بعد يوم مشحون من المواجهات والاحتجاجات وسط العاصمة (شارع الحبيب بورقيبة) ومختلف المدن وما يُشبه حالة الرعب والهلع الّتي هزّت المواطنين والعائلات طيلة اليوم جرّاء حالة الانفلات وكثافة مظاهر التخريب والنهب التي شملت محلات وأملاك عموميّة وخاصّة. وبشكل دراماتيكي فيه الكثير من الانتظاريّة والرهبة والخوف كذلك على وضع ومصير البلاد، في لحظة تاريخيّة وفي ظلّ ما عرفته جلّ مناطق البلاد من حالة شلل كامل وحالة احتقان قياسيّة في الشارع التونسي ضدّ شخص الرئيس بن علي وأصهاره في مختلف الجهات والمدن والقرى والأحياء الشعبيّة ومُطالبة بإجراء تغيير حقيقي يستجيب لتطلعات الشعب في الحرية والكرامة ومُحاسبة كلّ المخطئين على امتداد السنوات الأخيرة والمورطين في عمليات الرشوة والإثراء الفاحش لبعض الفئات وخاصة من بين أصهار الرئيس زين العابدين بن علي وتسارع للأحداث وتواترها وسط الأوساط المختلفة وفي مواقع الأنترنات، ترقّب التونسيّون الحدث الهام الّذي قالت قناة تونس 7 إنّه حدث تاريخي وهام والّذي بثّتهُ على تمام الساعة السابعة مساء من يوم أمس. وكان الحدث هو الآتي: طبقا لأحكام الفصل 56 من الدستور أعلن السيد محمد الغنوشي الوزير الأول توليه بداية من يوم أمس سلطات رئيس الجمهورية. وتلا السيد محمد الغنوشي بحضور السيدين فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب وعبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين بيانا هذا نصّه: «بسم الله الرحمان الرحيم، أيها المواطنون، أيتها المواطنات، طبقا لأحكام الفصل 56 من الدستور الذي ينص على أنه في صورة تعذر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض سلطاته إلى الوزير الأول، واعتبارا لتعذر على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بصفة وقتية أتولى بداية من الآن ممارسة سلطات رئيس الجمهورية، وأدعو كافة أبناء تونس وبناتها من مختلف الحساسيات السياسية والفكرية ومن كافة الفئات والجهات إلى التحلي بالروح الوطنية والوحدة لتمكين بلادنا التي تعز علينا جميعا من تخطي هذه المرحلة الصعبة واستعادة أمنها واستقرارها. وأتعهد خلال فترة تحملي هذه المسؤولية باحترام الدستور والقيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تم الإعلان عنها وذلك بكل دقة وبالتشاور مع مختلف الأطراف الوطنية من أحزاب ومنظمات وطنية ومكونات المجتمع المدني. والله ولي التوفيق». الدستور وبالعودة إلى الدستور التونسي، يقول الفصل 56 (نقح بالقانون الدستوري عدد 51لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002) «لرئيس الجمهورية إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوّض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول ما عدا حق حل مجلس النواب، وأثناء مدة هذا التعذر الوقتي الحاصل لرئيس الجمهورية تبقى الحكومة قائمة إلى أن يزول هذا التعذر ولو تعرضت الحكومة إلى لائحة لوم. ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بتفويضه المؤقت لسلطاته. ويجري منذ هذا الإعلان / الحدث جدل قانوني بين عدد من المختصّين في القانون الدستوري حول صواب ما تمّ الإعلان عنه ومدى ملاءمة الكلمة التي ألقاها السيّد محمّد الغنوشي الوزير الأوّل للفصل الدستوري المذكور. من هو السيّد محمّد الغنوشي؟ وُلد السيّد محمّد الغنوشي في 18 أوت 1941 بمدينة سوسة، وبعد دراسته الثانويّة في المعهد الثانوي بسوسة تحصّل على الأستاذيّة في العلوم السياسيّة والاقتصاديّة بالجامعة التونسيّة قبل أن يتمكّن من النجاح والالتحاق بالمدرسة الوطنيّة للإدارة والقيام بتربّص في وزارة المالية الفرنسيّة بباريس. ومباشرة إثر عودته إلى تونس اندمج السيّد محمّد الغنوشي عبر عدّة وظائف بكتابة الدولة للتخطيط والاقتصاد وعيّن في سنة 1975 مديرا للتخطيط العام وفي 27 أكتوبر 1987 أصبح وزيرا معتمدا لدى الوزير الأوّل زين العابدين بن علي مكلّفا بالتخطيط. وبعد 7 نوفمبر 1987 تقلّد السيّد محمّد الغنوشي المهام الوزاريّة التالية: 26 جويلية 1988 وزيرا للتخطيط 11 أفريل 1989 وزيرا للتخطيط والمالية 3 مارس 1990 وزيرا للاقتصاد والمالية 20 فيفيري 1991 وزيرا للمالية سنة 1992 وزيرا للتعاون الدولي والاستثمار الخارجي وحافظ على هذه الحقيبة الوزاريّة الأخيرة إلى حدود 17 نوفمبر 1999 عندما تمّ تعيينه وزيرا أوّل وعلى مستوى المهام الحزبيّة التحق السيّد محمّد الغنوشي بالديوان السياسي للتجمّع الدستوري الديمقراطي سنة 2002 وعيّن لاحقا نائبا ثانيّا لرئيس التجمّع، ومنذ 5 سبتمبر 2008 أصبح نائبا لرئيس التجمّع بعد مُصادقة مؤتمر التجمّع على قصر نواب رئيس التجمّع إلى نائب واحد عوض نائبين إثنين. والسيّد محمّد الغنوشي متزوّج وأب لطفلين.