الفيضانات الأخيرة أخذت حظها من حديث الشارع ومن عناية أعلى هرم السلطة... الأمطار كانت استثنائية والتهيئة العمرانية والخدمات في البنية التحتية تحتاج هي أيضا إلى وقفة استثنائية... وهذا ما يحصل الآن. غير أني أود التحدث عن فيضانات أخرى تحدث كل يوم وصارت قضية ترهق أعصاب المواطنين وتهدر وقتا ثمينا... إنها فيضانات السيارات في شوارع العاصمة ومداخلها... ورغم ن مسألة المرور قضية قديمة جديدة فإنها زادت عن كلّ حدّ بل صارت الموضوع الرئيسي لكل حديث يدور بين اثنين... حتى ان الموظفين صاروا يتفنّنون في مراوغة أوقات الذروة وذلك «بسقة» ربع ساعة قبل موعد انتهاء الدوام ومن لا يقدر على ذلك يبقى في موقع عمله بعد الوقت.. ومع ذلك يجد نفسه في طوفان لا ينتهي. أكثر من مرّة انكبت السلطات المعنية في أعلى مستوى على هذه المعضلة ولكن الوضع آيل إلى التفاقم.. رغم كل هذا الذي توفر من محولات وتوسعة للطرقات وغيرها. هل يعني هذا ان طاقة الاستيعاب بلغت اقصاها ولم يعد هناك حلّ مهما توفر حسن النية... أم ان الأمر يقتضي مراجعة لأصل الحكاية وليس الاقدام على لمسة هنا وأخرى هناك.. أضواء هنا واقتلاع أضواء هناك؟! ألا يمكن مراجعة الأمور من بدايتها... هناك شوارع ذات اتجاه واحد مع انها تسع أربع سيارات وهناك أنهج بقيت حكرا على الحافلات وسيارات الأجرة مع أن الحافلات قلت وبالإمكان فتحها للجميع وليس حصر كل السيارات في شارع واحد... وهناك مدخل واحد من جنوب العاصمة وكل من يتوخاه يسأل اللّه أن يخفف صبره الطويل من ذنوبه... لماذا قطعت سكة المترو كل الأنهج ولماذا لا يقع التفكير في فتحها وإزالة الأرصفة المانعة في انتظار توفر ظروف اقامة جسور صغيرة تفكّ الحصار... تونس العاصمة محج كل السياح ونقطة عبور أساسية وتونس العاصمة مركز ثقافي كبير فمن يا ترى يتجرأ على متابعة العروض في هذه الظروف المرورية القاسية...مسألة في حاجة إلى نظر وإذا نجحنا فإن أقل أجر نكسبه هو التقليص من الاصابات بمرض السكر وضغط الدم.