في حوار صريح خص به الأستاذ سالم المكي رئيس المنظمة التونسية للتربية والأسرة جريدة «الشروق» عند انتهاء أشغال المجلس الجهوي الموسع للمنظمة بالمنستير كشف فيه عن حقائق حول مناب المنظمة من دروس الدعم والتدارك وموقفها من المستجدات المسجلة على الساحة التربوية وبالعلاقة التي تبدو متوترة بين المنظمة والنقابة العامة للتعليم الثانوي والعنف وغيرها : تسهر المنظمة التونسية للتربية والأسرة على تنظيم دروس للدعم والتدارك من المفروض أن يعود منها مناب للمنظمة مما جعل البعض يقول إن هذه المنظمة تقتات من دماء المربين، ما هو ردكم؟ إنه اتهام اعتباطي مرفوض بالحجة والدليل، فنحن لا نقتات لا من دماء المربين ولا من شحمهم ولحمهم، هذا برهاننا فليأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين. فمداخيل هذه الدروس توزع كما يلي : المربون 80٪ إطار الإشراف : 10٪ أعوان التنظيف : 5٪ فرع المؤسسة : 2،5٪ تصرف حصريا على التعهد والصيانة والباقي لمختلف هياكل المنظمة محليا وجهويا ووطنيا : 2،5٪ لا غير ولكن هذا المناب الطفيف جدا لا يتم استخلاصه لاسباب مختلفة ولا يعود منه للمنظمة إلا النزر القليل الذي يصرف أجورا لحاملي الشهائد العليا الذين انتدبتهم المنظمة لمتابعة دروس الدعم والتدارك، وليعلم الرأي العام الوطني أن المنظمة تقدم للمؤسسات التربوية منحا للصيانة تفوق ما تأخذه ونحن مستعدون لتمويل في حدود إمكانيات المنظمة كل أنشطة هادفة تقوم بها أي مدرسة ابتدائية أو إعدادية أو معهد ثانوي. اتهمت النقابة الوطنية المنظمة بأنها حشرت نفسها في خلاف داخلي بين الوزارة والنقابة، هل فعلا تدخلتم في ما لا يعنيكم؟ وهل أصبح الشأن التربوي أمرا لا يعنينا؟ كل تونسي له الحق في الإصداع برأيه في المسائل الوطنية التي هي ليست حكرا على أحد ونحن طرف أساسي في العملية التربوية، وأن ما يحدث بالمؤسسة يهم التلميذ والولي ونحن منظمة أولياء من واجبنا التعبير عن رأيهم. لقد أصدعنا برأينا حول الاضراب ولم ننكر أبدا حق النقابات في اللجوء إليه ولكننا نادينا بالتعقل وبتغليب الحوار دائما لأن الاضراب هو أحب من أحب وكره من كره يضر بالتلميذ وهذا إيمان الولي الراسخ ونحن عبرنا عما يخالج صدره من إحساس إزاء هذا الموضوع. لكن للمربين حقوقا تبنتها النقابة وخصوصا تحسين الأوضاع المادية، وقد أوَّل البعض موقف المنظمة بكونه معارضة لاستعمال حق الاضراب، ما هو رأيكم؟ يجدر التذكير في البداية أن أكبر حريص على تحسين الأوضاع المادية والبيداغوجية للمربين ولسائر الشغالين هو الرئيس زين العابدين بن علي الذي يوليهم كامل العناية وخالص الرعاية.. وليتذكر المربون ما تمتعوا به من زيادات مستمرة طيلة أكثر من 20 سنة وما فتح أمامهم من آفاق للترقية من صنف إلى آخر، وما حظَوْا به من مكاسب متعددة خلال العهد الجديد، ونحن أعضاء المنظمة نهتدي بهذه السياسة ونعتبر المربين الذين نكن لهم كل احترام وتقدير أبناء المنظمة باعتبارهم جزءا من مكونات الأسرة، وهم أولياء إلى جانب كونهم مربين ولم نعارض يوما تحسين ظروفهم ولن يأتي يوم تسمح فيه المنظمة لنفسها أو لغيرها باتخاذ مثل هذا الموقف لكن يبدو أن النقابة الوطنية للتعليم الثانوي لها موقف متصلب إزاء المنظمة. كيف سيكون موقفكم في هذه الحالة خاصة وأنها أكدت بأنها تدرس القيام بتحركات ضد المنظمة ودعوة المدرسين إلى مقاطعتها؟ إذا كان هناك من يريد «شراء الشبوك»، فنحن لسنا على استعداد لذلك ونرفض إضاعة أوقاتنا في ما لا ينفع التونسيين ولا ينفع المربين. وإذا كان البعض يستخدم قضايا الأساتذة فنحن نخدم الأساتذة الذين هم في غالبهم أبناء المنظمة نحرص على حقوقهم، فنحن أيضا نقابيون بالمعنى الصادق والمسؤول والبناء للكلمة ونحن نقابيون من أجل الشغالين. ولكن في الأولوية من أجل تونس، نحن جزء من أم النقابات التي هي الوطن الذي يحرص على الدفاع على كل أبنائه. نعود إلى الاتهام بحشر المنظمة نفسها في خلاف داخلي بين النقابة والوزارة، فهل ما صدعت به من رأي في بلد يحترم فيه الرأي المخالف باعتباره أساس الديمقراطية مدعاة لهذا الموقف النقابي؟ أعتقد أن هذا الموقف الذي لا يمثل الروح الحقيقية لمنظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل ولا أسلوب تعاملها مع الشأن العام وهو بعيد كل البعد عن حق الجميع في التعبير عن رأيه وجوهر الديمقراطية التي جعل منها الرئيس بن علي واقعا ملموسا وقاعدة تعامل بين الجميع. كما كان البعض لا يزال يعيش في عزلة عن الواقع المدني في تونس وفي العالم ويتصرف بمنطق المواجهة وحرب الطبقات، هؤلاء غاب عنهم أن الحياة تقتضي تآزر كل القوى الحية في البلاد لرفع التحديات : دولة ومجتمع مدني ونخب وأفراد وقد جعل بن علي الشراكة بين الدولة وسائر القوى الحية جوهر مقاربته في تسيير الشأن العام. وهل تخشون المقاطعة؟ مقاطعة من ولمن؟ المنظمة التونسية للتربية والأسرة هي هيكل مدني في خدمة كل أطراف العملية التربوية بمن فيهم المربون وهي تتعاون مع من يتعاون معها ولا تعير اهتماما لغير ذلك ولا أظن المربين يرون غير الخير في تعاملهم مع المنظمة وهم قادرون على التفريق بين الزبد الذي يذهب جفاء وبين ما ينفع الناس وينفعهم والذي يبقى في الأرض. يبدو أن من أسباب هذا الخلاف موقف المنظمة من الدروس الخصوصية، أليس كذلك؟ نحن منظمة نحترم قوانين البلاد، وقد صدر أمر رئاسي ينظم دروس الدعم والتدارك والدروس الخصوصية، هذا الأمر الذي صدر في مارس 1988 يكلف المنظمة بالاشراف على دروس الدعم والتدارك داخل المؤسسات التربوية، وقد التزمنا بما يفرضه علينا القانون، وتتم هذه الدروس بمقابل مالي بسيط في متناول قدرات الأسرة وبإشراف إداري وبيداغوجي مضمون لكن في خصوص الدروس الخصوصية التي تتم خارج المدارس وبعيدا عن مسؤولية المنظمة هناك من التزم بالقانون، وهناك من خالفه والإدارة مؤهلة لاتخاذ القرارات المناسبة. النقابة الوطنية قررت الدعوة إلى الاضراب يوم 27 جانفي 2011، ما هو موقفكم؟ موقفنا يرفض دوما التصعيد، ونحن ننادي بالحوار كسبيل لفض كل الإشكاليات لأننا نعتبر الاضراب كالطلاق، فهو أبغض الحلال التربوي. ظاهرة الاعتداءات على المربين من قبل تلاميذهم هل ترونها بلغت حد الخطورة؟ لا يمكن أن نتحدث عن ظاهرة لأنها اقتصرت على بعض السلوكيات المنحرفة غير المقبولة والباعثة على الانتباه دون أن تصبح ظاهرة يتوفر فيها شرط الشمولية والتواتر فاعتداء التلميذ على أستاذه سلوك شاذ وغير مسؤول وهو مؤسف ومؤلم ونرفضه رفضا قاطعا، وينبغي أن ندرس أسبابه وأن نضع له الحلول العاجلة. وما هي الأسباب؟ أسبابه متعددة أهمها تناقص الضابطة المدرسية في صفوف التلاميذ في إطار ما يمكن أن نسميه الانضباط المدني لأن الشاب أصبح يعيش في مجتمع أكثر حرية من السابق. كما أنه معرض لتأثير التيارات الخارجية وخاصة في البيئة الثالثة ويزداد الأمر تعقدا بانحسار الدور التربوي للأسرة والتطور الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع. وما هو الحل؟ لقد حان الوقت لعودة المدرسة إلى وجدان التلاميذ وتحمل الأسرة لدورها التربوي الكامل ومزيد التواصل بين الأسرة والمدرسة وتنشيط الحياة المدرسية وتفعيل آليات الانصات والحوار مع التلاميذ.