بقلم الاستاذ رؤوف بلحسن المصطلحان مرتبطان ببعضهما ارتباطا عضويا فلا التعليم أن يكون بغير التربية ولا لهذه الأخيرة وجود بغير التعليم. والارتباط بين المفردتين قديم قدم الزمن منذ نشأة أشكال الكتابة والقراءة ومنذ وجد الإنسان على هذه الأرض. ولقد كان لهذا التلازم بين المفهومين على تعاقب العصور دور مهمّ في ما أقبل عليه الإنسان من كرع من حياض التعليم والتربية. والتعليم والتربية مسؤولة عنهما أطراف كثيرة لكل منها دور تؤديه حتى تتربى الناشئة وتتعلم بدءا بالأسرة الخلية الأولى التي ينشأ فيها الطفل وانتهاء بالمدرسة مرورا بمؤسسات أخرى كثيرة تتمثل في المجتمع المدني بكل مكوناته وأطره. غير أن المتأمل في هذين القطاعين اللذين تلازما زمنا بالضرورة وكانت لكل منهما وظائف يؤديها في تكوين النشء يمكنه أن يلاحظ أن هذه الرابطة بينهما انفكت واختل ميزان العملية التربوية إذ لم يعد للتربية في معناها المدني حضور وصار الأطفال والتلاميذ يغدون إلى المدارس ليتلقوا ما تيسّر من تعليم تلقينا لا غير واختفى الجانب التربوي الذي يهتم بالسلوك وكيفية التصرف في الوسط المدرسي وفي الوسط الاجتماعي عموما. بل قل حتى أن التعليم نفسه قد خفّت موازينه ولم يعد دسما كما كان من قبل. فصار يقتصر على «سطحيات» ولم يعد فيه ذلك العمق الذي ألفناه نحن جيل الستينات والسبعينات. وأمام مثل هذا الوضع وإذا أردنا أن نتجاوز هذه الأحوال كان لا بد من أن نعيد النظر في منظومة التلازم بين التربية والتعليم حتى نضمن لأبنائنا تعليما صحيحا أساسه التربية وهدفه وغايته اكتساب المعرفة إذ أنه لا يمكن للمجتمع أي مجتمع كان أن ينطلق نحو الأفضل ما لم تكن قواعده سليمة صلبة مرتكزة على أسس ثابتة قوامها تعليم صلب وتربية سليمة.