رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    بالفيديو: رئيس الجمهورية يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدة ليلى بن علي لمجلة «الصياد»: حريصون على تعزيز مسار الإصلاح التشريعي في الدول العربية صونا لحقوق المرأة
نشر في الشروق يوم 15 - 12 - 2010

أدلت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية رئيسة منظمة المرأة العربية بحديث لمجلة «الصياد» اللبنانية أوردته في عددها 3449 للأسبوع من 10 الى 16 ديسمبر 2010 تناولت فيه بالتحليل نتائج المؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية وأوجه مساهمتها في العمل الاجتماعي الانساني في تونس سيما من خلال جمعيتي «بسمة» للنهوض بتشغيل المعوقين و«سيدة» لمكافحة السرطان.
وتوطئة لهذا الحديث أبرزت الصحفية «فوتين مهنا سعد» التي أجرت المقابلة النقلة النوعية الهامة التي عرفها أداء منظمة المرأة العربية خلال فترة حوالي العامين التي ترأستها فيها السيدة ليلى بن علي التي قالت إنها «صاحبة الأيادي البيضاء في مجالات عديدة ومتنوعة» مؤكدة أن سيدة تونس الأولى بما تميزت به من «عطاء وعمل، ونضال من أجل الإنسانية كافة والمرأة خاصة»، تعتبر اليوم عن حق «المثال الذي يحتذى به والنموذج الناجح، والسيدة المميزة».
وفي ما يلي النص الكامل لهذا الحديث الذي غطى 6 صفحات كاملة من العدد الأخير لمجلة «الصياد»:
٭ تشرفنا السيدة الفاضلة ليلى بن علي بهذا الحديث إلى مجلة «الصياد» وتونس تعيش على وقع المؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية، فما هو تقييم سيدة تونس الأولى لهذا الحدث?
ما يمكن لي أن أقوله، هو أن تونس قد احتضنت بكثير من الاعتزاز المؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية، وقد سعدت شخصيا بكثافة المشاركات سواء على مستوى حضور السيدات الأول أو على مستوى الوفود الممثلة لمختلف البلدان العربية، والهيئات الدولية والإقليمية والعربية، وكذلك بنوعية الإسهامات والمداخلات التي شهدتها أشغال هذا المؤتمر والتي قدمتها نخبة من أبرز المثقفين والخبراء في مجالات التنمية المستدامة.
ويمثل كل هذا دليلا على ما يجمع بين بلداننا ومجتمعاتنا من روابط الأخوة والتعاون، ومن حرص مشترك على دعم منظومة العمل العربي في مجال المرأة وتطويرها.
كما أن الموضوع الذي تناوله هذا المؤتمر بالدرس وهو «المرأة العربية شريك أساسي في مسار التنمية المستدامة» موضوع على غاية الاهمية اذ ان التنمية المستدامة كما سبق لي أن بينت ذلك، رهان حضاري وقضية إنسانية ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وتكنولوجية وبيئية متشابكة، وهي تستوجب وضع سياسات وبرامج تساعد على الاستفادة من الموارد الطبيعية وفق مقاربة متكاملة هدفها تأمين الحياة الكريمة والرفاه لكل الأجيال حاضرا ومستقبلا.
ويعد النهوض بقدرات المرأة العربية ومساعدتها على التمتع بفرص متكافئة مع الرجل في الخدمات والخيرات جزءا لا يتجزأ من هذه المقاربة. وبصفة عامة فقد توفق المؤتمر في تحقيق أهدافه، وشكل إضافات لما حققته منظمة المرأة العربية من إنجازات ومبادرات.
وإنني أغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر الجزيل للسيدات الأول اللاتي شرفننا بالحضور وإلى كل من ساهم في إنجاز هذا المؤتمر الذي أردناه محطة أخرى من محطات العمل الجدي في سبيل النهوض بأوضاع المرأة وبالتالي تحقيق التطور المنشود لمجتمعاتنا كافة.
٭ تناقل المشاركون في المؤتمر وكذلك وسائل الإعلام بكثير من الإعجاب ما تضمنه خطابكم الافتتاحي من أفكار وأطروحات، وبخاصة مقولتين هامتين، الأولى «إن في تعطيل طاقة المرأة هدر لنصف طاقة المجتمع»، والثانية «إن الخلاص من ثلاثية الخوف والفقر والتمييز يعتبر من الأركان الأساسية للتنمية المستدامة». فهل جاءت نتائج المؤتمر وتوصياته متناسقة مع حجم التحديات المطروحة في هاتين المقولتين ?
في الحقيقة ما قمت به هو طرح إشكاليات أعتقد أنها أساسية لإثراء التفكير ودفعه في اتجاهات عملية ودقيقة، وذلك لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع. ولقد حرصت منذ تشريفي بمسؤولية رئاسة منظمة المرأة العربية على الاستفادة مما يطرح من أفكار وتوجهات وتحويلها إلى خطط عملية لتسهم في تطوير أوضاع المرأة العربية وإثراء مكاسبها، حتى تضفي الشمولية والمصداقية على عمل المنظمة.
وأعتقد أن التوصيات التي تمخض عنها مؤتمرنا هذا تتسم بالطابع العملي أي إنها قابلة للتجسيم خصوصا وقد توفرت الإرادة الجماعية وازداد الوعي بجسامة التحديات ويبدو لي أن خير ضمان لتحقيق أهدافنا المرجوة هو تركيزنا على ضرورة تعزيز مسار الإصلاح التشريعي في الدول العربية وسد الفجوة بين النص والممارسة، لأن في ذلك صونا لحقوق المرأة في الحياة العامة والخاصة، وارتقاء بدورها كشريك اقتصادي واجتماعي وسياسي فاعل.
كما أن نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة هو أفضل سبيل لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وحصن منيع للتصدي للتطرف والانغلاق. ومن هنا تأتي أهمية تمثيل المرأة في جميع مستويات صنع القرار الخاص ببناء السلام ومنع النزاعات.
وفي نهاية الأمر، يظل تحسين أوضاع المرأة انجازا يوميا مشتركا نتقاسم مسؤولية النهوض به، خصوصا وقد أثبتت المرأة العربية جدارتها بكل ثقة وتشجيع في ما أسند لها من أدوار في الأسرة والمجتمع، وما تحملته من أعباء في مجالات التنشئة والتنمية والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي.
٭ في شهر آذار/مارس من هذا العام، احتفلت جمعية «بسمة» للنهوض بتشغيل المعوقين التي تتولون شخصيا رئاستها بمرور عشر سنوات على انبعاثها فهل لكم، سيدتي الفاضلة، أن تسلطوا الضوء على هذه الجمعية والموقع الذي تحتله ضمن النسيج الجمعياتي في بلدكم؟
أشير إلى أن تونس تنتهج سياسة اجتماعية من أهم مرتكزاتها العناية بكافة الموارد البشرية دون استثناء، والحرص على تأمين كرامتها وتنمية قدراتها في جميع الميادين، مع ضمان تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع.
ويجدر التذكير أيضا، بالدفع القوي الذي أعطته حركة التغيير للعمل الجمعياتي، ولا أدل على ذلك من تزايد عدد الجمعيات التي فاقت اليوم عشرة آلاف جمعية وقد كانت للتشريعات التي سنت وللإجراءات المتتالية التي تم اتخاذها أثرها الإيجابي في تفعيل دور الجمعيات والرفع من آدائها، مما جعلها رافدا حيويا يدعم الخطط الوطنية ويسند برامجها، كما أتاح لها سبل النشاط المجدي والإبداع الخلاق في شتى القطاعات، ومن بينها الحقل الاجتماعي.
وفي هذا السياق يتضافر عمل الدولة وسائر مكونات المجتمع المدني في مجال النهوض بالأشخاص المعوقين، وينصهر ضمن منظومة متكاملة لحقوق الإنسان تولي الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية ما تستحقه من رعاية دائمة، في ظل مجتمع متضامن متآزر يكرس المساواة بين الجنسين والشرائح والأجيال والجهات ويعمل على احترام تكافؤ الفرص بين الجميع.
وذاك هو جوهر الرسالة التي تضطلع بها جمعية «بسمة» للنهوض بتشغيل المعوقين، في إطار المقاربة التونسية المتجددة للتضامن التي ترتكن الى أبعاد إنسانية نبيلة غايتها الأخذ بيد هذه الفئات والارتقاء بها من مرحلة المساعدة الى طور الإدماج والانخراط في الدورة الاقتصادية والاجتماعية.
٭ ما هي الأهداف الرئيسية التي تسعى جمعيتكم إلى بلوغها؟
كما يشي بذلك اسمها، فقد اختارت جمعية «بسمة» لممارسة نشاطها جملة من الأهداف، تأتي في مقدمتها تمكين الشخص المعوق من المساهمة في مجهود التنمية ومن حقه في الاستفادة من ثمارها وذلك عن طريق دمجه في الدورة الاقتصادية وتأمين حقه في الشغل. وما فتئت جمعية «بسمة» تسهم في إشاعة الوعي العميق لدى الرأي العام الوطني بأهمية العناية بظاهرة الإعاقة وسبل التوقي منها بالتشخيص المبكر ومعالجتها والإحاطة بحامليها.
وبشكل أوضح، تتولى الجمعية الإحاطة بهذه الفئة وتنمية معارفها ودعم قدراتها للتعويل أكثر ما يمكن على نفسها، للاندماج في الحياة المهنية حسب مؤهلاتها الذهنية والبدنية ووفق ما تتلقاه من مهارات تؤهلها للالتحاق بسوق الشغل.
ووعيا بجسامة الرهان، ثابرت الجمعية على وضع معالم طريق الأمان لهذه الفئة، فزرعت فيها الثقة بقدرتها على تجاوز حدود الإعاقة من أجل الاعتماد على الذات والاندماج في المجتمع.
ووجهت «بسمة» اهتمامها منذ تأسيسها الى العناية بالمعوق في محيطه الأصلي، وسعت بالدرجة الأولى إلى تغيير النظرة التقليدية للمعوق، لترسخ القناعة لدى الجميع بأنه قادر على تحمل أعباء الحياة بلا مساعدة مباشرة، وأنه يمتلك مستلزمات الانخراط في سوق الشغل ليؤدي واجب الإسهام في عملية التنمية .
كما تحرص الجمعية على تطوير أساليب الإحاطة بالأشخاص المعوقين ونشر روح المبادرة لديهم، من خلال تكثيف عمليات المساعدة والمساندة لهم في مختلف مراحل إقامة مشاريعهم المهنية، منذ طور التكوين إلى غاية الاندماج في عمل مؤجر أو للحساب الخاص.
٭ إلى أي مدى توفقت جمعية «بسمة»، في تحقيق هذه الأهداف النوعية وتجسيمها على أرض الواقع ؟
في تقديري، إن نجاح الجمعية في كسب هذه الأهداف تعكسه النتائج التي سجلت على صعيد تشغيل المعوقين، ولا سيما منهم أصحاب المبادرة الخاصة الذين لم يكتفوا بتحقيق ديمومة مشاريعهم فحسب وإنما صاروا مصدرا لتشغيل الكفاءات وسندا للجمعية في تشغيل المعوقين.
ولابد من الإشارة في هذا الباب إلى أن الجمعية تمكنت من تشغيل حوالي 1350 معوقا، وساهمت في تمويل 2000 مشروع يعد باعثوها اليوم أصحاب مشاريع خاصة، ووفروا مواطن شغل قارة عديدة انتفع بها الأسوياء والمعوقون على حد سواء.
وتتولى الجمعية تنظيم أيام ومعارض ترويجية لمنتوجاتهم وإبداعاتهم، وتفتح أمامهم سبل التسويق ومسالك التوزيع داخل تونس وخارجها.
ولم تكتف جمعية «بسمة» بالسعي إلى تشغيل المعوقين وتيسير اندماجهم ضمن دورة العمل والاندماج، بل أسست صلبها منظومة متكاملة تنهض بالمعوق في مرحلة مبكرة جدا من حياته، وذلك من خلال المقاربة الإدماجية التي توختها من أجل الإسهام في تثبيت الأطفال المعوقين بمدارس مندمجة توفر لهذه الفئة حق العيش في وسط تعليمي طبيعي يجنبها أي شعور بالنقص وأي إحساس بالتخلف عن ركب الأسوياء عضويا.
ونجحت جمعية «بسمة» أيضا في إرساء منظومة تكوين وتأهيل، تمكن الأشخاص المعوقين من اختيار التكوين الذي يتلاءم مع ميولهم وإعاقتهم ومؤهلاتهم البدنية والذهنية والنفسية والمهنية ومتطلبات سوق الشغل من جهة أخرى.
وتنظم الجمعية أيضا حلقات تكوينية تكميلية لبعض طالبي الشغل بهدف تيسير إدماجهم المهني، كأن أقامت حلقات تكوينية في تكنولوجيات الاتصال الحديثة لعدد من حاملي الشهائد العليا، مكنت من إدماج كل المتكونين في القطاعين العمومي والخاص، وأحدثت الجمعية مركزا مختصا في التكوين في الإعلامية الموجهة إلى فاقدي وضعاف البصر، وكذلك خلية خدمات عن بعد ورواقا تجاريا إلكترونيا لمنتوجات الأشخاص المعوقين.
وأمام هذا المد التكنولوجي المتسارع والثورة الاتصالية التي يشهدها العالم من حولنا، عملت جمعية «بسمة» على أن يواكب المعوق إيجابيا هذه الثورة، ومهدت أمامه سبل النفاذ إلى المجتمع الرقمي، من خلال وضع خطة لرعاية منظوريها في هذا الجانب المعلوماتي، بالتنسيق مع عديد المؤسسات المختصة، على غرار مركز الإعلامية الموجهة الى الطفل المعوق.
٭ اسمحوا لي سيدتي الفاضلة، أن ألاحظ أن هذه الحصيلة ثرية جدا، رغم أن جمعيتكم ليست هيكلا حكوميا بل واحدة من مكونات المجتمع المدني، فمم تنهل جمعيتكم لأجل تنفيذ سياستها؟
إن مجمل الخطط التي تضعها «بسمة» في اتجاه الإحاطة بالمعوقين تنبع من صميم سياسة الدولة الاجتماعية، فقد وضعت بلادنا منظومة تشريعية متكاملة من الإجراءات والآليات والقوانين التي تمكن أصحاب الاحتياجات الخصوصية من الاندماج في الحياة النشيطة ومن مباشرة أعمال مهنية تتلاءم مع إمكاناتهم البدنية والذهنية، بعيدا عن أشكال التمييز.
وتستند الجمعية، في تنفيذ مشاريعها، الى القانون التوجيهي للنهوض بالأشخاص المعوقين وحمايتهم، والذي يعد قانونا شاملا وجامعا لكل مجالات الوقاية والحماية والرعاية والإدماج والنهوض بالأشخاص المعوقين في جميع الميادين، بالإضافة إلى أنه قانون يترجم حرص القيادة التونسية على ضمان الحقوق الأساسية لكل التونسيين وفي مقدمتها حق الشغل وتحقيق نوعية أفضل لمقومات العيش ودعم مكونات المجتمع المدني في هذا الشأن. ومن هذا المنطلق، يمثل نشاط جمعية «بسمة»، واجهة من الواجهات التنفيذية لتجسيم المقاصد النبيلة التي تضمنتها فصول هذا القانون.
إن البعد الاجتماعي لحركة التغيير هو النبع الأول الذي تنهل منه جمعية «بسمة»، في رسم خطط عملها وصياغة برامج تدخلها، أما إذا كان القصد من السؤال، هو الجانب المادي لتنفيذ ما نعتمده من برامج ونضعه من أهداف، فإن الجمعية بصفتها جمعية خيرية، تستند بشكل أساسي إلى نوازع الخير وروح التطوع وقيم التكافل والتآزر المتأصلة في الشعب التونسي، فالتضامن هو تاج الفضائل في عهد تونس الجديد، وقد أذكى الرئيس زين العابدين بن علي جذوة هذه القيمة الإنسانية النبيلة في نفوس التونسيين، وارتقى بها إلى مرتبة دستورية.
٭ ماذا عن جهود تونس وتفاعلها مع المبادرات الأممية في مجال رعاية المعوقين ؟
إن تونس تعد من البلدان الأوائل التي صادقت في سنتي 1988 و1989 على الاتفاقيتين الدوليتين للعمل وهما: الاتفاقية الدولية رقم 142 المتعلقة بدور التكوين المهني في تنمية الموارد البشرية، والاتفاقية الدولية رقم 159 حول التأهيل المهني وتشغيل الأشخاص المعوقين. كما كانت بلادنا ضمن الدول الأوائل التي صادقت في نيسان/أفريل 2008 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها.
وفي سياق دعمنا للجهود الدولية المبذولة لفائدة أصحاب الاحتياجات الخصوصية والرفع من مستوى الخدمات المسداة اليهم وتطوير سبل اندماجهم، كنت بادرت إلى اقتراح وضع جائزة دولية سنوية لأحسن جمعية محلية مختصة في النشاط الصحي والاجتماعي، تتميز بإدماج أكبر عدد ممكن من أصحاب الاحتياجات الخصوصية في الحياة العملية. إننا وبقدر ما نحرص على خصوصية مقاربتنا في التعامل مع هذه الشريحة الاجتماعية وبما يستجيب لحاجياتها ومشاغلها، فإن بلادنا التي عرفت أيضا بانفتاحها تستلهم من مختلف التجارب العالمية وتساهم في إثرائها والإضافة إليها.
وفي هذا السياق، انشأت جمعية «بسمة» شبكة من العلاقات الدولية لإضفاء المزيد من النجاعة على عملها، وأبرمت اتفاقات تعاون مع بعض الهياكل المختصة.
٭ وبماذا تدخل جمعية «بسمة» المرحلة القادمة ?
إن الهدف الأسمى لجمعيتنا هو تحقيق الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمعوق، وخلق مورد رزق قار له يقيه العوز ويرفعه إلى مرتبة «العنصر الفاعل».
واليوم، وبعد عشر سنوات من العمل الدؤوب، يأتي مركز «بسمة» لإدماج المعوقين ليدعم هذه الرسالة النبيلة لجمعيتنا.
وهو إنجاز يمثل تتويجا لنشاطها المتواصل خلال العشرية الأخيرة، وقاعدة انطلاق باتجاه آفاق أرحب وإنجازات أكبر تعزز ما تحقق للمعوق من مكاسب وترتقي بها الى درجات ارفع.
وقد فتح هذا المركز أبوابه في موفى شهر أكتوبر 2010، موفرا أنشطة تثقيفية ورياضية وترفيهية وصحية وتربوية، كما يؤمن تكوينا مهنيا في العديد من الاختصاصات.
ونحن على يقين بأن هذا المركز سيكون بوابة أمل جديدة في سبيل إتاحة فرص سانحة لتكوين وتوفير مقومات الحياة الكريمة أمام الأشخاص المعوقين، ودعم فرص الاندماج أمامهم، تكريسا لقيم العدالة والمساواة. كما أن الجمعية تدخل المرحلة القادمة وهي تستند إلى ما فتحه برنامج رئيس الدولة للخماسية 2009-2014 من آفاق جديدة أمام لأشخاص المعوقين في كل المجالات كالتشغيل والتربية والتكوين والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والرياضة والترفيه، علاوة على ما أتاحه لهم من فرص سانحة للانخراط في مجتمع المعرفة.
فهذا البرنامج جدد انحياز السياسة الاجتماعية للدولة لذوي الاحتياجات الخصوصية، وحرصها الدائم على رعايتهم والإحاطة بهم وتوجيه كل الجهود من أجل النهوض بأوضاعهم.
وفي هذا خير حافز لجمعيتنا ولكل الجمعيات العاملة في هذا المجال، إلى أن تنظر لعملها المستقبلي بتفاؤل أكبر، مع الالتزام بمضاعفة الجهد للنهوض بهذه الفئة العزيزة على قلوبنا وحمايتها.
٭ لا يمكن أن نختم هذا الحوار، الذي خصصناه للبعد الاجتماعي في شخصية السيدة الفاضلة ليلى بن علي، دون أن نشير إلى المولود الجديد، وأعني بذلك جمعية «سيدة»، لمكافحة مرض السرطان، لماذا هذه الجمعية ? وما أبرز أهدافها ?
لقد بات مرض السرطان من أهم أسباب الوفاة في جميع أنحاء العالم. وتشير بعض الاحصائيات الى أنه يتسبب في ما يقارب 14 بالمائة من مجموع الوفيات، أي ما يعادل 8 ملايين نسمة، ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة الى 12 مليون حالة في أفق عام 2030.
و تشكل الدول النامية 60٪ من الإصابات الجديدة، و70٪ من الوفيات. كما أن تكلفة هذا المرض وأعباءه مرتفعة، وتأثيره السلبي على التنمية الصحية والاجتماعية والاقتصادية لا يحتاج إلى تأكيد. هذه الأرقام تؤكد أن هذا الداء تحول إلى ظاهرة من ظواهر العصر وعلله الفتاكة. من هنا ضرورة أن تتضافر كل الجهود لمكافحته. وقد اعتمدت تونس خطة وطنية في هذا المجال، كان لا بد من أن تجد امتدادا وسندا لها في مكونات المجتمع المدني.
وفي هذا السياق يتنزل بعثي لجمعية «سيدة» لمكافحة مرض السرطان، بهدف المساهمة في الجهد الوطني المبذول للوقاية من هذا المرض والشفاء منه، وتقديم المزيد من التسهيلات العلاجية خصوصا في اللحظات المبكرة لتلافي أضراره ومخاطره.
وإذا كان لي أن أوجز أهداف جمعية «سيدة» فهي تتمثل في توعية المجتمع بمخاطر مرض السرطان الذي يفتك بأرواح الآلاف سنويا في مختلف أرجاء المعمورة، وتقديم خدمات مساندة لمرضى السرطان وذويهم، والمساهمة في دعم البحوث العلمية وتشجيعها للوقوف والتعرف على أسباب السرطان، وتوفير كافة أوجه الرعاية الطبية والعلاجية لمرضى السرطان والتخفيف من معاناتهم.
وستحرص الجمعية على أن لا تنحصر الجهود في العلاج فقط، وإنما ستعمل أيضا على دعم برامج التشخيص المبكر والوقاية من السرطان وخطره المتنامي.
وسيشكل بناء «معهد الزهراوي» حجر الزاوية في عمل جمعية «سيدة» إذ سيكون مركزا عموميا ذا صبغة جامعية، مهمته تأمين التكفل الشامل والمندمج والناجع في مجال معالجة الأمراض السرطانية، وسيعمل على الوقاية والتشخيص المبكر من خلال توظيف أحدث أساليب الاستكشاف المتطورة، فضلا عن القيام بأنشطة علمية وتثمين البحوث الطبية وكل ما يتعلق بهذا المرض.
إن هذا المعهد، الذي سيكون جاهزا خلال سنتين، سيشكل إضافة نوعية للمجهودات الوطنية لمكافحة الأمراض السرطانية، وسنحرص على أن يكون، إلى جانب مختلف أنشطتنا الأخرى، عنوانا من أبرز عناوين الجهد الوطني السخي لتأمين سلامة مجتمعنا من كل الأدواء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.