عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    الديوان الوطني للأعلاف يحدّد سعر بيع الذرة العلفية وإجراءات التزوّد    المعهد العالي للتصرف الصناعي بصفاقس أوّل مؤسسة جامعية عمومية في تونس تقوم بتركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية    عاجل: دخول جماهيري مجاني في مباريات كأس أمم إفريقيا 2025    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    قفصة: حجز كميات من لحوم الدواجن في مخازن عشوائية قبل رأس السنة    سايتو جون السفير الياباني الجديد يوجه هذه الرسالة بمناسبة وصوله إلى تونس    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    عاجل/ مصدر مأذون من رئاسة الجمهورية: سيتمّ اتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدّ هؤلاء..    وداعًا لأسطورة الكوميديا الأمريكية بات فين    مدرب منتخب الكاميرون: "حققنا الفوز بفضل القوة الذهنية والانضباط التكتيكي"    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    الدورة العاشرة من المهرجان الدولي للابداع الثقافي من 26 الى 28 ديسمبر الجاري    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    صامويل تشوكويزي: كأس افريقيا يجب أن تحظى بنفس درجة إحترام كأس العالم    عاجل/ انتشال جثامين 14 شهيدا فلسطينيا من تحت الأنقاض في خان يونس..    السجن لطالب بتهمة ترويج المخدرات بالوسط الجامعي..#خبر_عاجل    هذه أقوى عملة سنة 2025    عاجل: عاصفة مطرية وثلوج تتجه نحو برشا دُول عربية    كيفاش نقول للآخر ''هذا الّي قلّقني منّك'' من غير ما نتعاركوا    تحذير خطير للتوانسة : ''القفالة'' بلا ورقة المراقبة يتسببلك في شلل و نسيان    الاتحاد الإنقليزي يتهم روميرو بسوء التصرف بعد طرده أمام ليفربول    سهرة رأس العام 2026.. تفاصيل حفل إليسا وتامر حسني في هذه الدولة    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    بداية من اليوم: تحويل حركة المرور في اتّجاه المروج والحمامات    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    قرار لم يكن صدفة: لماذا اختار لوكا زيدان اللعب للجزائر؟    عاجل : اليوم نشر القائمة الاسمية لرخص'' التاكسي '' بأريانة بعد شهور انتظار    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    نيجيريا: قتلى وجرحى في هجوم على مسجد    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    عاجل: توافد حالات على قسم الإنعاش بسبب ال GRIPPE    بعد حادثة ريهام عبد الغفور.. نقابة المهن التمثيلية تعلن الحرب على مستهدفي نجوم مصر    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    اليوم العالمي للغة العربية ... الاحتفاء بلغة الضاد ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسساتية الوطنية " تبرّع المشجعين"    تزامنا مع العطلة: سلسلة الأنشطة الثقافية والترفيهية الموجهة لمختلف الفئات العمرية    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمّة في العاصفة : الواقع، العراقيل... وسبل التفعيل!
نشر في الشروق يوم 29 - 12 - 2010


تونس (الشروق) : إعداد : النوري الصّل
يطوي العرب بعد غد الجمعة عاما غير مأسوف عليه ليستقبلوا عاما آخر ومعه يستقبلون «إرثا ثقيلا» من الأزمات والكوارث... لكن عام 2010 آثر كما غيره من الأعوام السابقة أن يرحل قبل أن يجيب عن أصعب سؤال يواجه الأمّة... سؤال إلى أي طريق... إلى أي هدف... وبأي رؤية.... نسير؟...
مثل هذه اللحظات الفارقة... لا تتوقّف معها سيل هذه الأسئلة الحارقة... لكنّها تستدعي التوقّف عندها مليا... للمراجعة والتفكير... للتشخيص والتدبير... ثم أيضا للاستشراف والبناء والتطوير... ليس عيبا أن يعترف العرب اليوم بأنهم فقدوا البوصلة... وضلّوا الطريق... وليس عيبا أن يقرّوا بالفشل والعجز والتقصير... فالعيب ليس في الخطإ بل في تكرار الخطإ ذاته، كما تقول القاعدة الانقليزية المأثورة... لكن الخطأ الحقيقي... والخطر الحقيقي أن تتركهم خطاهم المرتبكة يسيرون... إلى حيث... لا يعلمون مع أنهم في الحقيقة يعلمون!... الخطأ الحقيقي... والخطر الحقيقي... أن يرفض العرب مراجعة الذات... وأن يرفضوا حتى الوقوف أمام المرآة... وتلك هي المأساة...
ربّما تكون هذه الحالة هي دافعنا الأهم في فتح ملف الوضع العربي في نهاية هذا العام فالأمّة اليوم تواجه مصيرا مجهولا... فإمّا النهوض... وإمّا مزيد السقوط والنكوص... وما بين الخيارين مساحة شاسعة من الارادة والعمل... والتضحيات...
في هذا العدد الجديد من الملفّ السياسي يتحدّث كتاب ومفكرون ل«الشروق»... وهم السادة :
الدكتور علي عقلة عرسان (رئيس مجموعة الفكر القومي)
الدكتور فيصل جلول (كاتب عربي قومي)
الدكتور هاني المصري (مفكر فلسطيني)
المفكر الفلسطيني هاني المصري: المنطقة حبلى بالحرائق... والقادم أعظم
تونس «الشروق»:
حذر المفكر الفلسطيني هاني المصري في حديث ل«الشروق» عبر الهاتف من أن المنطقة العربية حبلى بالتفجيرات والحرائق التي قد تشتعل خلال العام الجديد اذا لم يبادر العرب الى احتوائها في أسرع وقت ممكن... وقال هاني المصري ان العرب يودعون اليوم عاما مخيبا للآمال على مختلف المستويات وفي كل المجالات ولكنهم أيضا يستقبلون عاما آخر يلوح أكثر سخونة على كل الجبهات وخاصة الجبهة اللبنانية في ضوء التوقعات بصدور القرار الظني في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري قريبا.
وشبه المفكر المصري الوضع العربي في هذا الصدد ب«الرجل المريض» الذي تتكالب عليه مختلف الأطراف محذرا من أن هناك أكثر من بلد عربي معرض اليوم الى حرب أهلية على غرار اليمن والسودان ولبنان والعراق ولاحظ أن الوضع العربي يختزله اليوم الوضع في فلسطين حيث مازال العرب يتوسلون الولايات المتحدة ولازال الموقف العربي يفتقر الى الوحدة والى الوضوح والجرأة.
وأضاف أن عام 2010 كان مخيبا للآمال العربية وخاصة للآمال الفلسطينية حيث شهد أكبر حملة استيطانية عنصرية استهدفت بشكل خاص القدس التي سعى البعض الى اخراجها من المواضيع المتفاوض عليها.
وتابع أن هذا العام كان أيضا العام الذي تراجعت فيه الولايات المتحدة عن وعودها وعلى الرغم من تقديم الولايات المتحدة لحليفتها اسرائيل ضمانات ضخمة فإن تل أبيب رفضت كل هذه الضمانات وركبت رأسها وواصلت تعنتها ورفضها لاستحقاقات السلام مشيرا الى أن هذا الموقف يترجم بوضوح كيف أن الرهان على الولايات المتحدة كان رهانا خاسرا.
ولكن رغم هذه الحالة من الضعف والتراجع على صعيد مسار ما يسمى بالتسوية فإن صمود الشعب الفلسطيني كما يضيف الدكتور هاني المصري ازداد وعزلة اسرائيل الدولية أيضا ازدادت.
وتابع «مع أن عام 2010 شهد أيضا تحركات مكثفة في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية فإن الانقسام الفلسطيني ظل يراوح مكانه ولم يتحقق أي تقدم ملموس على هذا المستوى معربا عن أمله في أن يتم ذلك خلال العام الجديد.
وفي رده على سؤال حول استشرافه للوضع العربي خلال عام 2011 رأى المفكر الفلسطيني أن المستقبل موجود في بطن الحاضر... ومع أن هذا الحاضر غير مبشر كما يقول فإن المستقبل لا يبدو بدوره مبشرا ويبدو ربما محملا بمخاطر أكبر... لكنه أبدى تفاؤله بأن تفضي الارهاصات التي تشهدها المنطقة في بعض زواياها وأطرافها الى حدوث نقلة على صعيد العمل العربي المشترك ووحدة الموقف العربي في مواجهة الأعاصير العاتية التي تدك القلاع العربية...
كما أعرب عن أمله في آن تتصاعد وتيرة الحراك الشعبي والدعوات الرامية الى توحيد الموقف العربي على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مشددا على أن التكامل والوحدة في الموقف والهدف يضلان ضروريين في التعاطي مع ما يحدث من أزمات ومع ما يلوح من تحديات ورهانات.
كما حث الدكتور هاني المصري في هذا الاطار الجامعة العربية على الارتقاء بدورها المنوط بعهدتها والى تفعيل سياساتها وأساليبها في معالجة الأمراض والعلل التي يشكو منها الجسد العربي والى التحلي بالجرأة والشجاعة والمسؤولية في مواجهة الواقع العربي العليل... وفي مقاومة بطش اسرائيل.
المفكّر السوري د. علي عقلة عرسان : «نار التفتيت» تزحف على الأمّة... وهذه طريق النهضة
تونس (الشروق) :
دقّ المفكّر السّوري ورئيس مجموعة الفكر القومي العربي الدكتور علي عقلة عرسان في حديث ل«الشروق» ناقوس الخطر حيال ما يتربّص بالأمة من مشاريع تقسيم وتفتيت وفتن تطبخها جهات خارجية لأغراض استعمارية...
الدكتور علي عقلة عرسان شرّح الملفات والأزمات العربية المتراكمة وأثار الأخطار والتهديدات الداهمة داعيا إلى بلورة استراتيجيات فكرية وسياسية وثقافية تكون بمثابة صدّ منيع في وجه ما يدبّر للمنطقة.
وفي ما يلي هذا الحوار :
عام جديد يطلّ على العرب بأزمات قديمة... كيف ترصد دكتور، بداية، الحصاد العربي لهذا العام الذي نودّع... وكيف تشخّص واقع الأمّة اليوم؟
الواقع العربي للأسف الشديد محبط جدّا لأنّ التراجعات العربية لم تتوقف بعد على الرغم من وجود إرهاصات أولية إيجابية منها ما حصل في قمة سرت ومنها ما حصل من تدخّل دول عربية لفضّ بعض النزاعات وتقريب وجهات نظر مثلما حدث مع السودان وأيضا زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد إلى لبنان والتي ساهمت في إبعاد شبح الفتنة عن هذا البلد وشبه بداية تحرّك في العراق من خلال تجاوز إشكال تشكيل الحكومة لكن هذا ولّد مشكلة أخرى ولا أظنّ أنّ الأمور ستنتهي عند هذا الحد... فالمصالحة الفلسطينية لم تصل إلى حلّ والتراجع الذي تقدّمه السلطة في رام الله تحت ضغط أمريكي وبغطاء عربي من بعض الدول يؤشر على مزيد من هزال الموقف الرسمي العربي وإلى تطاول وتعاظم في الغطرسة الإسرائيلية وفي تصعيد حالات من التوتّر ومطالبة بيهودية الدولة والعمل مستمر على الاستيطان وتهويد القدس وتغيير معالم المسجد الأقصى... والوضع الذي يزداد سوءا في السودان سواء لجهة الانفصال الذي يتراءى شبحه في إطار الإعداد للاستفتاء منذ اتفاق نيفاشا وأيضا استقبال الحكومة في جنوب السّودان لبعض المتمردين في دارفور... وهذا ينذر بانقسامات جديدة وبتهديدات جديدة... كذلك الوضع المتدهور أيضا في اليمن حيث الصراعات مستمرّة ومحاولات التدخل الأمريكي من خلال الإشارات المرسلة في إطار انفصال أو تقسيم اليمن من جديد لا تطمئن... ولا ننسى هنا أيضا أزمة الصّومال والأزمة الجديدة حول مياه النيل والاضطرابات المستمرة في مصر والتي يحمل بعضها وجها طائفيا...
أنت تثير دكتور هنا مسألة خطيرة... هي مسألة التفتيت الذي يزحف على المنطقة في هذه المرحلة... سؤالي هنا إلى أين يمضي بنا قطار إعادة التشكيل هذا.. ثمّ أين الأمّة مما يجري؟
يبدو أننا لم نصل بعد إلى النقطة الأدنى في موضوع التوجه نحو التفتيت والتجزيء وما جرى في العراق يشير إلى تقاسم طائفي على النمط اللبناني... المشكلة في تقديري أنّ عام 2011 سيشهد مزيدا من الحدّة والأزمات وربما التفتيت والتقسيم ومزيدا من المواجهات التي قد تكون ساخنة أو دامية... فتقسيم السودان لن يتوقّف عند حدود جنوب وشمال هذا البلد فقد تتفاقم الأمور وتتداخل مع جوار السودان ودول عربية أخرى وقفت متفرّجة على ما يجري وبالتالي ما أقوله هنا إنّ درجة الضعف سوف تزداد والمعاناة سوف تستمر ومخاطر التفكيك سوف ترتفع وتائرها في بعض الأقطار العربية... والتدخل الخارجي سوف يبقى ولكن سيأخذ أشكالا غير مباشرة وقد ينجح في إحداث صراعات وحروب بالوكالة مدفوعة القيمة ولكن أعتقد أن الساحات الشعبية والجماهيرية سوف تزداد تحركاتها ومقاومتها لهذا المخطط.
من الملاحظ أن هناك قصورا أيضا في أداء المثقف العربي... بوصفك أكاديميا ومثقفا، ومن واقع معاينتك وقربك من الحقل الثقافي العربي، كيف تقارب دور المثقفين العرب اليوم... فهل فقدوا رهاناتهم على التغيير... والتأثير؟
المؤسف أن دور المثقفين العرب ليس متكاملا وليس مؤثرا بالقدر الكافي لأنّ المثقفين أيضا يتوزعون على سياسات وخلافات ووجهات نظر مختلفة وبعض هذه الأوساط الثقافية مخترقة لمصلحة جهات خارجية وبعضها يحمل المرض الطائفي وبعضها يدخل في سوق الكلام... ولا أظنّ أنّ الثقافة يمكن أن تكون فاعلة دون وحدة رؤية وموقف وتحرك... وهذه حتى الآن ليست موجودة بالقدر الذي يجعل الثقافة تحقق فاعلية في مجال الحد من الطغيان هناك تضارب في المواقف يؤدي إلى أن تكون محصلة الجهد الثقافي قريبة من الصفر... لكن أيضا هناك بعض المثقفين مازالوا يعيشون في أوهام إيديولوجية ماتت ويخوضون معارك دنكشوتية ضد طواحين الهواء... لقد تراجع نسبيا مد الليبراليين المرتبطين بالمشروع الشرق أوسطي الذي بشرت به كوندواليزا رايس... ولكن لا تزال هناك ظاهرة لافتة اليوم... هناك من يهاجم القومية العربية بشراسة وهناك من يتّهم العرب باتهامات لا أساس لها..
لكن ألا تتفق هنا، دكتور، مع القائلين بأنّ القومية العربية كفكر وكمشروع فقدت في الفترة الأخيرة القدرة على احتضان المتغيرات المتوالية في العالم العربي ومواجهة التيارات المتعددة في المنطقة؟
صحيح أنّ الفكر القومي والحركة القومية العربية ليست الآن في دائرة الفعالية الإيجابية ولكنّها لم تمت وتحتاج إلى مراجعة شجاعة وجريئة لمسارات تفكير وتدبير وعمل.
كيف؟
لابدّ من رؤية جديدة تنشأ على الحوار بين التيار القومي والاسلامي لأن التيار الإسلامي الذي يعارض القومية ويعطي ظهره لها لا ينسجم مع روح العروبة وتاريخها...
العرب عزوا بالاسلام ونشروه في العالم ومن ثمة فهو جزء من هويتهم وتاريخهم الخلاف ظاهرة صحية إذا كان يؤدّي إلى مناقشة موضوع والخروج منه بحلول لكن أن نغرق في ذلك يعني قصورا في الرؤية... وبالتالي لا يمكن أن ينهض الوطن العربي دون رؤية قومية فالحركة القومية شكلت رافعة حقيقية في عقود ماضية رافقتها تجارب بناء وحدوية والمستقبل الجامع هو في حركة قومية لا تتنكر للدين وفي رؤية ايمانية لا تتنكر للقومية والذي يمكن أن يقود في هذا الاتجاه هو الحركات القومية التي سيكون المستقبل لها رغم الهجمة العدوانية التي تتعرض لها من قبل الصهيونية... ولعلّ الجميع يذكر هنا حين قال الأمريكان في الثمانينات «وداعا للأمة العربية... وداعا للقومية العربية لكن الحركات القومية لن تموت...».
أنت هنا تطرق باب «التفاؤل والأمل»... لكن بلا شك ذلك لا يبدو كافيا لأنّ الظرف يبدو في حاجة أكبر إلى الفعل والعمل... فكيف ترسم في ضوء هذه الحالة التي شرّحتها وشخصتها، خريطة النهوض والبناء... خريطة المستقبل؟
إنه بات مطلوبا اليوم من المثقفين العرب الذين تهمّهم مصالح الأمّة ولديهم رؤية وموقف ومعرفة ووجدان أن يشكّلوا كتلة ثقافية مستقلة عن التبعية للسياسة ولا أقول بأن يقطع هؤلاء مع السياسة ولكن المرفوض هو تبعية المثقف للسياسة لكي يكون لهم حضور ورأي وموقف في صنع القرار وفي قيادة الجماهير والدفاع عن الحقيقة ونصرتها وألا يطعن أحدهم ظهر الآخر...
كما بات ضروريا اليوم أن تبادر الأنظمة العربية إلى مراجعة سياساتها وأن تدرك أنها لا يمكن أن تنتصر دون أن تكون ممثلة لوجدان الأمّة ودون أن يكون الشعب معها كذلك على الأحزاب والمنظمات والاتحادات القومية أن تشكل قوّة حضور لتحقيق نهضة وتنمية... وعلينا جميعا محاربة الفساد والتبعية للغرب وعلى كل منا أن يضع في اعتباره قضية تحرير لأنّ المشروع يستهدفنا جميعا بلا استثناء وتقتضي مجابهته وجود قيادة حكيمة وفكر رائد ووعي معرفي يصوّب المسار والمسيرة.
الكاتب العربي فيصل جلول: محكمة الحريري... وانفصال جنوب السودان وصفة للدمار
تونس (الشروق):
اعتبر الباحث والكاتب العربي الدكتور فيصل جلّول في حديث ل«الشروق» أن عام 2010 الذي نودّعه بعد غد الجمعة لم يكن أفضل بالنسبة الى العرب من الأعوام السابقة محذّرا من أنه قد لا يكون أيضا أقل سوءا من الأعوام القادمة.
وفي تشخيصه لأحداث عام 2010 رأى الدكتور فيصل جلول أن قضية جنوب السودان كانت الحدث الأبرز والأخطر لما شهدته هذه القضية من تعقيد وتصعيد في مواقف طرفي النزاع الذي بات يهدّد بتمزيق هذا البلد العربي والافريقي.
وأضاف «لقد كان هذا العام.. عام انفصال جنوب السودان في ظلّ غياب عربي كامل عما يحدث ونخشى من أن يكون انفصال هذا البلد بداية انفصال مناطق أخرى وتقطيع أوصال ما تبقّى من الجسد العربي المنهك».
وأشار جلول أيضا الى المخاطر التي تعرضت لها القضية الفلسطينية مؤكدا أن هذه القضية انحدرت الى منحدرات خطيرة باتت تهدّد بتصفيتها بشكل نهائي في ضوء العجز الأمريكي عن لجم التغوّل الاستيطاني الصهيوني والعدوان الذي تحضّر له تل أبيب على غزّة هذه الأيام.
وتابع «في هذا العام كان الانهيار سيّد الموقف حيث انهارت كل استراتيجية السلطة الفلسطينية وانهارت أمريكا أمام اسرائيل وانهار العرب من خلال مباركتهم لاستئناف المفاوضات».. مؤكدا أن مثل هذه الانهيارات المتتابعة باتت تعطي الحق 100٪ للقائلين بأن الحصول على المطالب والحقوق الفلسطينية والعربية لا يتمّ إلا من خلال المقاومة.
وأوضح أن القضية الفلسطينية ستكون في المستقبل مرهونة بكيف يقاوم الشعب الفلسطيني وليس بكيف يفاوض.
وتطرّق الباحث العربي في سياق رصده لأحداث عام 2010 الى الملف اللبناني واصفا هذا العام بأنه «عام المحكمة الدولية» بامتياز بأن هذه المحكمة ظلّت على مدى هذه السنة عامل توتير وتهديد للبنان حتى أن البعض حاول عبر بوابتها تحقيق أهداف شيطانية بالعمل على تقليم أظافر «حزب اللّه».
ولاحظ في هذا الصدد كيف أن هذا الحدث أظهر بوضوح كيف أن القضاء الدولي يفتقر الى العدالة الحقيقية وأنه يمكن أن يستخدم بكل سهولة كوسيلة ضغط دولية لتحقيق غايات وأهداف سياسية.
وأضاف «لقد أظهر العام بجلاء المسعى الأمريكى الصهيوني الى تحقيق ما عجزت عنه الآلة الحربية الصهيونية في العدوان على لبنان عام 2006 لكن «حزب اللّه» تمكّن من قلب المعادلة حيث وضع الجميع أمام الاحتمال التالي بأن المحكمة الدولية لن تكون وسيلة لتحقيق العدالة بل للقضاء على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأشار الدكتور فيصل جلول الى أن القضية الرابعة التي أرّقت العرب خلال عام 2010 هي قضية اليمن مؤكدا أن ما شهده هذا البلد من تصعيد من قبل الحوثيين والحراك الجنوبي وضع وحدته واستقراره على كفّ عفريت داعيا اليمنيين الى توحيد الصفّ والمصالحة لتجاوز هذه المحنة ولتشكيل جدار صدفي وجه المشروع التقسيمي الذي يتربّص بهذا البلد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.