هدّد قادة ما يُسمى «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان اللتين شملهما اتفاق السلام في جنوب البلاد بالمطالبة بحق تقرير مصير المنطقتين أسوة بالجنوب، في حال لم تحافظ الخرطوم على ما أسموه «مكتسبات» الاتفاق ولم تشاورهما في تعديل الدستور عقب الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرّر بعد أسبوعين. وحذّر حاكم ولاية النيل الأزرق نائب رئيس الحركة الشعبية مالك عمار ونائب حاكم ولاية جنوب كردفان من تراجع الحكومة السودانية عما حققه اتفاق السلام (عام 2005) للمنطقتين ومن تجاوزهما في التعديلات الدستورية. شروط مجحفة واعتبر الحلو وعمار في مؤتمر صحفي مشترك مع مسؤول الشمال في الحركة الشعبية ياسر عرمان أنّ المشورة الشعبية في المنطقتين المشمولتين ببروتوكولين مرتبطتان باتفاق السلام تهدف الى تقويم السلام ومعالجة أية أخطاء وتجاوزات وذلك بهدف الاحتفاظ بالمكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية. أما عرمان فطرح ما سمّاه مبادرة «اللحظة الأخيرة» للحفاظ على الوحدة وتضمّنت دعوة الشمال الى التنازل عن نصيبه في نفط الجنوب (48٪) وأن يحتفظ الجنوب بجيشه حتى بعد الوحدة وأن تكون الرئاسة دورية بين الشمال والجنوب، لافتا الى أنّ هذا العرض مطلوب حتى ولو رفضه الجنوبيون حاليا وذلك بهدف استعادة الوحدة مستقبلا. وانتقد عرمان بشدة حديث الرئيس السوداني عمر البشير عن تعديل الدستور عقب الاستفتاء لتكون الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وعدم الاعتراف بالتعدد الثقافي والعرقي في البلاد ورغم أن ذلك من شأنه تمزيق البلاد وليس انفصال الجنوب فحسب. واتهم عرمان حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسعي إلى إقامة ما سمّاه «دولة بوليسية». مبروك الانفصال في المقابل أكد الرئيس البشير أنه يقول للجنوبيين «مبروك عليكم» إذا كان خياركم الانفصال عن السودان. واعتبر البشير أن انفصال جنوب السودان لن يكون نهاية التاريخ وقال إن حكومته عندما أقرّت اتفاق السلام وحق تقرير مصير الجنوب كان هدفها السلام، متعهدا بعدم العودة الى الحرب لضمان استمرار التنمية وصيانة الموارد. واتهم الرئيس السوداني «القوى التي لا تريد أن يظل السودان موحدا بتشجيع الجنوب على الانفصال بشتى الطرق رغم علمها بأنه يضعف ويفتت أبناءه». وأكد البشير عزم حكومته على إجراء الاستفتاء في موعده وعلى الوقوف مع الجنوب ومدّ يد العون إليه من أجل الوحدة. وأضاف البشير: «سندرب أبناءنا ونعدّ العدّة بكل قوة وبأس لأن السلام الذي لا تحرسه القوة هو سلام إلى زوال». مشيرا الى أن القوات المسلحة ظلت تحفظ للسودان تماسكه وأمنه. وستظل الأقوى والأقدر على حماية أمنه واستقراره. وتابع البشير قوله: «نحن نريد استفتاء يقوم على ركائز الاختيار الحرّ بالشفافية والنزاهة ويعبّر بصدق عن رغبة أهل الجنوب ويصبح شاهدا على أننا نبذنا الحرب وارتضينا السلام وأقسمنا ألاّ عودة الى الحرب مرة أخرى». وكانت ملايين البطاقات المخصّصة للاقتراع قد وصلت الى جنوب السودان أمس الأول في خطوة تبدّد أحد الشكوك قبل الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. واعتبرت مسؤولة في جنوب السودان أن كل الشكاوى الأخرى الآن ثانوية، المهم هو أن بطاقات الاقتراع هنا ويمكننا المضي قدما في إجراء الاستفتاء.