تعتبر الدكتورة نهلة بن سالم من القلائل بولاية سوسة في اختصاص جراحة الأسنان وهي المتخرجة من إحدى جامعات فرنسا ومتحصلة على شهادة تعمق من مختلف المراكز الطبية العالمية مما مكنها من احتلال مكانة هامة بفضل براعتها في هذا الاختصاص والذي حدثتنا عنه في هذا الحوار كاشفة عن بعض الحالات المرضية الشائعة ومبدية وجهة نظرها كمختصة لها من الخبرة ما يؤهلها لذلك وهذه التفاصيل: في البداية لو توضحي لنا هذا الاختصاص والحال أن التسمية الطاغية هي طبيب أسنان ولا نجد جراح أسنان: ينقسم طب الأسنان إلى تقويم أسنان وإلى جراحة اللثة بما فيها عملية زراعة الأسنان كاختصاص ولكن في تونس يطلب منا وضع لافتة تشير إلى طبيب أسنان لا غير فلا يوجد تصنيف في هذا المجال رغم أننا نجد أطباء مهمتهم تقويم الأسنان لا غير، عكس الدول الأوروبية التي تفصل بين مختلف الاختصاصات بكل دقة. وكيف للمواطن أن يفرّق بين الصنفين؟ (تبتسم) صحيح هذا أمر محيّر نوع ما ولكن المواطن أصبح يعرف بعض الأسماء وأيضا يستفسر حتى يصل إلى الطبيب الذي يمكن أن يساعده فيما يشكو منه. عمليا كيف يتم التعامل مع هذا المريض؟ بعد الفحص الأول نطلب من المريض أشعة إثرها أبدأ العمل الخاص بي باعتماد الإعلامية وهو ما يسمى بالعمل الآلي «روبوتيك» في ظلّ التقدم الحاصل في مجال الإعلامية يأتي بعدها العمل مع المريض: نفسيا في جزئه الأول يليه العلاجي فعادة ما إن يجلس المريض على كرسي العلاج حتى تظهر عليه علامات الارتباك والخوف وبالتالي لا بد من تخليصه من ذلك في إطار عقد معنوي، ومن الندوات التي أفكر في تنظيمها بعنوان «متى ينتهي كابوس الأسنان؟». بحكم خبرتك كيف تحكمين على الحالة الصحية لأسنان التونسي عموما؟ وضعية أسنان التونسي كارثية نتيجة الإهمال والاستخفاف والأفكار المسبقة الخاطئة وعدم نجاعة التوعية إضافة إلى عدم التنسيق بين مختلف الاختصاصات الطبية خاصة التي لهاعلاقة مباشرة بمرض الأسنان كالأنف والحنجرة والمعدة والتنفس... هل تعتبرين ارتفاع كلفة العلاج سببا من بين هذه الأسباب؟ سأتحدث عن نفسي، عادة ما تجد المريض يشكتي من ذلك ولكن لا يعلم حجم المصاريف التي يتكبدها الطبيب خاصة وأن مستلزمات زراعة الأسنان نستوردها من الخارج والنوعية الجيدة مكلفة جدا إضافة إلى الآلات المستعملة وغيرها من المصاريف وبعملية حسابية بسيطة تجدني لا أوفر إلا القليل دون إجحاف للمواطن رغم أن أنظمة العلاج الموجودة تخفف عنه الكثير من هذه الكلفة ولا أعتقد أن الأمور المالية سبب رئيسي في تلك الحالة الخطرة التي وصلت إليها أسنان المواطن فميسورو الحال على السواء يشتكون من أسنانهم والتي ترجع رواسبها إلى فترة الطفولة لذلك لا بد من التوعية داخل رياض الأطفال والمدارس... لكن هناك متابعة في هذا الشأن من قبل الطب المدرسي؟ ليست بالنجاعة المطلوبة فلا بد من متابعة مختلف كل الحالات حالة بحالة وبكل دقة فلا تكفي النصائح أو مجرد توجيه الطفل إلى المستشفى دون متابعة، المربي أيضا وجب أن يتلقى تكوينا في هذا المجال حتى يجنب أطفالنا مثل هذه الأمراض، ففي أوروبا لم يعد هناك علاج لأسنان الأطفال لأنهم تمكنوا باستراتيجية محكمة من القضاء على الأسباب الجذرية لأمراض الأسنان فجل عيادات الأسنان مفتوحة للكهول لا غير وحالات الأطفال نادرة جدا عكسنا تماما. ما هي الأسباب الشائعة والمسببة لمختلف أمراض الأسنان التي واجتها في عيادتك؟ أسباب ترجع لفترة الطفولة مثلت رواسب نتيجة اختلال في التنفس أو أمراض في الحنجرة والأنف أو المعدة فهناك نوع من السوس يصيب القلب وهناك العديد من الأمهات يرجوعون سبب أمراض أسنان أطفالهم إلى كثرة تناول الحلوى والشكلاطة في وقت أن هذا غير صحيح بالمرة فمهما تناول الطفل من حلوى يبقى تأثيره ضئيلا جدا ولا يسبب السوس كما هو معتقد فلو يأكل الطفل يوميا كيسا من الحلوى فلا يشكل ذلك سببا رئيسيا في ما يلحق أسنانه من أمراض فهذا عامل ضعيف جدا الأهم لا بد من مراقبة دقيقة لصحة الطفل وخاصة في مستوى الأنف والحنجرة والمعدة (حموضة زائدة). هل يقع التنسيق بين الأطباء في مختلف هذه الاختصاصات؟ للأسف لا وهذا ما ينقص، لا بد من كل مختص التنازل عن الكبرياء المبالغ فيه والتعاون مع بقية الاختصاصات لذلك ناديت صحبة بعض زملائي في العديد من المرات بأن تجلس عمادة أطباء الأسنان مع عمادة الأطباء لتنظيم لقاءات وتوحيد الأهداف وتنظيم خطط عمل ناجعة تصب في الآخر في صالح المواطن فلا يمكن علاج عضو دون الاهتمام بالآخر وذلك بالتكوين لأن الاختصاص لا يعني إهمال بقية الاختصاصات. ألا ترين أن العقلية لها دور كبير في تحسين الحالة الصحية لأسنان التونسي وفي تطوير هذا القطاع ككل؟ بكل تأكيد ففي الماضي كانت مسألة تركيب فم من الأشياء العادية ولكن الآن أصبحت أمرا مثيرا للإحراج وأصبح العديد يحرصون على زراعة الأسنان، في الماضي أيضا كانت فترة الشيخوخة أمرا محسوما ولكن اليوم سيد أو سيدة الستين يحرصان على الحفاظ على شكلهما وخاصة الأسنان لأنها من أهم المكونات الجمالية فنظرة الإنسان لذاته تغيرت الآن فلا نقدر على التكهن بعمر المواطن التونسي بسبب التطورات الطبية وبالتالي العقلية لها دور كبير. ما هي أهم النصائح التي يمكن أن تقدمينها للتونسي؟ أوّلا التوعية الناجعة ثم المراقبة الدقيقة من طرف الآباء لأطفالهم حتى نحافظ على جيل جديد سليم ثم ضرورة التعامل المثمر بين مختلف الاختصاصات الطبية.