تعزز النسيج الجمعياتي بميلاد جمعية ثقافية فنية تأسست من قبل مجموعة من الشباب المعطاء والحريص على الارتقاء بالمستوى الثقافي في جميع المجالات «جمعية فنون المتوسط» ومقرها نابل، تهدف الى خلق فضاء للقاء الفني والتبادل الثقافي في حوض المتوسط من خلال بعث ورشات فنية و تظاهرات ثقافية و ملتقيات تجمع فناني المتوسط كما ستمضي فنون المتوسط عديد التوأمات والاتفاقيات مع جمعيات تعنى بالابداع الثقافي في ضفتي المتوسط. الهيئة التأسيسية لهذه الجمعية تتكون من الشاعر عدنان الهلالي كرئيس، و الروائي لطفي الشابي (كاتب عام) ومجدي عزوز (أمين مال)، والأعضاء هم الأساتذة والاطارات طاهر الضاوي، آمنة بوعجينة،، نبيل عمار، رياض بوستّة، عدنان الخشناوي، شيراز بلغيث. وأول تبادل ثقافي بين ضفتي المتوسط كان عبر اتفاقية تعاون بين «جمعية فنون المتوسط من تونس» ومؤسسة «ميثا للانتاج الفني من سوريا» ومديرها المخرج السوري ممدوح الأطرش، من أجل الاسهام في دفع الحراك الثقافي الفني بين البلدان العربية المتوسطية وحرصا على تفعيل التعاون العربي في هذا المجال ورغبة في تقوية الروابط الثقافية انسجاما مع روح العمل الجمعياتي القائم على أساس تبادل الخبرات الاقليمية والعالمية الفاعلة والتواصل مع التجارب الناجحة في المنطقة. وتمحورت هذه الاتفاقية حول أربع نقاط : الاعداد لتنظيم تظاهرة تقوم على التبادل الثقافي بين سوريا وتونس من خلال احتفاليتين سنويا في البلدين وفي فترتين متباعدتين يستقبل فيها كل طرف وجوهاَ فنية وفكرية وأدبية ويوفر كل ما يضمن التعريف بها وايصال ابداعها الى الجماهير وخلق حوار فني وأدبي بين الثقافتين . التأسيس لتقاليد تعاون وشراكة عملية بين فنون المتوسط بنابل ومؤسسة ميثا في مجال الانتاج الفني وفي مجال الابداع والتكوين في مختلف المجالات الفنية والأدبية وتوفير متطلبات الانتاج والترويج بين الجهتين. التفكير في انجاز مشروع للتبادل الثقافي بين دول المتوسط يقوم على خلق حالة من التواصل الثقافي المباشر من خلال «رحلة بحرية متوسطية» تصل ثقافات الشعوب العربية وتوفر مسالك التحاور بين فنونها وتراثها وتؤسس لمشروع ثقافي عربي جديد يبحث المشترك ويبرز المؤتلف. التفكير في استقطاب المثقفين والمبدعين العرب المقيمين خارج مجال المتوسط في التظاهرات الثقافية والفنية التي تقترحها جمعية فنون المتوسط ومؤسسة ميثا للانتاج الفني واشراكهم في ورشات التكوين والابداع. واتفاقية التبادل هذه طموحة في غايتها لتأسيس حوار ثقافي عربي/ عربي تمهيدا لحوار ثقافي بين ضفتي المتوسط يروم التعريف بثراء تراثنا ويرمي الى خدمة ثقافتنا وتقوية روح الاعتزاز بخصوصيتنا وضمان الانفتاح على الآخر المختلف على أساس الشراكة والتساوي والتبادل المثمر. أسماء كبيرة وخلال الندوة الصحفية التي عقدتها لجنة الجمعية للتعريف بنشاطها وأهدافها، صرح المخرج السوري ممدوح الأطرش عن مشروعه الكبير والمهم مع الفنان لطفي بوشناق الذي يعتبره فنانا من القلة ممن يطلق عليهم فنانا ملتزما، العمل مسرحية غنائية عربية يشارك فيها كبار نجوم الغناء والدراما العرب لتقديم الفن العربي من غناء وموسيقى وتمثيل ورقص في أبهى صوره ليضارع الفنون العالمية الحديثة، معتمدين في ذلك على ألحان عالمية تم تطويعها للكلمة العربية المغناة مع مجموعة من الألحان الشرقية من مختلف الدول العربية في تناغم حضاري يثبت أن العرب الذين قدموا عبر تاريخهم للموسيقى الكثير، وتعلمت منه أوروبا عبر جسر الأندلس الحضاري، يستطيعون في العصر الحديث أن يواكبوا تقنيات العزف الأوركسترالي والأوبرالي والسمفوني. وقد تصدى الفنان لطفي بوشناق لتقديم الألحان الغربية المعربة اضافة الى تلحين النص المسرحي بكامله مع الموسيقى التصويرية لها، كما أنجزت كافة ألحان الأغنيات المتضمنة في هذه المسرحية وتم تسجيلها في أعلى مستويات الجودة التي تليق بتقديم العرض في أرقى دور الأوبرا والمسارح العالمية، وسيشارك في العمل مجموعة مهمة من فنانين الوطن العربي منهم لطفي بوشناق من تونس، أسعد فضة وعابد فهد ومروة الأطرش من سوريا، مروة محمد من السعودية، فهد الكبيسي من قطر ،وأحمد الزين من لبنان.. وغيرهم. الكلمات الشعرية للشعراء آدم فتحي وداود أبو شقرة، والاخراج لممدوح الأطرش. واحتفالا بانطلاق نشاط الجمعية، نظمت أول تظاهرة ثقافية يومي 28-29 ديسمبر 2010 بعنوان «شموس» والمشاركين في السهرتين كانوا شموسا أضاؤوا عالم الثقافة بامتياز، والبرمجة لم تكن عبطية أو متسرعة، بل تدل على دراسة اهتمت بالنوعية، وترنو الى تقديم فن يتسم بالوعي ويؤكد أن حضور الذوق فرادة وتميز ما زال ممكنا. النصف الأول من السهرة الأولى كان مع آمال الحمروني، غنت أشعار أحمد مطر، الشيخ امام، الطيب بوعلاق، الصغير أولاد أحمد، والتوهامي الشايب على ألحان رائعة لخميس البحري صوت آمال كالماء المتجدد يزداد عبر السنوات صفاء ونقاء. النصف الثاني من السهرة كان مع المطربة الشابة بيدر البصري، التي جمعت جمال الصوت وجمال الوجه والقامة، وحضورا مسرحيا باهرا، وبيدر ولدت في بغداد من أم وأب فنانين، ترعرت وكبرت في سوريا حيث درست الموسيقى غناء أوبرا ورقص الباليه، تابعت دراستها في «الكونسرفتوار» الملكي في لاهاي، ولها دراسة عميقة في الغناء العربي، وتاريخ أكبر من سنوات عمرها في حفلات فنية عبر مسارح العالم الشهيرة. أطربت الحضور بأجمل الموشحات العراقية والمواويل والطقاطيق العربية الأصيلة. رافقتها فرقة تونسية من المعهد الأعلى للموسيقى بسوسة، ورافقها على العود صديق والدها عازف العود العراقي الرائع علي الامام . السهرة الثانية خصصت الجمعية بدايتها لتكريم مجموعة من عائلة الثقافة والفن والاعلام، اختارتهم من جيلين وبلدين عربيين : من الجيل الأول من تونس : الاعلامية درة بوزيد، رشأ التونسي، ولطفي بوشناق، ومن الجيل الشاب أنيس الأسود مخرج سينمائي وابن نابل. ومن سوريا كرمت الجمعية المخرج والفنان ممدوح الأطرش الذي يحمل تاريخا ثريا من الابداعات والمشاركات والانتاجات آخرها سيناريو أسمهان الذي شاهدناه في رمضان، والاعلامية الشابة ميزنة الأطرش مذيعة ومعدة برامج في التلفزيون السوري وتلفزيون أوربيت، وكان اختيار المكرمين معدا دون تسرع، وتكريم درة بوزيد في رأيي لفتة محترمة ومهمة جدا فدرة أعطت سنوات من عمرها في خدمة الاعلام والثقافة، ما عدا تأسيسها لأهم المجلات النسائية مثل فايزة ورياليتي نساء، هي أول من جعل من الرقص فنا محترما وأعطته بعدا ثقافيا انسانيا، سنوات طويلة نظمت ضمن سهرات مهرجان قرطاج سهرة مدارس الرقص، سهرة تجمع مجموعات من الراقصات والراقصين تتراوح أعمارهم من اربع سنوات الى ثماني عشر سنة، وكنت شاهدة على نجاح تلك السهرات لسنوات، تمتلئ المدارج بعائلات وأصدقاء الراقصين والراقصات ومحبي الرقص، كان الرقص والحضور راقيا ومتميزا على المسرح وعلى المدارج، اليوم نرقص على المدارج وعلى أنغام الأغاني الوطنية والرثاء.. . وطبعا المزود .وكانت بقية السهرة مع الفرقة النسائية اليابانية «بشرف» الذي كرمها أيضا المهرجان، بقيادة عازفة العود يوشيكو ماتسودا التي تعلمت العزف على يد الفنان علي السريتي، وشاركت وأبدعت بالغناء المغنية اليابانية ناوو كوبازو بأغان باللغة العربية تجاوب معها الجمهور وتناغم. وما يلفت النظر خلال هذه التظاهرة تجاوب الحضور في الصالة خلال السهرتين تجاوبا كاملا وشاملا مشجعا وهادئا، وهذا معناه أن الفن المحترم يجلب جمهورا محترما، والجمهور المحترم يجعل الفن محترما وراقيا. آفاق هذا وتعتزم الجمعية تنظيم أيام الجامعة التونسية للمسرح أيام 10 و11 و12 فيفري 2011 و تنظيم مهرجان متوسطي للفوتوغرافيا(فوتوماد) ايام 26 و27 و28 مارس 2011، بالاضافة الى تنظيم ملتقى شعري «قوافي المتوسط» أيام 1 و2 و3 ماي 2011 كما ستعمل الجمعية أيضا على الاحتفال بمائوية الأديبين محمود المسعدي ومحمد البشروش من خلال المشاركة في الأنشطة التي سيتم تنظيمها أو من خلال تظاهرة خاصة بالأديبين تقدم الاضافة و تتميز في شكلها و محتواها. كانت شموسا دافئة، ومثل هذه الجمعية تحمل الأمل أن كل شيء ممكن مع شباب يؤمن أن الثقافة مفتاح الحضارة وأن الحضارة هي الرهان الوحيد لنواكب التقدم ونكون أهلا لما حملناه من تاريخ مجيد.