حامد المرائحي كاتب برز في أواخر السبعينات لكنّه ظلّ مقلاّ في النشر فرغم تجربته الطويلة لم يصدر أكثر من ثلاثة كتب فهل هو «الكسل» أم بسبب أزمة النشر والتوزيع أم موقف من النشر؟ «الشروق» التقته في هذا الحوار. حوار: نور الدين بالطيب لماذا لم نقرأ لك كتابا منذ سنوات؟ بالفعل منذ 7 سنوات لم أنشر أي كتاب قصّة كان أم شعرا والأسباب عديدة ومتعددة لعل أهمها إشكالية النشر وخاصة التوزيع الذي يبقى عائقا أمام الكتاب بصفة عامة. كيف تصنّف نفسك، هل أنت قصّاص أم شاعر؟ أنا هاو في الحالتين وأكتب «بالكيف» فحين نشرت مجموعتين شعريتين وأخرى مشتركة كنت بالتوازي مع ذلك أكتب بجريدة «الشعب» و«الوحدة» بصورة منتظمة، بطاقتي المعروفة «لحظة وعي» لمدة سنوات طويلة وقد نالت استحسان الجميع وهي تتسم بالتلقائية والنقد النزيه خاصة للفنانين وكذلك لبعض الحالات الاجتماعية، وحين انتقلت إلى القصّة أردت أن أثبت أن الكاتب الحقيقي هو الذي يكون حاضرا شعرا أو قصّة وأن المهم هو أن يعبّر عن مشاعره في أي زمان أو مكان بطريقته وحسب مزاجه لحظتها شعرا أو نثرا... كيف ترى المشهد الأدبي في تونس؟ المشهد الأدبي بات غامضا نوعا ما وانحصر في بعض مبدعي التسعينات دون ذكر الأسماء وبين الشعراء الشبان الجدد والذين صراحة استسهلوا «القصيدة الفخ» أي قصيدة النثر وأخذت أسماؤهم تلمع بشكل ملفت لكن يبقى الشاعر الحقيقي هو شاعر جميع الأوقات «جعفر ماجد الصغير أولاد أحمد ادم فتحي عبد الله مالك القاسمي منصف الوهايبي عادل معيزي والقائمة تطول. أما على مستوى القصة والرواية فهناك قفزة نوعية في الكم والكيف وتطور إيجابي على المستوى العربي. كيف ترى واقع اتحاد الكتاب؟ يبقى اتحاد الكتاب اتحادنا جميعا رغم صبغته الجمعياتية ورغم ما يحتويه من أشخاص بعضهم استغل عضويته لمآرب أخرى لا تمت إلى الأدب بصلة. وأنا صراحة لست مع تمشيه الحالي وضد توجهاته وعدم مساهمته في مساعدة الكتاب نشرا وطبعا وأملنا الآن قائم على نقابة كتاب تونس المولود النقابي الجديد الذي أتمنى أن يساهم في نشر الكتاب ومساعدة الكتاب على جميع المستويات. الكتابة هي بالفعل جوهر حياتي وإن لم أنشر منذ سنوات فأنا أكتب دائما وأبدا وأحتفظ بذلك لنفسي لأنني عادة ما أصطدم حين أرسل نصّا إلى بعض الجرائد بالمقص الصحفي أو بالرفض التام والبات لما كتبت بتعلات متعددة لذلك أخيّر أن أحتفظ بما كتبت لنفسي أو أن أغيّر بعض الأشياء تلبية للمشرفين على الجريدة. متى تكتب؟ هذا هو السؤال الذي أنتظره، فحين كنت أكتب بجريدة «الشعب» أو بجريدة «الوحدة» كانت بطاقتي «لحظة وعي» ولمدة طويلة تجلب الانتباه وينتظرها الأصدقاء كل جمعة كان بعضهم يسألني عن هذه التسمية فأجيب: إنني حين أنتشي بأشيائي الجميلة وأعود ليلا إلى بيتي وألتفّ بأقلامي وأوراقي فلا داعي حينها إلى المجاملة أو الكذب أو النفاق أو «التبلفيط» لبطاقتي القادمة لأني لا أرى وقتها إلا الحقيقة والحقيقة فقط، والله لم أجامل أحدا في حياتي من خلال كتاباتي ولم أكذب أبدا في كل ما كتبت وأرسم الحقيقة بتفاصيلها. كيف ترى النقد في تونس؟ النقد مفقود في تونس، ما عدا بعض الأقلام القليلة جدّا ومردّ ذلك أن العائلة الشعرية أو القصصية التونسية تعرف بعضها البعض فيكثر النفاق والمجاملة ويغيب النقد الحقيقي ويصير الأخذ بالخاطر أقرب إلى الحقيقة وأبعد ما يكون عن النقد. هل هناك أزمة نشر في تونس؟ إذا كنت تقصد بالنشر الطباعة فقط فهذا غير صحيح فالمطابع «كالبطاطا» وبأسعار مقبولة وبالتقسيط المريح أما إذا كنت تقصد بالنشر والتوزيع فتلك الطامة الكبرى لأن العائق الوحيد أمام المبدع التونسي هو كيف يوزّع كتابه؟ فيلتجئ بكل الطرق ليسترجع على الأقل ثمن الطباعة، (المندوبيات الجهوية للثقافة المعاهد دور الثقافة إلخ...). وهنا أتساءل أين دور اتحاد الكتاب التونسيين في ذلك ومقابل ماذا تدفع اشتراكاتنا السنوية وأين تذهب مساعدات الدولة إلى الاتحاد؟