كتب الصحافي والكاتب روبرت فيسك مقالا نشرته صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية أمس يتحدث فيه عن «فجر جديد يبزغ في العالم العربي» في اعقاب الثورة التونسية ونشر المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية: «الوثائق الفلسطينية دامغة بقدر وعد بلفور. «السلطة» الفلسطينية وقد وضعت هذه الكلمة بين علامتي تنصيص كانت مستعدة، وهي مستعدة، للتنازل عن «حق العودة» لنحو سبعة ملايين لاجئ إلى الأراضي التي تقوم عليها الآن إسرائيل من أجل «دولة» يمكن أن تكون على مساحة 10 بالمئة (على أقصى تقدير) من مساحة فلسطين في عهد الانتداب البريطاني. وبينما يجري الكشف عن تلك الأوراق الرهيبة، يطالب الشعب المصري بسقوط الرئيس مبارك، ويعين اللبنانيون رئيسا للوزراء داعما لحزب الله. نادرا ما شهد العالم العربي شيئا كهذا. لنبدأ بالأوراق الفلسطينية: من الواضح أن ممثلي الشعب الفلسطيني كانوا مستعدين لتدمير أي أمل في عودة اللاجئين إلى وطنهم. سيكون الأمر سببا وهو سبب بالفعل لغضب الفلسطينيين حين يعلمون كيف أدار ممثلوهم ظهورهم لشعبهم. ليست هناك طريقة يمكن بها، في ضوء هذه الأوراق، جعل هؤلاء الأشخاص يؤمنون بحقوقهم الخاصة. لقد رأوا بالصورة وعلى الورق أنهم لن يعودوا. لكن عبر العالم العربي ولا يعني هذا العالم الإسلامي هناك الآن فهم لحقيقة لم تكن هناك من قبل. ليس من الممكن بعد الآن للعرب في العالم العربي ان يكذبوا على بعضهم البعض. لقد انتهى زمن الكذب. كلمات قادتهم التي هي للأسف كلماتنا (في الغرب) قد انتهت. نحن الذين قدناهم إلى هذه النهاية. نحن الذين أخبرناهم بهذا الكذب. ولا يمكننا أن نعيد اختلاق كذباتنا مرة أخرى. في مصر، أحببنا نحن البريطانيين الديمقراطية. لقد شجعنا الديمقراطية في مصر حتى قرر المصريون أنهم يريدون إنهاء الحكم الملكي. حينها وضعناهم في السجون. ثم أردنا المزيد من الديمقراطية. وكانت الحكاية القديمة ذاتها. وكما أردنا للفلسطينيين أن يتمتعوا بالديمقراطية، بشرط ان يصوتوا للأشخاص المناسبين، فقد أردنا أن يحب المصريون حياتنا الديمقراطية. والآن في لبنان، يبدو أن الديمقراطية اللبنانية يجب أن تتخذ مسارها. ونحن لا نحب ذلك. نريد من اللبنانيين، بالطبع، أن يدعموا الأشخاص الذين نحبهم، أي المسلمين السنة الذين يدعمون رفيق الحريري. والآن يتم في شوارع بيروت إحراق للسيارات وأعمال عنف ضد الحكومة. اذن إلى أين نتجه؟ هل يمكن أن يختار العالم العربي قادته بنفسه؟ هل يمكن أن نرى عالما عربيا جديدا لا يسيطر عليه الغرب؟ حين أعلنت تونس أنها كانت حرة، التزمت هيلاري كلينتون بالصمت. لقد كان رئيس إيران المندفع هو الذي قال إنه كان سعيدا لرؤية دولة حرة. لم كان ذلك؟ في مصر، يبدو مستقبل حسني مبارك أكثر سوءا. قد يتم اختيار ابنه ليخلفه. لكن هناك خلافة واحدة في العالم الإسلامي، وهي في سوريا. ليس ابن حسني هو الرجل الذي يريده المصريون. فهو رجل أعمال خفيف الوزن قد يكون أو لا يكون قادرا على إنقاذ مصر من فسادها. قائد جهاز الأمن لدى حسني مبارك، عمر سليمان وهو مريض جدا، قد لا يكون الرجل المطلوب أيضا. وفي هذا الوقت، عبر الشرق الأوسط، ننتظر لنرى سقوط أصدقاء أمريكا. وفي مصر، لا بد أن مبارك يتساءل إلى أين سيسافر. وفي لبنان، أصدقاء أمريكا في انهيار. هذه نهاية عالم الديمقراطيين في الشرق الأوسط العربي. ولا ندري ما الذي سيأتي بعد ذلك. قد يكون التاريخ هو الوحيد القادر على الإجابة عن هذا السؤال.