ستحتفل تونس في سنة 2011 بالذكرى المائة لولادة محمود المسعدي الذي يعدّ علامة بارزة ليس في الحياة الثقافية فقط بل في الحياة السياسية أيضا وفي حركة التحرّر الوطني التي كان أحد رموزها. ينتمي المسعدي الى جيل عاش ألام الإستعمار وحلم بإزاحته عن تونس وقد إنخرط مبكّرا في الحركة السياسية والنقابية فلم يكن من الكتّاب أو المثقفين الذين يفضّلون الوقوف على الربوة بل إنخرط في عمر مبكّر في العمل السياسي فعرف مرارة السّجن والإبعاد الى الصحراء وهي العقوبة التي كانت السّلطات الإستعمارية الغاشمة تسلّطها على الوطنيين، ورغم تشبّعه بالثقافة الفرنسية ودراسته في السّربون لم يقف المسعدي الى جانب المستعمر ولا ثقافته بل عمل ما في وسعه على مقاومة الإستعمار من خلال النضال النقابي الذي تحمّل فيه مسؤوليات قيادية منها قيادة الاتحاد العام التونسي للشّغل بعد إغتيال فرحات حشّاد كمّا أسّس مجلّة المباحث مع المرحوم محمد البشروش وأسّس فيما بعد مجلّة «الحياة الثقافية»كما كان من الجيل الأوّل للجامعة التونسية ولوزارة التربية التي تولّى مسؤوليتها في مرحلة دقيقة من بناء الدولة وهو يعتبر أب التعليم العصري الذي عوّض التعليم الزيتوني. لم تكن الكتابة عند المسعدي بمعزل عن العمل السياسي فقد كانت الوجودية «التي أسلمت على يده» على حدّ عبارة طه حسين تعبيرا عن تطلّع جيل كامل من التونسيين لبناء دولة حديثة ومجتمع منتصر للقيم الإنسانية أمّا كتبه «السدّ» و«حدّث أبوهريرة قال. . . » و«من حديث عمران» و«تأصيلا لكيان» فقد عبّرت عن شواغل الإنسان وتوقه للخلود. محمود المسعدي عبقرية تونسية آمن بتونس وبحقّها في أن يكون صوتها مسموعا في العالم ومن الذكريات التي لا أنساها ما قاله الى الدكتور عبدالباقي الهرماسي عندما كان وزيرا للثقافة وقد زاره في بيته بضاحية قرطاج ليبلّغه تحيّات سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وتقديره بمناسبة اليوم الوطني للثقافة وكنت من الذين رافقوا السيّد الوزير آنذاك، قال المسعدي «إنّ الأمّة التي أنجبت ابن خلدون لا يمكن أن تهان».