا سلطة أو نظام يحميهم... فهم ببساطة مثلهم مثل بقية أبناء وطنهم فلسطين محتلون (اسم مفعول) ولا يقدرون على التحرك من أجل كسر أغلال الاستعمار التي تكبلهم. واسرائيل عدو المجتمع المدني، لأن هذا المجتمع الذي تشكله منظمات وهيآت غير حكومية، جاء قاصدا غزة، وهو يحمل مؤونة وغذاء لأهل غزة ورغم ذلك، اعتدت عليه اسرائيل بالنار... ومنعت مساعدات انسانية من المجتمع المدني من أن تصل الى أهالي غزة المنكوبين بالحصار والتجويع منذ أكثر من سنتين.... المجتمع المدني العالمي، ينتفض، وفي انتفاضته يمرر رسالة أن عهد الحكومات في القضاء على الاحتلال والاستعمار، قد ولى، وأن عهد المجتمعات المدنية قد حل، لفضح الممارسات الاستعمارية، وجرائم الاحتلال مهما كانت قوة الدعاية الاستعمارية الصهيونية... لم تعد الحيل التي كانت تسوقها اسرائيل تنطلي على الرأي العام العالمي ... فقد كشفت ممارساتها وجرائمها في حق أبناء فلسطين وكشفت قوات الاحتلال الاسرائيلي، أن الجريمة استعمارية، وأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وفصائله، انما هو شعب مقاوم. ومقاومته مشروعة بما أن الاعتداء والحصار والاحتلال يتم في عقر داره التي يريد الصهاينة أن يخرجوه منها... العالم الحر، حرية فعلية، بدأ ينتفض وبدأ يعي حجم الكذبة الصهيونية والامبريالية، وليس هناك من دليل أقوى من هذه التحرشات الاسرائيلية والتوعد الذي تطلقه قوات الاحتلال ضد كل ناشط مدني أو حقوقي، يميط اللثام عن جرائم اسرائيل وعن الحق الفلسطيني المهدور...