يعتبر العامل الأمني العنصر الرئيسي في ما يخص مسار الاستفتاء في السودان أي في عملية الاستفتاء بحد ذاته وفي ما سيعقبها في حالتي المصادقة على انفصال الجنوب او رفض هذا الاحتمال. وتوفر احداث يوغسلافيا السابقة وانتخابات البوسنة اوكوسوفو حالات نموذجية تقاس على أساسها مواقف الحكومات العربية بما فيها حكومة السودان المشتركة. وتسمح قراءات التطورات الممكنة بتحديد احتمالين رئيسيين وسلسلة من الاحتمالات الفرعية... ويعني احتمال «الهدوء» من عملية الاستفتاء الى تكريس النتائج على أرض الواقع أن الوضع سيكون مثاليا (في هذه الحالة) وان الاختلافات والخلافات البسيطة ستوصل المسار الى النهاية مهما كانت النتيجة لصالح انفصال الجنوب او تواصل الوحدة. وبما أن الخبراء يرجحون احتمال التصويت لصالح الانفصال فان امكانية الهدوء تعني أن المسار سيكون عاديا الى حين ميلاد دولة جديدة في جنوب السودان ولكن نفس الخبراء لا يتوقعون مسارا هادئا ويحذرون من تدهور محتمل للوضع في جنوب السودان او في شماله أو في دارفور. وفي حال تفجر الوضع يفترض أن يكون موقف العرب مؤيدا للموقف السوداني ولكن وحدة الموقف سواء داخل الحكومة السودانية التي تضم شماليين وجنوبيين أو عبر العالم العربي تكاد تكون أمرا غير مسبوق. والى حد هذه اللحظة تظل حكومة السودان مع الاستفتاء الهادئ ومع دعم أي نتيجة للاستفتاء وهذا هو موقف الدول العربية التي سبق لها أن دعمت استقلال الجمهوريات اليوغسلافية والتي تعمل من جانب آخر على الحصول على دعم المجموعة الدولية لاقامة الدولة الفلسطينية. ولكن السودان والبلدان العربية الأخرى تعرف جيدا أن انقسام يوغسلافيا السابقة لم يتم فقط عبر عمليات انتخابية بل شهد أيضا عدة حروب. وكانت احداث يوغسلافيا السابقة بمثابة انذار للعرب ومن أنذر فقد أعذر» وهذا أيضا ما يعرفه العرب من مثلهم...» وما لا نعرفه هو فقط ما اذا كان العرب فهموا الدروس السابقة. نفترض ذلك...ولا نستبعد عكسه وكل شيء ممكن بما في ذلك حدوث أول تغيير كبير في الخارطة العربية.