شنّني قابس طالب بالمعهد الاعلى لتكوين المعلمين بسوسة لقد جاء الاحتفال بيوم العلم تحت سامي اشراف سيادة الرئيس زاخرا بالمعاني الرفيعة ومسجورا بالحكم المعبّرة والتي إن دلّت فإنما هي تدلّ على وعي وطني ملم بحساسية المسألة العلمية في عصر لا يستوي فيه الذين يعلمون والذين لا يعلمون. بالاضافة لهذا فقد كشف هذا الاحتفال، بما حمله في طيّاته من انجازات جديدة وتعديلات للوضع التربوي،على توجّه استراتيجي من لدن اعلى هرم السلطة قوامه الاخذ بناصية العلوم والمعارف على اختلافها مع السبق في ذلك والالمام بالمستجدات الطارئة على المشهد التربوي الوطني والعالمي على حد السواء، وذلك كايمان راسخ ومتجدد بان التربية هي أصدق المسالك لبناء الافراد وانجعها في عصر اصبحت رحى الصراع قائمة فيه حول التربية باعتبارها سلاحا فعّالا ينير عقول الافراد ويوسّع الافاق امام الشعوب. ولم تكن تونس بمنأى عن ذلك بل كانت وكالعادة في خضم هذا الصراع تسعى جاهدة للاغتراف من العلوم والنهل من المعارف. وقد مضت تونس التغيير قدما في ذلك فقد كانت التربية في فلسفة بن علي «طليعة التغيير الحضاري» وحجر الاساس الضروري الذي لا يستقيم من دونه بناء الدولة الحديثة فكما «تتربى الناشئة اليوم يكون المستقبل غدا» على حد قول سيادة الرئيس وكالعادة كان الفعل مطابقا للقول وشاهدا عليه فحظي القطاع التربوي بمكانة مرموقة ومرتبة عالية فقد أصبح «عقدا فريدا» في فكر صانع التغيير وهو ما يترجم الانجازات العديدة والمكاسب التليدة التي تحقّقت لفائدة هذا القطاع والتي كانت لمسات صدق ووفاء سمت بالحقل التربوي التونسي وجعلت منه مثالا يضرب ونهجا يحتذى فالمدرسة التونسية اصبحت «مدرسة للجميع ولكل فيها حظ» تسمو عن كل اشكال النخبوية والفئوية وأصبح من حق كل طفل تونسي ان يتعلّم فالتعليم في تونس اصبح رديفا للماء والهواء لا غنى عنه ولا حرمان منه، كما تمّ في نفس الصدد ادخال الديمقراطية واصباغها على الحقل التربوي حيث تم اشراك اهل الذكر في عدّة مسائل تربوية على غرار الاستشارة الوطنية حول الزمن المدرسي والكتاب المدرسي والتي اخذت بعين الاعتبار آراء كل التربويين على اختلاف مراكزهم. كما تم في نفس الصدد توفير امكانيات مادية هائلة للنهوض بهذا القطاع واطارات بشرية ذات كفاءة عالية تسهر على تسيير دواليب العملية التربوية فانتشرت المدارس بكل ربوع الجمهورية من ولايات ومعتمديات وحتى تجمّعات سكانية وارتفعت تبعا لذلك نسب التمدرس الى مستويات عليا قلّما سجّلت او قل نادرا ما سجّلت في دول العالم النامي. وتم تنشيط الفعل التربوي عبر ادخال تجديدات بيداغوجية واعتماد أحدث الاساليب التربوية كالمقاربة بالكفايات والتعلّمات الاختيارية التي اضفت على التربية طابعا خاصا غير تقليدي. كما سجلت مؤسساتنا التربوية حضورا متميزا للتكنولوجيات الحديثة داخل فضاءاتها على غرار الاعلامية والانترنات وذلك عملا على جعل التلميذ التونسي مطّلعا على المستجدات الطارئة في العالم وضمانا لحضورنا في دائرة الحداثة في ظل العولمة التي لا تقبل المستكين والمنغلق على نفسه. وفي نفس الاطار تمّت الاستجابة لتطلّعات التلاميذ عبر اثراء الشعب المدرسية ببعث شعبة الرياضة التي سجلت نجاحا باهرا كتجربة في سنتها الاولى في انتظار تعميمها بالاضافة لبعث شعبة جديدة هي شعبة التكنولوجيا والتي رسمت خطوطها العريضة وسيتم اعتمادها قريبا. كما شهدت منظومة التعليم العالي تدخلات سديدة نمّت عن اطلاع واضح ووعي كبير بمشاكل هذا القطاع فتم احداث مسالك دراسية تواكب رغبات الشاب الجامعي من حيث مدّة الدراسة ومدى قدرتها التشغيلية. وفي نفس الصدد تم بعث معاهد عليا للتكنولوجيا بعدّة مناطق داخلية كبلي وتطاوين دعما للامركزية التعليم. وبعد احداث جامعة بقابس في السنة الفارطة تم تدعيم الاقطاب الجامعية بتونس عبر القرار الحكيم لسيادة الرئيس ببعث جامعات بكل من قفصة، القيروان والمنستير وهو قرار لقي صدى طيبا لدى الاهالي والشباب الجامعي لهذه المناطق بما يذلّله من صعوبات وما يوفّره من تسهيلات سيكون لها عظيم التأثير على التحصيل العلمي. وقد تواصل التضامن مع التلاميذ كأبهى ما يكون عبر انقاذ الذين لم يوفّقوا في المجال الدراسي لفتح افاق التكوين المهني ليتمكّنوا من الحصول على تكوين يذلّل العقبات امامهم ويفتح باب الشغل على مصراعيه ويسهّل اندماجهم في المجتمع ويهيئهم للاضطلاع بأعبائهم والنهوض بمسؤولياتهم في صلبه. إن كل ما تقدّم ذكره انما هو نبذة وجيزة لما تحقّق في تونس التغيير والتي افردت للتعليم مكانة خاصة ديدنها في ذلك أن «فضل الفعل على القول مكرمة» و»أن الله يرفع الذين آمنوا والذين اوتوا العلم درجات» وبالتالي كانت التربية في فكر بن علي جوهر مشروعه الحضاري بل جوهر الجوهر وهو ما يجعل التفاعل مع هذا المشروع النبيل واجبا على كل مواطن باعتباره الفعل الذي سيرفع الفاعل حتما والذي سيسمو بتونس اليوم تونس التغيير تونس الانجاز عاليا ويجعلها مركز اشعاع واعتبار في العالم ولتبقى تونس تؤنس منارا وقبلة.